فضل الكثير من أبناء الموصل،(405 كم شمال العاصمة بغداد)، قضاء عيد الفطر في إقليم كردستان على البقاء في مدينة كانت تفخر بكونها "أم الربعين"، وذلك هرباً من الإجراءات الأمنية المشددة وتردي الخدمات، في حين فضل الفقراء من الموصلين إرسال أبنائهم إلى مدن الألعاب التقليدية التي أقامها نظرائهم من الباحثين عن الرزق، في الأحياء الشعبية، بعد أن أصبحت متعة زيارة المناطق الترفيهية "ترفاً" لا يقدرون عليه.
فقد شهدت الموصل إغلاق العديد من الطرقات الرئيسة خصوصا في الأيام الأواخر من رمضان، وتزايدت خلال أيام العيد، حيث شكا المواطنون من صعوبة الوصول إلى العديد من الأماكن الترفيهية، ومن ضمنها الشارع الممتد من مدينة الألعاب محاذياً لنهر دجلة، مرورا بالكازينوهات وصولاً إلى منطقة الغابات السياحية.
ويقول أبو يحيى، وهو كاسب، في حديث إلى (المدى برس)، إن "العيد لم يعد للفقراء"، ويضيف "بعد تجاوز محنة شراء الملابس ومستلزمات العيد، نصطدم بمطالب الأطفال الملحة لزيارة مدن الألعاب وغيرها من الأماكن الترفيهية وهو ترف لا نقدر عليه".
ويبين أبو يحيى، أن "أماكن الهو والألعاب تتطلب مبالغ غير هينة تثقل كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود"، ويشير إلى أن "مدينة الألعاب في الموصل تتطلب ثروة مالية كما أن الطريق إليها مغلقاً بسبب الإجراءات الأمنية".
بدوره يرى الموظف الحكومي ياسر عبد المجيد، في حديث إلى (المدى برس)، أن "مدينة الألعاب وغيرها من الأماكن الترفيهية بالموصل تجد في العيد فرصة سانحة لاستغلال المواطنين"، ويبين أن "مدينة الألعاب القديمة عبارة عن كومة من الأجهزة الخردة التي لا تتوافر فيها شروط المتانة والأمان، وتقع في منطقة الغابات التي قطعت القوات الأمنية طريقها مما يضطر المواطنين إلى السير على الأقدام لمدة قد تصل إلى ساعة، فضلاً عما يستغرقه الوصول إلى مشارفها من وقت نتيجة الزحام وغلق العديد من المناطق".
ويوضح عبد المجيد، أن هناك "مدينة ألعاب أخرى في الموصل هي دجلة ستي، عبارة عن مشروع خاص تضم بعض المعدات الحديثة"، ويستدرك "لكن أصحابها استغلوا الوضع، ووضعوا ثمناً باهظا لكل خدمة، إذ يتقاضون ألفي دينار عن ايقاف السيارة فقط".
ويتابع الموظف الحكومي، أن "زيارة عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص إلى دجلة ستي تكلف معيلها خمسين ألف دينار على الأقل"، ويعد أن "كثيراً من العوائل الموصلية الفقيرة أو محدودة الدخل لم تتمكن من زيارة تلك المدينة كونها خارج إطار إمكانياتها".
إلى ذلك يقول المواطن حسن مصطفى، في حديث إلى (المدى برس)، إن هناك "العديد من المتنزهات التي أقامتها البلدية لكنها صغيرة ومهملة"، ويضيف "اما مدن الألعاب التي يتركز أغلبها فضلاً عن المطاعم في منطقة الغابات فإن الوصول إليها خلال العيد يشكل مشقة بالغة لأم القوات الأمنية أغلقت الطرق المؤدية إليها".
ويذكر مصطفى، أن "العديد من العوائل الموصلية لاسيما ممن لديهم القدرة المالية المناسبة ويمتلكون سيارة، فضلوا قضاء عطلة عيد الفطر في إقليم كردستان"، ويلفت إلى أن "سكان الموصل يفضلون الانتظار عدة ساعات عند نقاط الدخول إلى إقليم كردستان للتمتع بما ينعم به من استقرار وخدمات، بدلاً من المعاناة من التشديدات الأمنية وعدم وجود أماكن ترفيهية مناسبة وضعف الخدمات في المدينة".
وبالرغم من ان الموصل تصنف ضمن المدن السياحية على مستوى العراق، إلا أنها تخلو من المنشآت السياحية المناسبة، كما يرى بعض سكانها.
على صعيد متصل يشكو الموظف الحكومي، ميسر باسل، في حديث إلى (المدى برس) من "غياب المنشآت السياحية والترفيهية في الموصل وتقادم مدينة الألعاب برغم أن عدد نفوس المدينة يصل إلى 3.6 مليون نسمة"، ويستغرب من "قيام القوات الأمنية بإغلاق المنطقة الوحيدة التي يقصدها أبناء الموصل خلال العيد وهي الغابات، مما جعلهم يفضلون قضاء العيد خارج المحافظة".
ويؤكد باسل، أن "الكثير من أبناء الموصل توجهوا إلى إقليم كردستان لتوافر الأمن والمناطق السياحية ومدن الألعاب والحدائق العامة"، ويتابع أن "ذوي الدخل المحدود بقوا في حيرة من أمرهم أمام مطالب عوائلهم والحاجة إلى الترفيه خلال العيد، مما أنعش الألعاب الشعبية القديمة التي أقامها الباحثون عن العمل وكسب الرزق في العيد، داخل المناطق الفقيرة والشعبية".
وشهدت العديد من الاحياء الفقيرة والقديمة في مدينة الموصل، إقامة الألعاب الشعبية البسيطة التي لا يتعدى سعر ركوب الواحدة منها الـ250 دينار، مما أنقذ أصحاب العوائل محدودة الدخل وأدخل الفرحة في نفوس أطفالهم، لاسيما أنها قريبة من مناطق سكانهم.
https://telegram.me/buratha