محمد بلوط
استعادة فرنسية للحوار المباشر مع «حزب الله»، ومحاولة فاشلة لاستعادة العلاقة الأمنية مع سوريا عبر لبنان. الحرب الفرنسية على «جناح حزب الله العسكري» ووصمه بالإرهاب أوروبيا، طويت موقتا.
مقدمات المراجعة بدأت في الأسبوع الماضي. استعاد الفرنسيون ما انقطع من الاتصالات مع «حزب الله»، عندما دعوا النائب عن «كتلة الوفاء للمقاومة» الدكتور علي فياض، إلى لقاءات في مركز التحليل والاستكشاف في الخارجية الفرنسية. باريس انتهزت فرصة الندوة البرلمانية الفرنسية المفتوحة حول تحريم عقوبة الإعدام، لتوجه دعوات إلى ثلاثة نواب لبنانيين: سمير الجسر، غسان مخيبر وعلي فياض. ولكن وحده فياض، في الطريق إلى مبنى البرلمان الجمعة الماضية، نزل من موكب زملائه ليحل ضيفا على الخارجية. ووحده فياض كان معنيا باستكشاف المسافة بين مواقف الطرفين الفرنسي واللبناني، والقواسم المشتركة بينهما، في القضايا الداخلية اللبنانية، والدور الذي يؤديه حزب المقاومة في الملف السوري.
لم يكن النائب اللبناني موفدا من قبل «حزب الله» إلى جلسة مراجعة لموقف الخارجية الفرنسية منه، خصوصا بعد الدور الرئيسي الذي لعبته باريس في وضع «الجناح العسكري لحزب الله» على لائحة الإرهاب الأوروبية، في ذروة الضغوط التي مورست عليه بعد معركة القصير، لعزله وتدفيعه ثمن تحديه للتحالف الخليجي الغربي في سوريا. النائب اللبناني انتقد التوقيت الأوروبي للهجوم على الحزب، وحَمَّلَ مَن وَضَعَهُ على لائحة الإرهاب الأوروبية، مسؤوليةَ ما يتعرض له بعض اللبنانيين في دول الخليج من أبعاد.
لكن مجرد قفز الفرنسيين فوق الحواجز التي نصبوها بأنفسهم في التواصل مع «حزب الله»، يثير اسئلة عما اذا كان اللقاء مع فياض، بداية حقيقية لتغيير المواقف الفرنسية، على وقع الفشل المدوي للديبلوماسية الفرنسية في سوريا وسقوط رهانها على المعارضة.
من المبكر الاجابة على ذلك. ولكن الخارجية الفرنسية اختبرت في الحوار مع علي فياض، معنى التمييز في العلاقة بين الجناح العسكري «الارهابي» للحزب اللبناني والجناح السياسي. فاللقاء تم بدعوة منها، وعلى الاراضي الفرنسية، ولم يقع بمحض الصدفة او على ارض محايدة.
استطلع الفرنسيون مسارات مواقف «حزب الله» بعد استعادة النظام السوري للمبادرة، وانصب الحوار على اثار الحرب السورية على لبنان، وموقف الحزب من سيناريوهات تفضي الى تغيير النظام السوري، وحاولوا الدخول في تفاصيل العملية الانتقالية السورية. فياض شرح مبررات التدخل في سوريا، والتقى معهم في ضرورة الحل السياسي. قال لمحدثيه انه لو كانت الازمة في سوريا مقتصرة على الصراع من اجل الديموقراطية، لاعتبر الحزب ذلك شأنا داخليا سوريا. لكن احدا لا ينكر تحول سوريا الى ساحة صراع دولي، وقد تدخلنا استباقيا، لحماية الاستقرار اللبناني المهدد. وقال فياض ان الخطر التكفيري، لا يهدد سوريا وحدها، بل يشمل لبنان والعراق، وان انفلات بيئة متطرفة، يهدد الجميع، ويفتح ابواب الجحيم.
ويلتقي النائب اللبناني مع محادثيه الفرنسيين على الاستقرار في لبنان وضرورة الحفاظ عليه. الخارجية الفرنسية وعدت بالقيام بتحرك دولي قريب، وهي تجري مشاورات مع روسيا للمبادرة الى تفاهمات تحمي الاستقرار اللبناني، وتسهيل الاستحقاقات السياسية التي تنتظر لبنان. وقالت الخارجية لضيفها ان فرنسا ستعمد الى اجراءات اضافية لدعم الجيش، وبحث قضية النازحين السوريين، والبحث في مسار اقتصادي دولي لمساعدة لبنان لم يتبلور اطاره حتى الآن.
21/5/131015
https://telegram.me/buratha