كثيرة هي التقارير التي تحدثت عن أسباب استقالة حمد بن خلية آل ثاني، حاكم مشيخة قطر، وتسليمه الحكم لابنه "تميم"، البعض اشار الى أن السبب يعود الى مرض الأمير، والبعض تحدث عن نصائح المقربين منه بأهمية نقل السلطة الى نجله وهو على قيد الحياة حتى يتمكن من مساندته والمساهمة في تقويته، واخماد أية محاولات من جانب العائلة الحاكمة للتمرد عليه.
وهناك أيضا، من تحدث عن مؤامرات وانقلابات أجهضت، لكن، الحقيقة تؤكد وجود اسباب أخرى شكلت العامل الرئيس للاستقالة، دون تجاهل الاسباب الاخرى.
استنادا الى دوائر عليمة قريبة من صنع القرار في مشيخة قطر، تنشر هذا التقرير الذي يكشف حقيقة استقالة حمد وتنصيب تميم، لقد تسببت مشيخة قطر الى جانب الولايات المتحدة في اشعال المنطقة العربية، تحت شعار ما يسمى بـ عاصفة الربيع العربي، بهدف احداث التغييرات المطلوبة والملائمة للسياسة الأمريكية المستحدثة في المنطقة. لكن، هذا الاحتراق والاشتعال الذي تسببت به أمريكا وساهمت قطر في زيادة لهيبه وانتشاره وارتفاعه عبر الامبراطورية الاعلامية التي تمتلكها المشيخة، ومن خلال آبار المال التي استخدمتها في الانفاق على هذا الحريق واستمراريته، وانتقالها من منطقة الى اخرى، فسقطت قيادات عربية مخضرمة واشتعلت حروبا أهلية في دول، وحروب بين الاقليات والمذاهب في دول أخرى، فسقط القتلى بعشرات الالاف، ففي ليبيا وحدها تجاوز العدد الـ 60 ألفا، وفي سوريا تتحدث الارقام عن مائة الف قتيل ويزيد.
في ظل هذه الصورة القاتمة، أدرك حاكم المشيخة وقبله المعلم الأمريكي أن الأمور خرجت عن السيطرة، وأن الولايات المتحدة لم تعد بامكانها اخماد النيران التي أخذت تقترب من مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وأمير الربيع الأطلسي حمد بن خليفة ال ثاني أدرك بأنه الرمز لحالة الاقتتال التي يعيشها العالم العربي، وأن التاريخ سيصنفه كمشعل للفتن والاقتتال الدموي داخل المعسكر العربي الواحد وبين المسلمين، ولأن الأزمة طالت والنار ما تزال مشتعلة والأمور خرجت عن السيطرة، وبشكل خاص في سوريا، حاكم المشيخة أدرك بأن هناك أهمية لأن يبتعد عن المشهد القطري حتى يكون بالامكان البدء في اعادة ترميم العلاقات القطرية في العالم العربي، ففي كل دولة عربية هناك خلاف حقيقي وكبير بين حمد وتلك الدول، ليس فقط مع الانظمة بل مع الشعوب ايضا، فلا أحد ينكر أن مقياس الكراهية لقطر بين الشعوب العربية في ارتفاع وتزايد مستمر، ولم تعد الامبراطورية الاعلامية للمشيخة قادرة على ترميم وتحسين صورة هذه المشيخة.
وفي ظل عدم القدرة على اطفاء الحريق وتوجيهه في الاتجاه الصحيح ودخول أطراف اخرى في الطرف المقابل للولايات المتحدة وحلفائها من أجل المساهمة في اطفاء هذه الحرائق المشتعلة، ليس حبا في العالم العربي، ولكن، لادراك هذه الاطراف حالة الضعف والتورط الأمريكي في لعبة ما يسمى بالربيع العربي.
في ظل هذا التطور أدرك الأمير بأن الرموز القطرية في لعبة الربيع العربي يجب أن تختفي وأن استمار تواجدها في المشهد يعني مزيدا من التورط خاصة وأن اللعبة اياها التي بدأتها أمريكا، وضغطت على زر انطلاقها، لم يعد بالامكان اطفائها فقد خرجت عن السيطرة، وباتت نهايتها وشكل هذه النهاية في يد الغرباء من خارج هذا المعسكر، كما أن حمد الذي يعرف بأنه راعي ولابس عباءة الاخوان المسلمين وعراب تحالفهم مع الولايات المتحدة واسرائيل، أدرك مبكرا ما يجري من وراء الكواليس في مصر، وبأن حكم الاخوان يوشك على السقوط ففضل أن لا يكون في السلطة شاهدا على هزيمة الجماعة، فقرر وقبل عشرة أيام فقط من سقوط مرسي أن يبدأ مراسم تسليم السلطة الى ابنه، فلم يكن بالامكان في حال سقوط نظام الاخوان في مصر أن يخرج الامير القطري مهنئا النظام الجديد، ولم يكن أيضا، ممكنا، أن يتجاهل هذا التطور في دولة بحجم مصر، فقرر الاختفاء، معترفا بفشل مشروعه ومدركا أن أمريكا بدأت تسير خطوات الى الخلف، وتتحسس باحثة عن باب هروب يحفظ ماء الوجه، وهي أبواب لن تفتح الا بشراكة روسية.
ويقول التقرير أن الشيخ حمد تسبب بكارثة للعالم العربي وتسبب ايضا بدمار جماعة الاخوان المسلمين فهو اشرك الجماعة في لعبة الربيع العربي، مستغلا رغبة الجماعة وطموحها واطماعها في الوصول الى الحكم لتصبح الشريك الاساسي على الارض لتنفيذ الخطط الامريكية، وعندما تفشل الخطط وتفشل الحملات العسكرية والاستخبارية فمن الطبيعي أن يستقيل المسؤول أو يحاكم، فقطر وأميرها المقرب من امريكا ودوائرها أدرك حجم الفشل فقرر الاستقالة وتسليم السلطة بعد أن فشل في مؤامرته وحملته.
ومهما كان سبب التنحي، سواء سبب يعود الى فشل المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط والانتكاسة للدور القطري أو أسباب داخلية، أو للفشل الكلوي، فان المهم أن نتابع مسار الأموال القطرية، وهل ستواصل هذه الأموال لعب دور مهم في حياكة المؤامرات واثارة الوقيعة داخل العالم العربي، فهو السلاح القطري الخطير، وبواسطة هذا السلاح تمكن الاخوان في مصر من الوصول الى الحكم.
7/5/13713
https://telegram.me/buratha