حيدر الجزائري:
قرية النجيرية، في ناحية الإمام القائم(الثغر سابقاً) شمال البصرة، كانت يوما ما جنة سياحية من جنان الفيحاء، حيث المراعي والأرض الخضراء المملوءة بالمواشي والأغنام و والطيور والبساتين وآلاف من أشجار النخيل والعنب والتين وغيرها، والتي يحلو للبلابل التغريد فيها ، والذكريات البصرية الجملية للـ(الطبكة) التي تتوسط القرية وتنقل الأهالي إلى الضفة الأخرى من نهر دجلة الذي يطل عليها.
تلك القرية التي لاتبعد كثيرا عن حقول مجنون النفطية، ومن جهة أخرى حقول غرب القرنة، تعالج اليوم جروحها النازفة، مازالت تسرد لنا بلسان الدمار أحداث حرب طاحنة، وترابها الذي تشبع بدماء جنود جيشي العراق وايران في آذار عام 1985، وما احتضنه من جزء كبير من معركة مهولة اسماها النظام السابق بـ"تـــاج المعـــارك"، خلفت الأرض المحروقة، ومخلفات الحروب والمقذوفات وشردت الأهالي وقتلت المواشي وحطمت كل بنيتها ومرافقها وحتى (طبكتها) لم تسلم من ذلك الدمار الذي غيب عنها جمالها وسحرها الخلاب، لكن الأهالي عادوا إليها لاحقا خالي الوفاض وسكنوا بحدود الـ200 بيت من الطين.
القوات الدنماركية وبعد عام 2003، كمبادرة إنسانية وحيدة!! أعادوا ربط القرية شبه المقطوعة عن البصرة من جديد، عبر جسر للمشاة فليني، بكلفة 70 مليون دينار، أمسى اليوم متهالك وبحاجة إلى صيانة لكثرة فجواته وأوصاله المهددة بالتفكك، ما دفع بعض أهالي القرية إلى اللجوء إلى وسيلة بدائية للتنقل بين ضفتي نهر دجلة العميق بمياهه الجارية والخابطة بالطين، والتي ابتلعت طفلا صغيرا عمره اربع سنوات وقع من الجسر وفارق الحياة, بعد ان انزلقت قدمه بفعل الطين الزلق المتجمع على الجسر, حسب رواية والده السيد كريم المسعودي لراديو المربد, والذي روى لنا وفيات اخرى حدثت بسبب هذا الجسر, منها خمس ولادات ميتة بسبب تأخر نقل الامهات الى المستشفى
ويحدثنا وجيه القرية وشيخ عشيرة آل مسعود المالكي، كاظم صابر غضيب المالكي، قائلا" القرية التي تظم ستة قرى أخرى، مظلومة منذ نظام صدام ولغاية اليوم، وواقعها مزري لايوصف" مضيفاً بان "مطلبنا العاجل هو إنشاء جسر لعبور العجلات على نهر دجلة بطول 60 متر، لان الجسر الحالي متهالك وقديم وأجزاءه من الفلين، وتقوس بفعل مياه دجله، ومهدد بالتفكك ومملوء بالفجوات وهو المعبر الوحيد لنا.
وبين المالكي إنه قريته " تشكو انعدام محطة لمياه الإسالة، حيث نشرب الماء الخابط من نهر دجلة المالح، والذي لا يطيقه الحيوان" بحسب وصفه، " كما لا يوجد مركز أو مستوصف صحي ، إلى جانب غياب إي مشروع زراعي أو أروائي بالرغم، من إن القرية كانت تسمى بالجنة، لكثرة نخيلها وخضارها وأشجارها".
ولفت المالكي ايضاً إلى إن "القرية بحاجة إلى طريق معبد يصل طوله 5 كلم، إضافة إلى زيادة الكادر التدريسي في مدرسة القرية الابتدائية الذي يدرس طلاب القرية حتى صف الخامس الابتدائي، علاوة على حاجتنا إلى مدرسة متوسطة"
ويختم المالكي قوله إن "قريتنا لا تبعد عن حقول النفط الغنية كثيراً، لكننا لم ننل منها شيئا، كما إن اغلب أبناء القرية عاطلين عن العمل".
بدوره يقول المزارع عبد الحسن المالكي " قريتنا تشكو من مخلفات الحروب ومنها الألغام وبحاجة الى تطهير، حيث تنفجر على أبنائنا أثناء الرعي والزرع، والكثير من المواطنين زهقت أرواحهم بسبب تلك المخلفات إلى جانب آخرين تعرضوا لإصابات وبتر للأعضاء ، ومنهم أربعة من عائلتي".
من جانبه، يقول رئيس المجلس البلدي في ناحية الإمام القائم، علي المالكي، لإذاعة المربد " كان لنا مخاطبات مع الحكومة المحلية من اجل إطلاق جملة من المشاريع لهذه القرية، حيث استحصلنا موافقة إقامة جسر حديدي، وتعبيد شارع يبلغ نحو 5 كلم، وبناء مدرسة متوسطة"
ومن اسباب تلكؤ المشاريع في هذه القرية يقول عضو مجلس البصرة المحلي غانم عبد الأمير، لراديو المربد " المقاولون يتجنبون العمل في هذه المناطق لعدة أسباب، منها البعد عن المركز ما يجعل أسعار المواد مرتفعة، الى جانب عدم وجود طريق لنقل موادهم الإنشائية".محملاً مسؤولية عرض مشاكل القرية على عاتق حكومة ناحية الامام القائم والذي يُفترض انها تعلم مشاكل القرية وترفعها لنا, حسب تعبيره.
22/5/13709
https://telegram.me/buratha