في وقت نشطت فيه الصحف الأردنية مؤخرا في توجيه انتقادات حادة ضد نشاطات وتوجهات قيادة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، قال مسؤول أردني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «امتعاضا» في الجو السياسي الأردني من تصرفات قيادة الجماعة، وإن «ما يجري في المشهد الأردني هو تعبير عن رفض سياسة قيادة الجماعة في الآونة الأخيرة التي خرجت عن الإطار العام لما هو مألوف». ونقلت الصحف الأردنية أن الدولة بصدد إحالة ملف جماعة الإخوان المسلمين وتجاوزاتهم في العمل السياسي إلى القضاء، وأنها كذلك تتوجه لفتح الملف الاقتصادي للجماعة الذي يدار من «جمعية المركز الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
وقال المسؤول الأردني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، إن «من بين أسباب امتعاض الدولة الأردنية من تصرفات قيادة الجماعة مهاجمة زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى مصر كأول زعيم عربي يبارك لقيادة مصر الجديدة بعد عزل الرئيس محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين».
وكان الملك عبد الله الثاني توجه إلى مصر في زيارة خاطفة في 20 يوليو (تموز) الحالي وأعلن دعمه «خيارات الشعب المصري ومساندة مصر لتجاوز الظروف التي تشهدها وصولا لترسيخ أمنها واستقرارها».
وقال المسؤول الأردني أمس إن «إطلاق التصريحات التحريضية ضد القيادة المصرية وكذلك إصدار البيانات وتنظيم اللقاءات والاعتصامات أمام مقر السفارة المصرية (في عمان) وإطلاق شعارات تجاوزت ما هو مألوف لدى الدولة الأردنية، يؤثر على السياسية العامة للدولة الأردنية التي تطرح شعار عدم التدخل في شؤون أي دولة عربية شقيقة، إضافة إلى تأثير هذه السياسة على العلاقات التاريخية بين الأردن ومصر»، وأضاف أن «إطلاق الشعارات النارية التي تتجاوز الخطوط الحمراء وذات السقف العالي وتمس القيادة الأردنية العليا كلها شحنت الجو العام في المشهد السياسي الأردني».
وأكد المسؤول أن «الأردن دولة قانون، ومن يتجاوز حدوده فإن القضاء سيتولى أمره ليقول كلمة الفصل فيه»، مشيرا إلى أن «الدولة الأردنية لديها جميع الخيارات في التعاطي مع ملف جماعة الإخوان المسلمين، وإذا كانت هناك أية مخالفات فإن القضاء سيكون الفيصل، والحكومة ستعمل في الظرف الراهن على استيعاب الجماعة من خلال حثهم على العودة عن طريقهم وعدم التمادي في التدخل في شؤون دولة شقيقة أو ممارسة العمل السياسي، لأن الجماعة مسجلة في الأردن جمعية خيرية تمارس نشاطات خيرية اجتماعية، وليست سياسية، وحزب جبهة العمل الإسلامي هو المصرح له بالعمل السياسي فقط دون الجماعة».
وختم المسؤول بالقول إن «الدولة الأردنية ستستخدم كل الوسائل بالتدريج حتى يتم ردع قيادة الجماعة والعودة إلى الصواب».
وانتقدت الصحف الأردنية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بعد اعتصام نظمته الحركة الإسلامية مساء الأربعاء الماضي في دوار الداخلية بالعاصمة عمان للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين من الحركة، ورفع المعتصمون شعارات «تجاوزت الخطوط الحمراء وطالت القيادة العليا».
كما أن الحركة نظمت أكثر من اعتصام أمام السفارة المصرية في عمان والقنصلية المصرية في العقبة، جنوب الأردن، للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، معتبرة ما جرى في مصر «انقلابا على الشرعية» إضافة إلى إصدار بيان هاجمت فيه زيارة الملك عبد الله الثاني إلى مصر.
من جانبه، قال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن زكي بني أرشيد لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تتعرض له الجماعة من حملة إعلامية ضدها إنما غزل سياسي بنكهة وطنية أردنية». وأضاف قائلا إن الجماعة تعودت على هذه الحملات التي وصفها بـ«المشبوهة» و«الإساءة»، معتبرا أن «هذه الحملة ليست الأولى التي يسعى إلى افتعالها أصحاب الأجندات الخاصة والمشبوهة».
وردا على سؤال حول الأنباء التي تتردد في فتح ملف الجماعة الاقتصادي ونشاطاتها المالية والإدارية، قال بني أرشيد: «الفرق كبير بين بعض الفاسدين الذين أدانتهم المحكمة باختلاس الملايين خلال توليهم إدارة بعض مشاريع الاقتصادية، وبين المشاريع التي تديرها جمعية المركز الإسلامي»، وأضاف: «لا يوجد لدينا شيء نخفيه، وأوراقنا وحساباتنا وإدارة مشاريعنا مكشوفة للجميع، ولا نخاف من شيء».
وردا على التهم بأن الجماعة مرخصة بصفتها جمعية خيرية لكنها تمارس العمل السياسي، قال إن «الجماعة حركة وطنية أخذت شرعيتها من ممثلي الشعب وليس مثل معظم المسؤولين الذين ليس لهم أي شرعية وجاءوا إلى سدة الحكم دون قاعدة شعبية»، وتابع: «أتحدى إذا كان هناك مسؤول جاء من خلال التمثيل الشعبي».
وكانت صحيفة «الدستور» الأردنية نقلت عن مسؤول كبير لم تذكر اسمه قوله: «الدولة بقرارها إحالة ملف جماعة الإخوان المسلمين إلى القضاء تحسم الجدل الدائر حول شرعية ممارسة هذه الجماعة العمل السياسي مخالفة بذلك شروط ترخيصها الذي حصلت عليه لممارسة العمل الخيري». وأضاف المسؤول أن «الدولة استنفدت كل الطرق السياسية والقضائية في إعادة جماعة الإخوان المسلمين بالأردن إلى العمل الخيري، ولم تقرر إحالة هذا الملف إلى القضاء إلا بعد أن استنفدت كل الوسائل المتاحة»، مؤكدا أن «الدولة ستتدخل بقوة لحماية الديمقراطية وسيادة القانون». وأضاف أن «الدولة لديها برنامج معد بعناية فائقة وبسقف مرتفع وهو سقف يعيد ترتيب الأوراق من جديد».
وكشف أن الملف الذي تعتزم الدولة الدفع به إلى القضاء يحمل الكثير من التجاوزات السياسية المسجلة والمثبتة إضافة لتجاوزات أخرى في جميع الاستثمارات المالية لهذه الجماعة التي تقدر بمئات الملايين.
وأوضح أن «الدولة اتخذت قرارها بعد أن تجاهلت جماعة الإخوان كل الرسائل الحكومية التي تطالبها بالعودة إلى رشدها وعدم الانجرار وراء الأجندات الخارجية والعبث بالأمن والاستقرار الأردني». وقال إن الدولة بقرارها حسم قضية الإخوان المسلمين بشكل قانوني «تجدد تأكيدها أن الجميع أمام القانون سواسية، وأن كل من يسجل تجاوزات على القوانين والأنظمة سيحال إلى القضاء صاحب الكلمة الفصل».
كما نقلت الصحيفة عن مصادر سياسية وصفتها بأنها قريبة من دوائر صنع القرار، أن «الدولة ستمضي هذه المرة قدما إلى النهاية في تعاملها مع هذه الجماعة، وفي النهاية القضاء هو صاحب القرار».
16/5/13730
https://telegram.me/buratha