لا يزال المشهد المصري غامضا و غير مفهوم بشكل كامل, هناك أسئلة كثيرة تطرح و الاجوبة عليها متناقضة.. هل انقلب السيسي على الولايات المتحدة ؟ أم أن الأمر لا يعدو عن كونه تمثيلية لا أكثر ؟
لمحاولة الاجابة عن هذا السؤال علينا مراجعة مجموعة من الحقائق قد توصلنا الى نتيجة نهائية:
1- التحالف المصري مع الولايات المتحدة قديم و عميق جدا و خصوصا مع الجيش المصري الذي تسلحه و تدربه الولايات المتحدة منذ زمن طويل ولا يمكن فك هذا الارتباط ببساطة أو بقرار فردي من السيسي أو غيره لأن هذا قد يؤدي الى الاطاحة به من قبل الجيش نفسه.
2- الدعم الاماراتي و السعودي الفوري لاطاحة السيسي بالاخوان المسلمين سياسيا باعلان دعمهم له و اقتصاديا بدعم الاقتصاد المصري ب 5 مليارات دولار, و السؤال هنا :هل يمكن للسعودية تحديدا أن تسير بخيار يخالف توجهات الولايات المتحدة و مصالحها ؟
فما الذي يحدث اذا ؟
النظرية الأقرب الى الواقع في هذا المشهد الضبابي هي تخلي الولايات المتحدة عن مشروع الاخوان المسلمين في المنطقة بعد فشل حركتهم المسلحة في سوريا و في ادارة شؤون البلاد التي استلموا بها الحكم كمصر و تونس و رفضهم شعبيا.
هذا الفشل دفع الولايات المتحدة للبحث عن مشروع بديل يضمن مصالحها بعد أن تأكدت أن المزاج الشعبي العربي رافض للاخوان كما أن دول الخليج باستثناء قطر تناصبهم العداء, فكان القرار الامريكي بعزل أمير قطر و الضوء الاخضر للسيسي باسقاط مرسي في مصر.
ولكن كان هناك مشكلة تواجه الولايات المتحدة في انعطافتها و تخليها عن مشروع أخونة المنطقة و هي الحليف التركي الاخونجي و أخوان سوريا الذين يحملون السلاح في الداخل السوري, لا يمكن للولايات المتحدة أن تظهر و كأنها قد تخلت عن مشروعهم لأن مصالحها لا زالت مرتبطة بهم في سوريا على الأقل.
هنا تظهر الولايات المتحدة كعادتها بوجهيها الظاهر و المخفي, الظاهر هو عدم دعم الانقلاب العسكري على الاخوان في مصر و رفض العنف و الدعوة الى الحوار.
أما الباطن فهو تنسيق و دعم كامل للإطاحة بمشروع الاخوان الفاشل والذي أصبح عبئا على الولايات المتحدة قد يهدد مصالحها بصورة جدية.
وعليه, فإن هذه النظرية ستبقى معقولة ما دامت مواقف الولايات المتحدة من السيسي و مواقفه منها محصورة بالتصريحات السياسية و التي لا قيمة حقيقية لها في تغيير المشهد الاستراتيجي للعلاقة بين مصر و الولايات المتحدة.
حين تتحول هذه التصريحات الى مواقف عملية على الارض كقطع المساعدات الامريكية عن مصر أو كإلغاء السيسي لمعاهدة كامب ديفيد أو قطع العلاقات مع اسرائيل, عندها فقط يمكننا أن نقول بأن ما حدث و يحدث في مصر هو ثورة حقيقية.. ثورة على السيد الأمريكي
47/5/13816
https://telegram.me/buratha