بقلم محمد جرادات
لم يكن مارك زوكربيرج واسع الخيال يوما ليصل الى توقع بانني ساكتب عنه الان ، وربما انا ايضا لم اكن لاكتب عن مارك لولا انه اصبح شخصا عالميا قاثر انتاجه في عقول العالم الكبير بكل فئاته واطيافه ومذاهبه وديانه ومشاربه الفكرية والسياسية وحتى الترفيهية منها .
في العام 2003 وحتى يلتقي مارك ورفيقيه في السكن بجميلات هارفرد قامو مجتمعين بتاسيس صفحة للتعارف سموها مقابلة الوجوه (Face Match) والغرض منها ان ينشر الطلبة
صورهم ومعلوماتهم الكاملة على الموقع فيعرفهم مارك ورفاقه ويتواصلون مع جميلات الجامعة بسهولة ، وخلال سنوات انتشرت فكرة مارك في الولايات المتحدة وجامعاتها ومدارسها وحتى محطتها الفضائية وطواقمها العاملة في الغواصات تحت الماء ، وفي العام 2006 تحول الموقع المحلي الى موقع عالمي للتواصل الاجتماعي يحق لمن يبلغ عمره فوق الثالث عشر ان يكون ضمن مشتركيه ، وخلال السنوات الاخيرة تطور موقع مارك ليكون عالما من البشر المنتشرين في العالم اجمع فيتخذ مارك من دليبن الايرلندية عاصمة لموقعه ويتجاوز عددهم ال900 مليون مشترك
مما يعني انهم التجمع الاكبر بعد الصين والهند ويعني ايضا انهم يفوقون عدد الامريكين بالضعف ، ويقال ان منع صفحة مارك من دخول الصين حرمها من ان تكون الدولة العظمى الاكبر عبر التاريخ .
مارك الرئيس الفعلي لعالم الفيس بوك ذلك العالم الضخم الذي تمتد حدوده من اقصى اوروبا وحتى اواسط اسيا مرورا بالخليج دون ايران وانتهاءا باستراليا وحدود المزرعة السعيدة يعي تمام ان ما قام به امر غير عادي فهو وعلى خوادم امريكية لحفظ الصور والبيانات قد جمع معلومات فلكية عن ما يقرب من خمس سكان كوكب الارض ، وربما ايضا لم يكون يقصد ان هذه البيانات يتحمل معها معلومات عن الفكر والدين والسلوك الانساني والمذاهب والطوائف والاحزاب
والمؤسسات والدول والاحياء والاموات والحاضر والماضي والمسؤولين والعامة والاقتصاديين والسياسين والاطفال والقرى والمدن والدول ومحلات بيع الملابس النسائية وحتى صفحات للقطط والكلاب . فجميعها الان وبالصوت والصورة والكلمة والتعبير عن الاعجاب او عدمه موجودة لدى مارك في خوادمه المنتشرة في اروربا وامريكا .
مارك وموقعه المشهور الذي اصبح من اغلى العلامات التجارية في العالم لم يكن ليتوقع ان نسبة الانتشار للفيس بوك ستكون على هذا النحو ،وبهذه الطريقة فالموقع الذي قصد منه مارك التعارف على الجميلات والتواصل معهن اصبح اليوم عالما كبيرا يسكنه اشخاص وحركات واحزاب ودول ، تنشر فيه الفضائل والفضائح ، وتنتشر فيه التجارة والسياسة فهو وللان مجاني وسهل ويمكن التعامل به لكل الاعمار والمستويات العلمية والثقافية ، بل
اصبح الفيس بوك مكانا سهلا لنشر الافكار المغلوطة والصحيحة والمشوهة، فبامكان احدهم ان ينشأ صفحة لاقوال العظماء التي لم يقولها ، او ان ينشأ صفحة للفتاوي التي لا يعرف مصدرها ،او لنشر مواقف سياسية لا اساس لها الا على صفحات التواصل الاجتماعي ،لقد اصبح الفيس بوك عالما يمكن من خلاله نشر الافكار والتجارة واصبح ايضا دليلا للمحاكمة بسببها او الاعتقال بسبب راي على الفيس بوك ، لقد اصبح مشتركو الفيس بوك عالم من الحكماء يطلقون كلمات رنانة يتشاركها الالاف وعالما من الفقهاء يصدق كلامهم الالاف وعالم من الساسة ذوي الاتباع والمريدين وعالما من
فرض هيمنة الدولة بصفحات تخصها ،وعالما من التمرد على الدولة بنشر الافكار الثورية التي ولدت بسببها ثورات اجتاح العالم العربي في السنوات الاخيرة ، فاصبحت الدعوة للتظاهرات والمسيرات والوقفات ونشر الشعارات الثورية تتم من خلاله ، لقد اصبح الفيس بوك الذي يوصف بعالمنا العربي بانه منبر الثوريين الحر يقال فيها ما شاءوا وينشرو فيها ماشاءو ويصلون من خلاله الى ملايين الاشخاص وانا لا اعجب من ذلك فقريتي التي لا يتجاوز سكانها العشرة الاف نسمة لها على الفيس بوك صفحات متنوعة في كل منها علم ونشيد وراية وقول وخبر مختلف ، فاصبحت سيلة الحارثية دولة في عالم فيس بوك لها محطتين فضائية وتلفزيون و3 محطات راديو وعشرة اناشيد وسبع رايات وان كانت الصورة واحدة ...
30/5/13822
https://telegram.me/buratha