اشتهر "أبو البنات" مؤخراً بارتكابه جريمة ذبح الراهب الفرنسيسكاني الأب فرانسوا مراد من قرية الغسانية، وقد أثار قتل الراهب استنكاراً عالمياً وصلت أصداؤه إلى الفاتيكان.
وتضاف هذه الجريمة إلى قائمة طويلة من الجرائم الوحشية التي يتهم "أبو البنات" وكتيبته بارتكابها في حلب وريفها. وتحت وطأة فداحة الجريمة وعدم إمكانية استيعابها أخلاقياً واجتماعياً ودينياً، اختفى أبو البنات وسط أنباء متضاربة بعضها يقول أنه هرب خارج سوريا وبعضها الآخر يؤكد أنه غيّر فقط مكان إقامته خوفاً من ردة الفعل على جريمته الأخيرة.
حتى هذه اللحظة، وبعد مرور أشهر طويلة من تواجده في سوريا، فإن هوية أبو البنات الحقيقية غير معروفة. قيل أنه شيشاني جاء إلى سوريا بعد أشهر من بداية الأحداث، وقام بتشكيل كتيبة هدفها "الجهاد ضد النظام الكافر في سوريا".
لكنّ مصادر قريبة من كتيبة أبو البنات، قالت أن أبو البنات ليس شيشانياً وإنما من داغستان من أثنية الدارغين، وأنه كان يخدم في جهاز الشرطة في بلده قبل أن يهرب إلى أوروبا بسبب الشكوك التي حامت حول علاقته بالتنظيمات الإرهابية في القوقاز.
وتضيف المصادر أن ابو البنات جاء إلى سوريا قادماً من بلد أوروبي، حيث قام بتشكيل كتيبة مسلحة معظم المجاهدين فيها من الداغستانيين والاذريين والتتار.
وتمكن ابو البنات وكتيبته من السيطرة على بلدة مشهد بريف حلب وأعلن إمارته الإسلامية الخاصة به حيث سعى بشكل حثيث إلى تطبيق الشريعة الإسلامية كما يفهمها.
وقد أوقعه هذا الأمر في خلافات مستمرة مع أهالي المناطق التي يسيطر عليها، لأنه كان يتعامل معهم بغلظة وقسوة تصل في أغلب الأحيان إلى العنف، وهو ما جعل السكان ينفضون من حوله دون أن يجرأوا على مواجهته.
وقد تزوج أبو بنات فتاة من أسرة تابعة لسيطرته، وفي اليوم التالي أرسلها لأهلها معلنا أنها ليست عذراء. وبعد التحقيق تبين أنه لم يمس عروسه، مما أثار الشكوك بقدراته الجنسية وهل هو مصاب بالعجز وعلاقة ذلك بالعنف اللامحدود الذي يمارسه. وقد زاد تصرفه الأخير من استياء وكراهية عوام السوريين له ولمنهجه.
ولكن زادت قوة أبو البنات بشكل خاص بعد تحالفه مع أبو عمر الكويتي زعيم جماعة المسلمين (جند الخلافة سابقاً) والذي يقود مجموعات مسلحة أغلبها من الشيشان ويحظى بتمويل كبير. وكان من الطبيعي في ظل هذا التحالف أن يزداد عنف أبو البنات خصوصاً وأن حليفه الجديد متهم أيضاً بأنه من أصحاب الغلو في التطرف والتكفير وممارسة العنف.
وظهرت بوادر العنف الجديد في فتوى أبو البنات بقتل كل من يخالفه حتى لو كان من المقاتلين ضد النظام السوري.
وبالفعل وفي نيسان الماضي أقدم عناصر من كتيبة أبو البنات على قتل "اسماعيل عرابي" القيادي في مليشيا الجيش الحر. وقد ذكرت المصادر آنذاك أن عملية الاغتيال تمت بدم بارد من قبل المسلحين أثناء شراء “عرابي” للخضار من سوق الخضرة في بلدة الدانا، بريف إدلب. علماً أن الدانا قريبة من بلدة مشهد.
وقد كان قتل عرابي بداية المواجهة الفعلية بين أبو البنات ومليشيات الحر في المنطقة، وقد تعرض عدد من أفراد كتيبته للقتل على يد مجموعات مسلحة من الحر انتقاماً لقتل عرابي، وهو ما أدّى إلى قطع أي صلة بين الطرفين ووقوفهما من بعضهما موقف العداء.
إلى أن جاءت جريمة ذبح الراهب فرانسوا مراد التي روعت المواطنين وأثارت موجة كبيرة من الإدانة والاستنكار محلياً ودولياً، حيث نشر على الانترنت شريط فيديو (محتوى صادم) مروع لجهاديين في شمال سوريا يقطعون رأس الكاهن الكاثوليكي الأب فرانسوا مراد الذي كان موجودا في المنطقة لانشاء دير في الغسانية، وفي الشريط، يبدو الرجل مكبل اليدين، قبل قطع عنقه بسكين مطبخ.
ومنذ افتضاح هذه الجريمة وانتشار شريط الفيديو الذي يصورها، والإدانة الواسعة التي حظيت بها، اختفى أبو البنات عن الأنظار.
وقد أكدت مصادر محلية أن كتيبة أبو البنات انقسمت إلى مجموعتين، كل مجموعة تتهم الأخرى بالكفر وتفتي بقتلها، وهو ما أثر على نفوذ أبو البنات وجعله يغيب عن الأنظار في إحدى قرى ريف حلب الشمالي ريثما يعيد ترتيب أوراقه من جديد.
بينما أشارت مصادر إعلامية قوقازية إلى أن أبو البنات غادر سوريا وربما يكون عاد إلى مسقط رأسه داغستان
https://telegram.me/buratha