شهدت مدينة الخرطوم منذ يوم الاثنين الماضي عدد من الاحتجاجات شملت عدة مدن في السودان ردا على قرار الحكومة السودانية رفع أسعار الوقود إثر تعليق الدعم الذي كانت تقدمه، في سياق ما تقول إنه اصلاحات اقتصادية.
وفي سياق متصل دعا ناشطون في السودان إلى تنظيم مظاهرات جديدة عقب صلاة الجمعة احتجاجا على قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات وما وصفوه بقمع الاحتجاجات التي وقعت خلال الأيام الماضية وسقط خلالها قتلى وجرحى.
اشتباكات مع الامن السوداني
وفي ذات السياق تأتي المتظاهرات المتوقعة غداة تقارير عن وقوع اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن في عدة مناطق من بينها الخرطوم وام درمان وبحري.
ومن جهة أخرى عززت قوات الأمن السودانية من وجودها في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم ونشرت أعدادا كبيرة من قوات الشرطة لحماية المباني الحكومية ومحطات بيع الوقود.
وتضاربت الأنباء بشأن عدد قتلى الاحتجاجات فقد أعلنت السلطات السودانية مقتل 29 شخصا بينما قالت جماعات معنية بحقوق الإنسان إن حصيلة القتلى تجاوزت 100 شخص، وإن العديد منهم قتلوا برصاص قوات الأمن.
الاحتجاجات قد تتحول الى ثورة
في غضون ذلك، حذر المعارض البارز ورئيس حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي الحكومة السودانية من التعامل بوحشية مع المتظاهرين.
وقال الترابي في بيان له إن كل الاحتمالات واردة بشأن تحول هذه الاحتجاجات إلي ثورة كبيرة على غرار ما حدث في بعض الدول العربية أو تلاشيها مع مرور الوقت.
وكان عدد من المدن السودانية قد تأثر بالاحتجاجات والاضطرابات التي أعقبتها مطلع هذا الاسبوع.
ووصف مراقبون هذه المظاهرات، التي أخذت منحى عنيفا وتسببت في إتلاف وحرق ممتلكات عامة وخاصة، بأنها الأوسع منذ تولي نظام الانقاذ السلطة في انقلاب عسكري في السودان عام 1989.
احراق وتدمير واغلاق للمدارس
وقام آلاف من المحتجين بإحراق سيارات ومحطات وقود وتصاعدت أعمدة الدخان وسط مدينة الخرطوم.
وقد أعلنت السلطات السودانية إغلاق المدارس في العاصمة السودانية حتى الثلاثين من سبتمبر / أيلول الجاري.
فيما قال مسؤولون أمنيون في وقت سابق بالسودان إن أربعة متظاهرين قتلوا الجمعة برصاص مسلحين مجهولين خلال المسيرات التي خرجت في العاصمة الخرطوم احتجاجا على قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات و "قمع" المتظاهرين.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن الأجهزة الامنية قولها إن "مسلحين لم تعرف هوياتهم أطلقوا النار الجمعة على متظاهرين في الخرطوم بحري وفي الخرطوم وأم درمان وقتلوا اربعة متظاهرين".
تنديد باستخدام الرصاص ضد المدنيين
وقال شهود عيان إن "المئات من الأشخاص الذين شاركوا في تشييع الجثمان خرجوا في مسيرات تندد بلجوء القوات الامنية إلى إطلاق الرصاص لقمع المحتجين".
وأضافوا أن " المسيرة سارت لمسافات طويلة في شارع الستين وهو من أطول الشوارع في الخرطوم قبل أن تتدخل قوات الشرطة لتفريقهم باستخدام الغاز المسيل للدموع".
الامن يخفق في التعامل مع المحتجين والداخلية تعتقل 600 شخص
وأفادت تقارير أن قوات الأمن خففت من انتشارها الكثيف في شوارع مدن العاصمة السودانية وأحيائها بعد أن كانت قد تحولت إلى ما يشبه الثكنة العسكرية خلال الأيام الماضية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها: "اعتقل 600 شخص لمشاركتهم في أعمال تخريب وسيحاكمون الأسبوع المقبل".
وكانت الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف يطالبون باستقالة الرئيس عمر حسن البشير، بعد أن اتهمت جماعات حقوقية قوات الأمن بقتل عشرات المحتجين في أسوأ اضطرابات تشهدها مناطق وسط السودان منذ سنوات.
بداية الاحداث والحصيلة 43 قتيل
وحسب ناشطين ومصادر طبية، قتل 43 شخصا في العاصمة السودانية وحدها يوم امس الجمعة الماضي ، في حي شمبات (الخرطوم بحري) وحي بُرّي (شرق الخرطوم).
أما أم درمان فلا معلومات عن عدد القتلى الموثق أو حتى التقديري فيها، بسبب الحصار الشديد على المستشفيات.
