لم تكد تمر ساعات قليلة على انتهاء أعمال الهيئة العامة للأمم المتحدة، حتى سرت موجة من التكهنات والمعلومات المتضاربة لأصحاب وجهات النظر المختلفة، وذلك في ظل تسريبات متعمدة شكلت بمجملها تقاطعات واضحة من شأنها أن تحدد الخطوات المتممة للصفقة الأميركية الروسية التي تحولت إلى أمر واقع جديد فرض نفسه على صغار اللاعبين.
غير أن دبلوماسي عربي يعمل في الأمم المتحدة أكد على جملة تسريبات، أبرزها التوافق الأممي على حل سياسي للأزمة السورية، يبدأ من مؤتمر جنيف، الذي تقرر مبدئياً في منتصف تشرين الثاني المقبل، الا اذا انتهت التحضيرات اللازمة قبل ذلك الموعد، على أن يعطى النظام السوري المزيد من الوقت لترتيب بيته الداخلي والقضاء على مجموعات ارهابية متطرفة مطلوبة من قبل القضاء العالمي ومن جهاز "الانتربول"، وهي تتمركز في أماكن معروفة من قبل المجتمع الدولي، وبدأت تشكيل خطر مباشر على الدول الأوروبية الصديقة والحليفة لواشنطن، بعد أن تمكنت من السيطرة على أعداد كبيرة من الأسلحة المرسلة أساساً إلى "الجيش السوري الحر"، والذي لا تستبعد أن يعود هذا الأخير الى حضن النظام بعد تسوية يتم العمل عليها، واثمرت كبداية سحب اعترافه بـ"الائتلاف السوري الوطني" المعارض، وبرئيس الحكومة المؤقتة الذي كان "الائتلاف" قد سماه في وقت سابق.
في هذا السياق يكشف الدبلوماسي أن العمل بدأ بشكل جدي وسريع على ترتيب جدول الأعمال المفترض لجنيف 2، ولتحضير جدول بأسماء الدول المشاركة، وابلاغها بالأمر قبل الموعد بوقت غير قصير على أن تستفيد بدورها من حوارات جانبية تجريها مع دول الجوار، خصوصاً بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والسعودية، مع الاشارة إلى أن هناك أكثر من علامة على أن الأخيرة بدأت تتوجس فعلاً على دورها المستقبلي، في ظل ما وصفه الدبلوماسي القرار الأميركي الروسي المشترك بالقضاء على دور التشدد الذي تلعبه لجهة دعم "الأخوان المسلمين" من جهة والحركات الأصولية والمتطرفة من جهة ثانية.
استنداداً إلى ما تقدم، لا يستبعد المصدر أن تشهد المدة الفاصلة عن موعد مؤتمر السلام السوري الكثير من التطورات الميدانية والعسكرية في سوريا والسياسية في أكثر من بلد معني، على غرار تركيا والسعودية ولبنان على حد سواء، فالجميع بات في مرحلة اعادة الحسابات بصورة جدية، لا سيما أن الوقت يلعب في هذه المرحلة الحساسة إلى جانب التسوية، بدليل المرونة التي يبديها المعنيون بدءاً من روسيا التي تصر على تنفيذ الاتفاق بشأن الكيمائي، مروراً بواشنطن التي فتحت قنوات اتصالاتها على أكثر من خصم سابق، وليس انتهاء بما قاله الرئيس السوري بشار الأسد حول التزام بلاده باتفاقاتها مع المجتمع الدولي، فضلاً عن ارتفاع أصوات دولية واقليمية تعرب عن خشيتها من تعاظم دور "القاعدة"، وخطر هذا الدور عليها وعلى الأمن الاقليمي والأممي على السواء.
الا أن ما لم يكشفه الدبلوماسي هو مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وإن كان اعترف بدوره في التسوية، وذلك على اعتبار أن روسيا وأميركا لم يتوافقا بصورة نهائية على مرحلة ما بعد التسوية، ففي حين اعترفت واشنطن وادارتها الخارجية بالدور السوري في مرحلة المفاوضات، أصرت روسيا على ترك مشهد النهاية للشارع السوري الذي بيده وحده اسقاط الرئيس الأسد في عملية ديمقراطية وانتخابية أو اعادة التجديد له بالطريقة نفسها.
28/5/13101
https://telegram.me/buratha