اعداد: حيدر الجراح
أعلنت اللجنة المانحة لجائزة نوبل أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تشرف على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية فازت بجائزة نوبل للسلام لعام 2013.
في كل عام ومنذ تقديم الترشيحات لجوائز نوبل بفروعها المختلفة وحتى اعلان النتائج، يحتدم الجدل حول دوافع الترشيح واسماء الفائزين، واكثر مايكون ذلك في مجالات الادب والسلام..
لايقتصر هذا الجدل في البلدان التي لم تفز باي جائزة منها، بل يمتد ليشمل الكثير من البلدان الاوربية وحتى امريكا نفسها.
في مقالته في الواشنطن بوست والتي حملت عنوان: (على اوباما اتخاذ خطوات لتجاوز قيود جائزة نوبل السياسية) يكتب الصحفي رونالد كيربس):إن المشكلة الحقيقية في جائزة السلام، كما اكتشف الفائزون السابقون بها، هي أن الكسب ليس كل ما صنعت الجائزة لتحقيقه. ويمكن للجائزة أن تأتي بنتائج عكسية على المكرمين والقضايا التي تبنوها. وفي حالة أوباما، ربما يكون للجائزة تأثير معاكس على ما يأمله حشد أوسلو. وربما تجعل أوباما أكثر انكباباً على تصعيد المشكلة أكثر من نزع فتيلها، وعلى المواجهة أكثر من الإنخراط). ويضيف: (نعم، لقد كانت الجائزة مدفوعة بدوافع سياسية. لكن جائزة السلام عادة ما كانت تسعى إلى تعميق رؤية ليبرالية ما في الشؤون العالمية.
في الماضي، كانت لجنة نوبل تصر على أن تعزز الجائزة قضايا الفائزين بطرق غامضة، لكنها قوية: إنها ترفع من مكانة المنظمات، والأفراد والقضايا، وتدفع بمستوى الدعم لحل الصراعات بالطرق السلمية، وتركز الانتباه والسخط العالميين ضد الأنظمة القمعية.
لكن الجائزة نادراً ما فعلت الكثير لخلق انتباه إعلامي عالمي دائم بالقضايا المهملة، كما لم تقدم الكثير من الحفز والدعم لعمليات السلام الناشئة أو الجارية. والأسوأ من ذلك، هو أن المعارضين والمدافعين عن الديمقراطية ممن تكرمهم لجنة نوبل –وهم فئة من الفائزين ظلت تنمو بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين- قد وجدوا أنفسهم، وخاصة مهماتهم، وقد أصبحت هدفاً للدول القمعية التي تصاب بشد عصبي.
في أفضل الأحوال، تغير جائزة نوبل للسلام القليل. وفي أسوأ الأحوال، تضع الديناميات السياسية التي تنتج بالضبط عكس الأثر الذي تكون لجنة الجائزة قد سعت إلى إحداثه.
وحول الدوافع السياسية التي تختفي وراء الكثير من جوائز نوبل، ومن جردة للكثير من اسماء الفائزين بها يمكن رؤية الخطوط السياسية الناعمة فيها.. ففي عام 1975منحت الجائزة الى المنشق السوفييتي أندريه زخاروف، ومنحت الى مؤسس حركة "تضامن" البولندية.المناهضة للسوفييت ليخ فاليسا عام 1983، والكاهن الأكبر لديانة "المحرقة" اليهودية أيليا ويزل عام 1986، والمنشق الصيني الدايلي لاما عام 1989، ورئيس الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف عام 1990.
وفي عام (1973م) منحت جائزة نوبل مشتركة لهنري كيسنجر (وزير الخارجية الامريكي الاسبق) و (لي دوك تو) من فيتنام وقد رفضها. عام (1978م) منحت لكل من محمد انور السادات (الرئيس المصري الاسبق) ومناحيم بيغن (رئيس وزراء اسرائيل) بعد توقيعهما اتفاقية السلام، أما عام (1994م) فقد منحت لكل من ياسر عرفات ومناحيم بيغن وشيمون بيريز، على اثر اتفاقيات السلام بين السلطة الفلسطينية وحكومة اسرائيل، والمعارِضة الإيرانية شيرين عبادي عام 2003، ورئيس هيئة الطاقة النووية الدولية محمد البرادعي عام 2005،
ويقر المتابعون ان الجائزة هى جائزة سياسية بامتياز, وهناك بالطبع استحقاق لمن يحصل عليها فى مجاله, من حيث الكفاءة , وهذا ليس محل شك, ولكن الكفاءة ليست العامل الوحيد, فهناك عوامل اخرى تزيد من اسهم الحاصل عليها, وهو مايفسر تنحية اشخاص اكثر كفاءة عن نيل الجائزة باعتراف جميع المتخصصين.
ومن أهم الانتقادات التشكيك في نزاهتها خاصة في مجال السلام والاقتصاد حيث كانت دول الكتلة الإشتراكية والاتحاد السوفيتي تقول ان الجائزة في الاقتصاد تمنح فقط لأصحاب الفكر الاقتصادي الرأسمالي. وقد لاقى اختيار فرانسيس فوكاياما لجائزة نوبل في الفيزياء انتقادات لاذعة وقيل أن هذا تكريس لليبرالية وللقيم الغربية.
وإذا كانت بعض النخب العربية تتهمّ مؤسسة نوبل و أعضاءها بالميل لصالح اليهود فإنّ هذا الإتهام تتبنّاه نخب غربيّة تعتبر الجائزة سياسية في بعدها و تخدم العولمة الأمريكية الإسرائيلية على وجه التحديد وهذا ما جعل بعض المبدعين الغربيين يرفضون قبول هذه الجائزة بسبب خروجها عن إطارها الثقافي و بسبب تحولها إلى جائزة سياسية بالدرجة الأولى , و على الرغم من أنّ رئيس لجنة نوبل للسلام أولى دنبولت ميوس يعتبر بأن الجائزة تعتبر أكثر الجوائز قيمة وشهرة في العالم وأنّ حظّ الغربيين منها كبير نظرا للكفاءة العالية التي يتمتعون بها , إلاّ أنّ ذلك لم يمنع أحد الكتّاب الإسرائيليين من القول بأنّ ربع جوائز نوبل في مختلف أفرععها حصل عليها يهود بإمتياز.
والأكثر من ذلك فإنّ الأكاديمية السويدية تنطلق من مبدأ العليّة الغربية و المركزية الأوروبية التي تعتبر أنّ الغرب هو أساس التفوق كما كان يقول نيشة و مونتسكيو الذي كان يقول أنّ الذكاء موجود في الشمال أي الغرب و الجهل موجود في الجنوب أي في العالم الإسلامي والعالم الثالث وهذا ما يعبرّ عنه مدير الأكاديمية بقوله ويشير أنّ المجتمع الغربي يمتلك جامعات جيدة ومؤهلة ومهيأة بقدرة عالية في المناهج والتقنية، في حين تفتقر مجتمعات أخرى تلك الخاصية وخصوصاً مجال العلوم مثل الطب والدواء والفيزياء.
ويحتدم النقاش في الاوساط الادبية والثقافية بين المعترضين والمناصرين لمرشحي جائزة نوبل. ويعتقد الكثير من المراقبين أن منح هذه الجائزة في مجالي الأدب والسلام لا يخلو من دلالات سياسية. فعلى سبيل المثال لم يحصل السياسي والفيلسوف الهندي المعروف المهاتما غاندي على هذه الجائزة، على الرغم من أنه رشح لها 12 مرة. كما لم يحصل عليها عمالقة الادب العالمي مثل الكاتب الروسي ليف تولستوي وأنطون تشيخوف.
وقال الكاتب الفرنسي مارك هولتير بهذا الصدد: "في الحقيقة ان حوالي 70% من حالات منح جائزة نوبل جاءت لاعتبارات سياسية. مثلا بالرغم من أنني اعتبر الكسندر سولجنستين كاتبا كبيرا. فقد تم منحه الجائزة بسبب وقوفه ضد نظام تنتقده لجنة منح الجائزة، وليس نتيجة إبداعاته الأدبية".
ويعتبر الصحافي الأميركي سكوت لندن المتخصص أيضا في «نوبل»، أن عددا متزايدا من الأشخاص حول العالم ينتقدون هذه الجائزة التي باتوا يعتبرونها مسيسة، وأن «الفائزين يتم اختيارهم ليس على أساس استحقاقهم بقدر ما هو على القيمة الإعلانية المنسوبة إليهم».
واعتبر الباحث اللبناني سعد الله مزرعاني جائزة نوبل للسلام بأنها جائزة سياسية تخضع للمقاييس والمفاهيم والقيم السياسية الأوروبية، حيث أن التسييس يشمل أحيانا المجالات الأخرى التي هي بطبيعتها غير مسيسة كالجوائز في مجالات العلوم والآداب وغيرها.مؤكدا أنها يجب أن تكون منصفة وعادلة، وأنه أمر لا ينطبق على معظم من حصل عليها، منوها الى أنه لا يمكن فصل الإتحاد الأوروبي عن حلف الناتو، وعن عدم التحرك للقيام بأي عمل من شأنه إحداث سلام في منطقة الشرق الأوسط كما في القضية الفلسطينية.
وأضاف: من خلال حوالي المئة وعشرين شخص وجمعية الذين حصلوا على هذه الجائزة، يتبين أن الإعتبارات العامة التي تحكم السياسات الغربية والأميركية هي التي توجه عمل هذه الجائزة، فهي ليست جائزة تخضع لمقاييس محايدة ومتفق عليها وتستلهم قيم مجردة متفق عليها، هي تخضع للمقايس التي يعتمدها فريق هو جزء من اللوحة العالمية للصراع، وهو الفريق الاوروبي الاميركي بشكل عام، ولذلك لاحظنا أن عددا من رؤساء الجمهوريات الأميركية حصل على هذه الجائزة وآخرهم كان أوباما عام 2009.
وتابع: إن هذه الجائزة وإن كانت سياسية لأنها تتناول قضايا سياسية، فإنها ينبغي أن تكون منصفة وعادلة، وهذا الأمر لا ينطبق على الذين حصلوا عليها في معظم الحالات.
..................
6/5/131014 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha