التقارير

العلاقات المصرية التركية: هل ستحسم لغة المصالح الأزمة السياسية

1600 06:58:00 2013-07-23

 

 شهدت العلاقات المصرية التركية توتراً متصاعداً يتجاوز التصريحات الدبلوماسية، وذلك منذ التغيير الأخير في مصر الذي أزاح الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين، بعد المظاهرات المليونية الغير مسبوقة التي خرجت للمطالبة برحيله.

حظيت مصر مكانة بالغة الأهمية في السياسة الخارجية التركية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، إذ تعد مصر بما تحوزه من وضعية جيوسياسية وجيوثقافية وجيواقتصادية بالنسبة لتركية بوابتها الرئيسية لكل من الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، إذ بذلت الخارجية التركية جهوداً عديدة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك من أجل توطيد العلاقات بين البلدين، وتعزيزها في مختلف المجالات بغية إقامة تحالف استراتيجي في المنطقة، بيد أن طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية وارتباطها بالمصلحة الإسرائيلية كانت تقف عائقاً وحجرة عثرة أمام تطور العلاقات المصرية التركية.

جاء رد الفعل التركي على خارطة الطريق التي أعلنها الجيش المصري في الثالث من يوليو 2013 والتي أطاحت بالرئيس مرسي، كأحدث حلقة في سلسلة التوترات بين البلدين، والأعنف والأكثر حدة دولياً وإقليمياً، وهو ما قوبل باستياء مصري خاصة على المستوى الرسمي.

حيث أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على ما تم في مصر معتبراً إياه " انقلاب عسكري" كامل الأركان، يمثل اعتداء على الديمقراطية وإرادة الشعب المصري، مشدداً على عدم اعترافه بالنظام القائم حالياً في مصر، وأن الرئيس الشرعي لمصر هو محمد مرسي، وجاء هذا من خلال رد أردوغان على المكالمة الهاتفية التي تلقاها من البرادعي.

حيث اعتبرت السياسة الخارجية المصرية أن تصريحات تركيا غير مناسبة، وتعتبر تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي المصري، وبصفة التهديد أكدت، يجب على تركية احترام إرادة الشعب المصري الذي خرج في 30 يونيو وعلى أنقرة أن تعلم وتنتبه وهي تتكلم أنها تتكلم عن دولة كبيرة، ولها تاريخ ولن تقبل تدخلها في شؤونها الداخلية، ويأتي هذا الموقف الرافض للإجراءات التي أدت في النهاية للإطاحة بمرسي الى الترابط الفكري بين نظامي أردوغان ومرسي، ومخاوف أنقرة من تأثير الحالة المصرية على الأوضاع السائدة في تركيا، لذا دعمت تركيا كل حركات الإسلام السياسي في المنطقة، كأنها كانت تعتبر الأحزاب الإسلامية جزءاً من المشروع التركي للسيطرة على الشرق الأوسط.

حاولت تركيا الاستفادة من أوضاع مصر خلال حكم مرسي من أجل إقامة تحالف استراتيجي معها، ايماناً منها بقدرات مصر على استعادة المكانة الاستراتيجية المصرية وتفعيل قدراتها الكاملة، ذلك أن تركيا تدرك أن مصر قاطرة الدول العربية على كافة المستويات وإنه بنهضتها ينهض الشرق الأوسط.

مع سقوط جماعة الاخوان في مصر تلقت السياسة الخارجية التي تنتهجها تركيا لتصوير نفسها نموذجاً في العالمين العربي والإسلامي انتكاسة كبيرة، كون سقوطهم كسر جناح القادة المنتمين لتيار الإسلام السياسي في أنقرة، وبذلك فقدت الحليف الاستراتيجي الأكثر أهمية في العالم العربي مما جعلها واحدة من أكبر الخاسرين من الموجة الثورية في مصر، نظراً لأنها تتخوف من صعود السلفيين الذين يتجاهلون تركيا وينظرون إليها على إنها دولة علمانية، لذلك يعارضون النموذج التركي، كما أن الرؤية السلفية لا تتفق مع حزب أردوغان، وبالتالي أصبحت خسائر تركية متعددة الجوانب، فبعد أن ازداد انخراط تركيا في شؤون الشرق الأوسط بفضل استخدامها القوة اللينة في مواقف مختلفة منها الجدل العلني بين أردوغان والرئيس الإسرائيلي بيريز في دافوسوالأسوأ من هذا كله فإن العلاقات التركية مع كل من سورية والعراق أخذت في التدهور والانهيار، بعد أن كانت تركيا تتبنى رؤية جديدة في سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط التي ترتكز على توظيف عمقها الثقافي والتاريخي والسياسي لدى دول وشعوب المنطقة من أجل بناء شرق أوسط جديد قوي يمثل محور قوة جديدة بين التكتلات العالمية.

وبالمقابل فإن الدول الإقليمية المؤيدة للنظام القائم حالياً في مصر وعلى رأسها دول الخليج والتي تقدم مساعدات مالية بقيمة 12 مليار دولار للقاهرة، وتدعم خيار الشعب المصري في اختيار ممثله في الحكم سيضعف الموقف التركي وذلك بممارستها ضغوط اقتصادية على أنقرة.

وتجدر الإشارة هنا الى أن العامل الاقتصادي يمثل محوراً أساسياً في سياسة تركية الخارجية، فمع توجه تركية نحو المزيد من العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول العالم العربي خلال السنوات الأخيرة تدفقت رؤوس الأموال التركية نحو العديد من الدول العربية والإسلامية ولا سيما مصر، وباندلاع الثورات العربية ووقوف تركية الى جانب هذه الثورات ضد أنظمتها فقدت تركية الكثير من استثماراتها وتعرض رجال الأعمال والمستثمرين لخسائر واضحة جراء وقوفهم الى جانب سياسة تركية نحو الانفتاح على العالم العربي.

وفي وقت سابق وصف وزير الخارجية التركي داوود أوغلو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الاذربيجاني، مصر" بأنها دولة حليفة ومهمة لتركية “، حيث قدمت تركية إليها دعماً مالياً يبلغ 2 مليار دولار في صورة قروض وأنها تملك استثمارات تدعم توظيف 50 ألف شخص في البلاد.

أمام هذه التطورات التي تشهدها العلاقات المصرية التركية من تدهور تظل مرهونة بعوامل متعددة، فإذا تعاملت القاهرة مع هذا الوضع باعتباره خلافاً دبلوماسياً وسياسياً والمطالبة باحترام قواعد ومرتكزات العلاقات والمواثيق الدولية والتحذير من تطبيق سياسة مبدأ المعاملة بالمثل، كل هذا سيؤدي الى احتواء الموقف وعودة العلاقات السياسية فيما بينهما كون هذا الوضع ليس من مصلحة الطرفين.

إن مستقبل العلاقات المصرية التركية هو إعادة وتمتين وبناء العلاقات فيما بينهما وإنجاحها نحو التنسيق والتعاون، وهذا مرتبط بخصوصية العلاقات وتميزها بين الطرفين، وحرص كل منهما على استمرارية العمل، وأن لغة المصالح هي التي ستحسم في النهاية الأزمة القائمة بينهما.

33/5/13723

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك