حين ذهب ابو محمد الى إحدى الصيدليات لشراء اقراص لصداع الرأس، قال له الصيدلاني "تريد براسيتول أصلي لو عادي.. الاصلي بـ 1000 دينار، والعادي بـ (ربع)".
الموضوع الذي ينطبق على كل الادوية التي تباع في الصيدليات والمذاخر، أثار قلق المرضى، وهم لا يميزون بين الدواء الأصلي والعادي.
وحين سألنا ابو محمد عن معنى الكلمتين، قال "لا افرق بين العادي والاصلي.. الله يحمينا".
وتقول اخصائية الادوية والسموم زينة كامل ان "جودة الادوية تختلف باختلاف الشركات المصنعة لها، فهنالك شركات عالمية رصينة (اوروبية غالبا) تقوم بصناعة الدواء وتجري عليه البحوث والدراسات قبل وبعد استعماله، لذلك تكون كلفة انتاجه عالية، لأن جزءا من ارباح تلك الشركات يذهب الى ادامة وتطوير منتجهم الدوائي، للوصول به الى مرحلة متقدمة من الجودة، لذلك نجد ارتفاع اسعاره، وهي شركات رصينة تسمى (brand)، وهي مستمرة في تطوير المنتجات الدوائية وطرق حفظها، لذلك نجد اقبالا كبيرا عليها، بالاضافة الى ارتفاع اسعارها مقارنة مع شركات محلية اخرى".
وبينت اخصائية الادوية ان "الزجاجة التي تستخدم في حفظ الدواء مثلا، لها مواصفات ومعايير خاصة لتحافظ على الدواء من التلف، وتحتوي على درجة امان، وهنالك معامل خاصة بانتاج الزجاج فقط، وهي على مستوى عال من التطور، على عكس الشركات المحلية التي لا تعير اهمية كبيرة لطريقة حفظ الدواء. لذلك نرى ان شكل الدواء ولونه يختلف باستمرار، علما انها هي الشركة المصنعة نفسها".
واوضحت كامل ان "الشركات المحلية التي يطلق عليها (جينيرك) تقوم بأخذ خلطات الادوية من الشركات الكبرى، وليس لها علاقة بتطوير والادوية، ولا تجري اية بحوث او دراسات تخص الدواء، وهدفها ربحي بحت، وتنتشر مثل هذه المصانع في الدول العربية ودول العالم الثالث، واغلب الادوية الموجودة في العراق هي من هذا النوع". وبينت ان "الدواء الاوربي يخضع لرقابة عالية، وينتج وفق مواصفات طبية صحيحة، ويخضع للفحص والرقابة، وفعالية الدواء تكون عالية، وبالنتجية سيكون تأثير الدواء على المريض افضل من دواء الشركات المحلية"، مشيرة الى وجود "شركات اوروبية رصينة تفرض نفسها على ارض الواقع من خلال المنتج الدوائي الرصين الذي يثبت فاعليته عند المريض".
ودعت كلا من الطبيب والصيدلاني إلى ان "يأخذ دوره في توعية الناس البسطاء الذين لا يفرقون بين نوعيات الادوية وجودتها".
وحثت المواطن على ان "يكون على درجة عالية من الوعي، واستشارة ذوي الاختصاص عن الادوية الرصينة".
فيما قال طبيب يعمل بوزارة الصحة، رفض الافصاح عن اسمه، ان "الفساد الاداري والمالي ينتشر في المؤسسات الصحية، الرقابية منها والتنفيذية، ما يحول دون تطوير واقع الدواء والعلاجات في العراق للأسف"، مبينا وجود "ادوية مغشوشة تنتج على متن سفن باسم شركات كبرى، ويكون شكل الدواء المغشوش مشابه للدواء الاوروبي الاصلي، لكن المادة الفعالة في الدواء المغشوش تكون اقل بكثير من الدواء الاصلي، وهذا النوع من الغش منتشر في اغلب دول العالم الثالث، ومن الصعوبة التفريق بينه وبين الاصلي، وهو ما يطلق عليه بالدواء (المضروب)". وبين الطبيب ان "هذا النوع من الفساد والتزوير يتم "بالتعاون مع مسؤولين كبار على مستوى دول"، حسب وصفه، ما يتيح لأصحاب شركات الادوية تصدير منتجاتها الى دول العالم الثالث ومنها العراق لغرض الارباح غير المشروعة باسم شركات ادوية اوروبية، والتي هي في الواقع عبارة عن سفينة تقف قبالة شواطئ اليونان او تركيا، تنتج الادوية الرديئة من خلال تقليد وتزوير الادوية الاصلية من حيث الشكل، لكنها تختلف من حيث فعالية الدواء، وتجني ارباحا طائلة من تجارتها هذه".
ويقول الدكتور عمار الجبوري بهذا الخصوص ان "سمعة شركات الادوية الكبرى على المحك، لذلك تقوم تلك الشركات في الشرق الاوسط بالدفاع عن منتجها بالتعاون مع المؤسسات الصحية في الدول المختلفة، وفي حال لم تجد التعاون المطلوب من قبل هذه الدولة او تلك، تقوم الشركات بمتابعة ادويتها والادوية المغشوشة بنفسها من خلال تعيين مندوبين لها مهمتهم توعية المواطنين والصيدليات، وتعريفهم بأدويتها الرصينة، وتوعية الناس للتفريق بين الدواء الاصلي والدواء المغشوش، وهو امر موجود هنا في العراق بصورة قليلة"، مضيفا ان "هناك شركات فاسدة تقوم ببث شائعات حول منتج رصين من باب المضاربة التجارية، وللاسف الشارع العراقي يصدق تلك الشائعات والاقاويل ويظل في حيرة من امره".
ودعا الجبوري "وزارة الصحة والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى اطلاق برامج طبية لتوعية المواطن العراقي بالجانب الصحي والدوائي".
من جانبه قال النائب حبيب الطرفي عن لجنة الصحة والبيئة البرلمانية "، ان "مصطلح الدواء الاصلي وغير الاصلي يثير قلقا كبيرا لدى المواطن العراقي بكل تأكيد، وهي كلمة شائعة تطلق على شركات الادوية المختلفة التي تصنع الدواء". وبين ان "الاصلي وغير الاصلي، مصطلح غير طبي وليس علميا، ويبتعد عن الدقة، الا انه وللاسف واسع الانتشار بين الاوساط الطبية وعند الصيدلانيين". واوضح النائب ان "المواطن اصبح يفضل الانكليزي او السويسري (الاوروبي بصورة عامة) بسبب العرف الذي يقول ان الدواء الاجنبي افضل من العربي او العراقي"، مبينا ان "الدواء الذي ينتج في الامارات ولبنان وايران، جيد ويطابق المواصفات العالمية". واوضح ان "الاوضاع السياسية والامنية في البلاد هي السبب في تأخر الصناعات الدوائية في العراق التي كانت تنافس الدواء العالمي كما هو الحال في معمل سامراء لصناعة الادوية".
واكد ان "كل الادوية المتوفرة في الصيدليات العراقية خاضعة للرقابة والسيطرة النوعية بلا استثناء".
ودعا النائب اصحاب الصيدليات والاطباء الى "توخي الدقة في اختيار الكلمات عند تعاملهم مع المرضى".
https://telegram.me/buratha