جريدة المواطن
بغداد- كوثر ابراهيم
في ظل الاوضاع الاجتماعية التي يمر بها العراق، كثرت في الاوانة الاخيرة مسألة العرافات اوفتاحات الفال كما يقال.والعرافة هي ممارسة للتنبؤ بالمستقبل، وعادةً ما تمارس بشكل فردي باستخدام وسائل خفية أو خارقة للطبيعة، والغرض من وراء ذلك هو الكسب التجاري في الغالب، وكثيراً ما يتم الخلط بينها وبين الممارسة الدينية التي تعرف بالكهانة.ويصاب الزائر للعرافات او قارئات الطالع، بالدوار، إذ يجد ان الزحام الذي تكتظ به غرف الاستراحة للزبائن يفوق عدد المراجعين لاي طبيب.
هوس النساء
وتحدثت لنا العرافة أم صلاح بقولها، ان «اغلب النساء اللواتي ياتين الي، ربات بيوت، توجد لديهن مشاكل مع ابنائهن او ازواجهن، او عدم استطاعتهن على الانجاب، وبعض تلك الحالات اوفر لها نتائج مرضية، وبعضها يتأخر حسب تقبل الانسان للعلاج.وتشكو ام عمر، من ادمانها على مراجعة العرافات لاكتشاف المستور والحصول على توجيهات العرافة التي لا تملك في احيان كثيرة حلولا لمشكلاتها الخاصة، لاسيما وهي تعاني في اغلب الاحيان، مثل باقي الزبائن، من صداع مزمن بسبب ضغوط الحياة اليومية.وتقول أم علي، وهي أم لاربعة اولاد ومطلقة منذ اكثر من شهرين «انني اتردد على منزل العرافة للحصول على وصفة قد ترجع زوجي لي ولأولاده الاربعة، ولكنني لم احصل على اي شيء».وتقول صفاء وهي من الفتيات اللواتي يترددن على منزل العرافة باستمرار، كما يتردد اي مواطن الى عيادة الطبيب، انها تبحث عن زوج مناسب، وان جميع صديقاتها تزوجن بهذه الطريقة، إذ كن يسارعن الى منزل اقرب عرافة بعد انجذابهن الى احد زملاء العمل او الدراسة، لاستشارتها في بعض الامور الغامضة، وكشف المستور عن الشاب الذي حظي بقلب الفتاة.
مبالغ كبيرة
وعلى رغم من مرور اكثر من عام على مراجعة صفاء للعرافة المذكورة ودفعها مبالغ كبيرة عن كل عمل جديد تقوم بتحضيره لها، كان آخرها دفع مبلغ 200 دولار عن عمل وصفته المرأة بأنه اسطوري وسيدفع الى زواجها من اي شاب، ولكن لم تنجح الوصفة كما توقعت صفاء.وتقول اسماء 24 عاما انها اعتادت مراجعة احدى العرافات عندما تتخاصم مع خطيبها مصطفى، وتسأل عن الاسباب الكامنة وراء الخصام لأنها تعتقد ان السبب الرئيس وراء ما يحصل لها مع خطيبها هو وجود امرأة اخرى في حياته، وهذا الهاجس المستمر لديها جعلها زبونة دائمة لدى العرافات او فتاحات الفال، وهي لا ترى عيبا في ذلك، لاسيما ان هذه المسألة باتت ظاهرة شائعة بين الشابات والشبان في المجتمع العراقي، بل ان بعض الفتيات يقمن بزيارات دورية للعرافات للاستفسار عن الكثير من الامور الخاصة والعامة في حياتهن.
