يعتبر دبلوماسي شرقي أن لبنان وسوريا دخلا فعلاً عين العاصفة، وباتا على مفترق خطير من المتوقع له أن يصل في غضون الشهر المقبل إلى تظهير المشهد المستقبلي، لا سيما بعد أن تأكد لقاء الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين منتصف أيلول المقبل في موسكو، بما يعني أن المرحلة الحاسمة من الكباش الدائر بينهما في سوريا ولبنان، دخلت حيز التنفيذ بعد أن لجأ كل من العاصمتين المعنيتين إلى الخطط البديلة لتحسين الشروط وتعديل الموازين التي تسمح لكل منهما بفرض وجهة نظرها وتسويق مصالحها التكتيكية والاستراتيجية.
ويستند الدبلوماسي إلى تقارير وردته من خارجية بلاده، للاشارة إلى أن عملية تدوير الزوايا بدأت، في ظل عمليات مقايضة ناشطة استهلتها واشنطن بابعاد كل من تركيا وقطر عن مسرح الأحداث السورية، في وقت عرقلت فيه عملية تسليح المعارضة وحدت من الاندفاعة الأوروبية في هذا الاتجاه، في مقابل تعهدات روسية بضمان مصالح واشنطن في آسيا الوسطى وأفغانستان، التي يعتزم الجيش الأميركي الانسحاب منها في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
أكثر من تزامن تطرق اليه الدبلوماسي في معرض شرحه لمكامن المرحلة المقبلة، ليس أبرزه التحولات الكبيرة في ايران وقطر فحسب، بل التنصل الأميركي من حركة "الاخوان المسلمين" في مصر، ومن بعدها اعلان وزير الخارجية جون كيري عن تهيئة الأجواء لاستئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، وذلك بعد أن نجح الضغط الأميركي في اخراج حركة "حماس" من الحضن السوري الايراني، ودفعها إلى الحضن الاخواني – المصري، ومن ثم التخلي عنها بسحر ساحر وتركها في منتصف الطريق عاجزة، الا عن الرضوخ لمشيئة القدر الفلسطيني المتمثل بالسلطة الراغبة في عودة المفاوضات، وإن كان بحدها الأدنى باعتبارها المخرج الوحيد المتبقي لها.
هذا إن دل على شيء ، فعلى جدية الرئيس أوباما في السعي الجدي لاخراج بلاده من المستنقع السوري ورماله المتحركة، عبر ثلاث خطوات لفت اليها الدبلوماسي، وهي أولا السماح بفتح الملف الكردي واحراج حكومة رجب طيب أردوغان واشغالها عن الملف السوري بما يفوقه أهمية واستراتيجية بالنسبة لها، وتالياً اسقاط الحلم الأردوغاني باعادة أمجاد السلطنة العثمانية، وحصر دورها في حده الأدنى. ثانياً اقصاء قطر عن الملف السوري الحساس بعد أن فشلت في تقديم أي مكسب لواشنطن بالرغم من تمويلها المجموعات السورية بعشرات المليارات من أموال البترودولار، بل على العكس فانها اقحمتها في متاهات جديدة على صعيد الحرب التي يشنها الغرب على الارهاب الدولي منذ العام 2001. ثالثاً تكليف السعودية المتمثلة بالثنائي بندر بن سلطان – وسعود الفيضل بالملف السوري، مع العلم أن المملكة تشكل الحلقة الأضعف في الحرب على سوريا، في مقابل اعادة دور ولو جزئي إلى ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز لمواكبة المرحلة المقبلة، وذلك في ظل معلومات تفيد بأن واشنطن ستلجأ إلى اجراء عملية تبديل واسعة النطاق في منظومة دول التعاون الخليجي، في حال فشلت السعودية في تحقيق انجازات ميدانية في سوريا، بما يسمح للمفاوض الأميركي بمقارعة الاوراق الروسية الرابحة .
ويرى الدبلوماسي في ختام عرضه للواقع أن شهر آب المقبل، قد يكون الأكثر عنفاً ودموية، على اعتبار أن السعودية، المولجة راهناً بالملفين السوري واللبناني، ستلجأ إلى تكثيف العمليات الأمنية في كلاهما، وتضغط على المعارضة في سوريا لتحقيق تقدم ميداني يمكن واشنطن من رفع سقفها التفاوضي، في مقابل الاستماتة السورية للمحافظة على الانجازات الامنية المحققة اذا لم يكن زيادتها.
32/5/13723
https://telegram.me/buratha