بينما كانت اتهامات “الأخونة” تلاحق مذيعة الحجاب بالتليفزيون المصري، فاطمة نبيل، التي التحقت للعمل بـ”الجزيرة مباشر مصر” باعتبارها “قناة الثورة”، لم تستمر “فاطمة” سوى 6 أشهر لتغادر القناة الإخبارية الأكثر إثارة للجدل في العالم العربي، بعد ما وصفته بـ”مؤامرة على الجيش المصري”.
وحين خرج ملايين المصريين في الثلاثين من يونيه الماضي، رفضا لاستمرار الحكم الإخواني لمصر، كانت قناة الجزيرة مباشر مصر، تسير في طريق مغاير، وتعمدت -بشكل أو بآخر- ألا تسلك الطريق الذي سلكه المصريون الغاضبون من سياسة نظام الرئيس المعزول محمد مرسي.
وعقب بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، الذي تلاه الفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي، اقتحمت قوات الأمن مقر القناة، واحتجزت بعض العاملين فيها على الهواء مباشرة، وذلك بعد دقائق من بث “الجزيرة” خطابا مسجلا للرئيس المعزول، قالت إنه يرد خلاله على بيان السيسي.
وكانت حقيقة خطاب المعزول، الذي تم تصويره بكاميرا جهاز “تاب”، أنه سبق بيان السيسي، ولم يكن لاحقا له كما قالت الجزيرة مباشر مصر، عبر شريط أحمر، كتبته أسفل الشاشة.
لم يحتمل بعض مراسلي القناة، السياسة التي تتبعها “الجزيرة مباشر مصر” في تغطية أحداث ثورة الثلاثين من يونيه، وفجر مراسلها في محافظة الأقصر حجاج سلامة، أولى المفاجآت، بإعلانه الاستقالة من القناة، لعدم التزامها بالأصول المهنية في التغطية الإعلامية للأحداث.
وعبر شاشة فضائية “دريم 2″، اتهم سلامة “الجزيرة مباشر مصر”، بإثارة الفتن بين أبناء الشعب المصري، وأن لديها أجندة ضد مصر، إلى جانب الكثير من البلدان العربية، بحسب وصفه.
وزاد حجاج من اتهاماته لـ”الجزيرة مباشر”، قائلا إنها كانت تعطي توجيهات لكل العاملين بها لصالح جماعة الإخوان، التي خرج منها الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث كانت هناك تعليمات تصل للقناة لنشر أخبار بعينها.
على نفس نهج حجاج سلامة، سار زميله المراسل للقناة في بني سويف، خلف أمين، ذلك الذي اتهم “الجزيرة مباشر بعدم الحيادية”، متهما جماعة الإخوان بأنها سيطرت على مقاليد العمل في القناة، حيث رفضت إذاعة المظاهرات المؤيدة للشرعية الشعبية، والمؤيدة لبيان الجيش.
انضم حسن عبد الغفار، مراسل القناة بالمنيا، إلى قائمة زملائه المستقيلين من “الجزيرة مباشر”، معتبرا أنه شعر بارتياح شديد بعد اتخاذ قراره بالاستقالة.
لم يكن مراسلو القناة وحدهم، الذين شعروا بانحياز القناة لمؤيدي الرئيس المعزول، بل وصل نفس الشعور إلى مشاهدي “الجزيرة مباشر”، بخاصة الذين يقومون بإجراء اتصالات هاتفية.. فإذا كانوا مؤيدين للجيش يتم قطع الاتصال عنهم، أو تضييق الخناق عليهم، قبل الانتهاء من رصد آرائهم، أما إذا كانوا مؤيدين لـ”المعزول”، فإنهم يحصلون على مساحة كاملة من الوقت لإبداء آرائهم.
كانت النيابة العامة، قد انتبهت لخطة الجزيرة مبكرا، حيث أمرت نيابة بولاق أبو العلا، باستدعاء عبد الفتاح فايد، مدير مكتب القناة بالقاهرة، لاتهامه بتكدير السلم العام، وتهديد الأمن القومى، وذلك من خلال بث مواد إعلامية وإخبارية تحرض على ذلك.
لكن.. لم تتوقف الاستقالات عند المراسلين بالقناة، بل امتدت إلى مذيعين كبار، ظلوا فترات طويلة أساسيين على شاشة “الجزيرة مباشر”، وفي مقدمتهم الإعلامي كارم محمود، وذلك احتجاجا على تغطيتها للشأن المصري بعد 30 يونيه.
استقالة “كارم”، جاءت بعد ساعات قليلة من طرد طاقم القناة من المؤتمر الصحفي الذي عقدته القوات المسلحة عصر اليوم، وكان من بين الذين غادروا قاعة المؤتمر، عبدالفتاح فايد، مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة
وبعد دقائق من رحيل “كارم محمود” عن القناة، أعلنت “مذيعة الحجاب” استقالتها من الجزيرة مباشر مصر، لأسباب عدة تتعلق بانحياز القناة لصف الإسلام السياسي، حتى أن الرسائل النصية كانت منتقاة في أغلب الأحيان، لإبراز قوة وضخامة مؤيدي الرئيس المعزول.
تركت “مذيعة الحجاب”، الدولارات التي كانت تتقاضها من “الجزيرة مباشر مصر”، لتنتصر لإرادة الشرعية الشعبية، التي أيدتها القوات المسلحة، بعزل الرئيس محمد مرسي عن سدة الحكم بعد عام واحد من جلوسه على كرسي الحكم في مصر.
“فاطمة” كشفت المستور داخل القناة، التي كانت تأتي بضيوف محددين، وسط تجاهل تام لباقي أطراف المعارضة، فضلا عن تلقين العاملين بالقناة لإذاعة كلام بعينه على الهواء مباشرة.
حين انتقلت فاطمة إلى “الجزيرة مباشر مصر”، كانت تنظر لها باعتبارها “قناة الثورة”، لكن مالبثت أن نما إلى ذهنها وجود مؤامرة على الجيش المصري، الذي يمثل رمانة الميزان في الوطن العربي، بحسب قولها.
وانتهت اعترافات المذيعين والمراسلين الخمسة، الذين غادروا شاشة “الجزيرة مباشر مصر”، إلى غير رجعة، لتكشف أحاديثهم عن المستور الذي أخفته كواليس ما كان يجرى في الغرف المغلقة للقناة، ويبقى الثامن من يوليو.. أسوأ أيام “الجزيرة مباشر” على أرض مصر
14/5/13710
https://telegram.me/buratha