غياب الوعي الديني
عضوة لجنة الاسرة والطفولة النيابية هدى سجاد قالت ان «التردد على منازل العرافات لا يقتصر على النساء فقط بل ايضا موجود عند الرجال وهذا دليل على غياب الوعي الديني والثقافي، فضلا عن غياب اسس بناء اسرة جيدة. واشارت الى ان «المرأة تتوجه الى العرافة لحل مشاكلها وتظن ان المشكلة ستحل بهذه الطريقة لكن هذه المسالة تعد خاطئة لان الاسرة اليوم ينبغي ان تبنى على اسس ومقومات المحبة والمودة «، مضيفة ان «هذه الثقافة خاطئة وينبغي محاربتها بشكل نهائي»، معربة عن املها بان تكون المرأة العراقية ذات وعي وادراك بالمسؤولية، مشيرة الى ان ترددها على منازل العرافات سيخلق فجوة حقيقية بينها وبين الاسرة، داعية المرأة الى التسلح بالمعرفة لكي يتسنى لها الخروج من هذه المشاكل.
المثقفين يطرقون ابواب العرافات
أما اخصائي علم النفس عباس الاسدي فيقول ان «جميع البشر يتمنون معرفة ماذا سيحصل غدا، وتوجد بعض القضايا تمر بالمرأة العراقية خصوصا لا يمكن ان توصف لا امنيا ولا اجتماعيا، ولا يمكن ان تجد حلا، خصوصا انه في بعض الاحيان تمر المرأة بموقف يجعلها بحاجة الى حل سريع»، مضيفا انه ضمن الدراسات التي تم تحضيرها وجدنا استاذة جامعية في منزل احدى العرافات، وتقول انني سئمت من الحلول العلمية، مبينا ان التردد على منازل العرافات لا يقتصر على الانسان البسيط بل يشمل ايضا حتى المتعلم. ويضيف ان هدف العراف شيء واحد وهو اخراج الاموال من جيوب المواطنين بطريقة طيبة جدا، موضحا ان «هذه الطريقة منتشرة بشكل واسع في جميع المجتمعات لكن انتشارها يكثر في الازمات، مشيرا الى انه «كلما تشتد الازمات في المجتمعات، والعراق مجتمع متأزم، نشاهد ان الفتاة تبحث عن فرصة سواء اكانت زواجا او تعيينا لتحقيق هذا الهدف لذلك فان ابسط طريق تلجأ اليه هو طريق العرافات، فضلا عن ذلك وجدنا ان صالونات الحلاقة النسائية فيها قراءة كف، وفنجان ، وابراج الغرض منها جمع الاموال فقط ، مشيرا الى ان هكذا امور لا تنتهي بمعالجة يطلقها متخصص في علم النفس ولكن ينبغي استخدام العقل وتحليل الموقف الذي امامه، وعلى المؤسسات الاعلامية ان تشيع ثقافة الفكر والقراءة والمعرفة بالاضافة على المؤسسات الاكاديمية ان تشجع الطلبة للبحث في هكذا ظواهر ومحاولة ايجاد الحلول الناجعة لها، منوها انه «على اصحاب هكذا مهن ان يعرفوا انهم صيد سهل للناس، وهكذا قضايا في المجتمعات لا تحل بمشرط جراح او انسان متخصص على حد وصفه بل لابد على الانسان ان ينظم اموره».
العامل الاقتصادي
وعزا الباحث الاجتماعي ليث الياقوت انتشار هذه الظاهرة لغياب الوعي، والثقافة المتردية، فضلا عن وجود العامل الاقتصادي السيئ، وجميع ذلك ادى الى لجوء الناس الى ظواهر غير قدرية لذلك يفترض على الانسان الاعتماد على الباري تعالى ، مضيفا ان «هذه الظاهرة تتفاقم بوجود عدد من هؤلاء المشبوهين والنساء الراغبات للجوء الى هكذا مسائل لذلك لابد من نشر الوعي الصحيح وثقافة التوكل على الله، فضلا عن نشر ثقافة العمل الجاد لتحقيق مستوى الطموح، مشيرا الى انه ينبغي على وسائل الاعلام لعب دور مهم في هذا الموضوع من خلال التوعية ونشر البرامج الهادفة والرسائل الموجهة لمثل هكذا مواضيع، لانهاء هذه الظاهرة .
20/5/13918
https://telegram.me/buratha