وفي سياق متصل قال أطباء وناشطون إن القتلى سقطوا بإصابات بالرصاص الحي في الرأس والصدر.
تعتيم اعلامي باغلاق المكاتب
يذكر أن السلطات السودانية أغلقت مكتب سكاي نيوز عربية ومكتب قناة العربية في الخرطوم.
وردد حوالى الفي متظاهر هتافات "البشير قاتل" و "حرية .. حرية" في اليوم السادس على التوالي من الاحتجاجات التي قمعتها قوات الامن، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
تأسيس "تنسيقية التغيير" السودانية
أعلنت القوى الثورية في السودان تأسيس "تنسيقية التغيير"، التي أكدت في بيانها الأول أن الثورة السودانية مستمرة ولا عودة إلى الوراء، مؤكدة مقتل 116 متظاهراً برصاص الأمن خلال 6 أيام من الاحتجاجات على رفع الدعم عن الوقود.
وجاء في بيان إعلان تكوين تنسيقية قوى التغيير السودانية: "دأبت سلطة الجبهة الإسلامية منذ انقلابها في الثلاثين من يونيو 1989 على قهر وقمع الشعب السوداني، ولم تتورع عن إشعال الحروب وتقسيم البلاد ونهب مقدرات وثروات الشعب السوداني باسم الدين".
وتابعت: "هذه السلطة التي أذلت وقتلت أبناء شعبنا في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وقبلهم في محرقة الأهلية بجنوب السودان، واعتقلت وعذبت وقتلت المواطنين الشرفاء في الوسط والشرق والشمال، تواصل اليوم نفس نهجها في قتل المتظاهرين السلميين الذين قالوا لا لتحميل الشعب السوداني فاتورة ربع قرن من السياسات الفاشلة والفساد وسوء الإدارة والحروب. ونتائج هذا لم تعد تخفى على أحد، ففي كل بيت في السودان اليوم شهيد أو معتقل".
مقتل 116 شخص منذ بداية الاحداث
وقالت التنسيقية إن "آلة العنف والقتل واجهت المتظاهرين السلميين في الأيام الستة الماضية وسقط جراءها حتى الآن 116 بالرصاص الحي فضلاً عن مئات الجرحى والمعتقلين".
وواصل البيان: "ولما كان لزاماً على القوى العاملة من أجل التغيير والفاعلة من أجل مصلحة الوطن ومهمومة بقضاياه أن تجمع كل الجهود لمواصلة هذه الانتفاضة إلى نهاياتها بإسقاط هذا النظام الجاثم على صدر الوطن فقد اجتمعنا لتكوين تنسيقية لقوى التغيير من التجمعات الآتية: تحالف شباب الثورة السودانية، قوى الإجماع الوطني، والنقابات المهنية (نقابة الأطباء، لجنة المعلمين، نقابة أساتذة جامعة الخرطوم، التحالف الديمقراطي للمحامين، نقابة أطباء الأسنان)، وتحالف منظمات المجتمع المدني".
المطالبة بتنحي النظام
وترفع التنسيقية شعارات "تنحي النظام فوراً وحل كل أجهزته التنفيذية والتشريعية، وتكوين حكومة انتقالية تضم كل أطياف الشعب السوداني تتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية مقبلة، والمحاسبة والقصاص لكل من شارك في جرائم القمع والتعذيب والقتل في حق أبناء الشعب السوداني، وإيقاف الحرب الدائرة فوراً، ووضع الأسس للسلام المستدام عبر عملية مصالحة وطنية شاملة تخاطب بذور الأزمة السودانية".
وأكدت التنسيقية "إننا لن ننخدع بآلة الإعلام السلطوي الكاذب الذي يحاول أن يوصم هذه الانتفاضة المجيدة بجرائم التخريب الذي يرتكبه أفراد أجهزته الأمنية، بينما يقابل أبناء شعبنا يومياً سلطة القمع بصدور عارية وحناجر ملؤها الهتاف من أجل الحرية، وستستمر جماهير شعبنا الأبية في ثورتها المجيدة معتصمة بالشوارع ورافعة راياتها بالهتاف حتى تحقق مطالبها بالحرية والكرامة والسلام والعيش الكريم".
التنسيقية تطالب الجيش والشرطة بالتزام الحياد
وناشدت التنسيقية "كافة الشرفاء في الجيش والشرطة ألا تتلوث أيديهم بالمشاركة في سفك دماء أبناء الشعب السوداني، وألا يشاركوا مع ميليشيات النظام ومرتزقته في جريمة قتل الشعب السوداني".
الجدير بالذكر ان الرئيس السوداني خرج في مؤتمر صحفي الاثنين الماضي عزم حكومته زيادة أسعار المحروقات بقوله إن الدعم الذي تدفعه الحكومة للمحروقات يذهب إلى الأغنياء وليس الفقراء.
14/5/13929
https://telegram.me/buratha