تواجه حركة المقاومة الاسلامية ‘حماس′ مأزقا صعبا هذه الايام بعد اطاحة حكم الرئيس المصري محمد مرسي وانهيار نفوذ حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها. فشهر عسل الحركة مع السلطة الاخوانية لم يعمر اكثر من عام واحد فقط، وهو على أي حال لم يكن ورديا في معظم محطاته.
ملامح هذا المأزق باتت واضحة للعيان، فمعبر رفح المنفذ الوحيد لمليوني انسان من ابناء قطاع غزة الخاضعين لحكمها ما زال مغلقا لليوم الرابع في الاتجاهين، وفي غياب اي استثناءات للمرضى والزوار، وانفاق التهريب التي كانت احد الشرايين الرئيسية لاقتصاد القطاع، وتوفير معظم احتياجاته من الوقود والمواد التموينية والسيارات والمحروقات، تتعرض لعملية تدمير متواصلة من قبل الجيش المصري لاسباب امنية ولمنع تهريب اي اسلحة او مقاتلين الى سيناء التي تواجه فوضى امنية.
السيد اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة قال في خطبة الجمعة انه ليس قلقا من ‘الواقع الجديد في مصر’ ولكن الحقيقة مغايرة لذلك تماما فقد تمتعت الحركة بعلاقات خاصة مع مصر بعد الثورة المصرية التي اطاحت بالرئيس المصري الاسبق حسني مبارك الذي كان يتعاطى معها كظاهرة امنية ويرفض اللقاء مع اي من المسؤولين فيها بمن فيهم السيد خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي.
انصار حماس في قطاع غزة رقصوا حتى الصباح ابتهاجا بفوز الرئيس مرسي، اعتقادا منهم بان هذا الفوز سينهي حالة الحصار الخانق التي يعيشها قطاع غزة، ولكن هذا الفرح تبخر، وحلت محله مسحة من الكآبة بعد انتهاء الرئيس مرسي في احد المعتقلات.
ولعل حالة الكراهية التي تسود في قطاعات واسعة من الشعب المصري تجاه حركة حماس التي ترسخت من خلال برامج تلفزيونية مكثفة اتهمت الحركة باقتحام السجون المصرية للافراج عن الرئيس مرسي وبعض القادة الاخوانيين اكثر ضررا من اغلاق معبر رفح.
الخطأ الاستراتيجي الاول الذي ارتكبته الحركة هو وضع كل بيضها في سلة حركة الاخوان المسلمين في مصر وقطعها جميع العلاقات مع حلفائها القدامى في دمشق وطهران وحزب الله اللبناني، فمثل هذه المقامرة اعتمدت على اعتقاد بان الرئيس مرسي، وحكم الاخوان بالتالي، سيكمل فترته الاولى المقدرة باربع سنوات وهذا لم يحدث. اما الخطأ الثاني فيتمثل في سوء تقدير قوة النظام السوري وتوقع انهياره بالتالي في فترة قصيرة، وهذا لم يحدث ايضا.
اللافت ان المخزون السني الكبير الذي راهنت عليه حركة ‘حماس′ في مصر ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، عندما قررت قطع علاقاتها مع ما يسمى في الماضي بمحور الممانعة، بدأ يتبخر بعد استيلاء المؤسسة العسكرية المصرية على السلطة في القاهرة واطاحة الرئيس مرسي وحكمه. فعلاوة على انهيار هذا الحليف الاستراتيجي لحركة حماس، اي نظام الرئيس مرسي، فان دولا خليجية مهمة مثل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، علاوة على البحرين وبدرجة اقل الكويت، كانت اول من رحب بتولي الجيش السلطة، واول من سارع الى تهنئة الرئيس الجديد عدلي منصور ابتهاجا بسقوط الرئيس مرسي، وحركة الاخوان بالتالي.
المأساة الكبرى ان كراهية الحكم الجديد في مصر لحركة حماس بسبب تحالفها الاستراتيجي مع حركة الاخوان المسلمين في مصر، واعتبارها امتدادا لها في فلسطين ستشمل جميع ابناء القطاع وربما كل الفلسطينيين في مختلف الدول العربية والعالم، حيث بدأت تترجم هذه الكراهية على شكل اجراءات عقابية من بينها، او على رأسها، اغلاق معبر رفح.
20/5/13709
https://telegram.me/buratha