التقارير

الشعب يستعد لدفن «الإخوان المسلمين»!!

1357 14:44:00 2013-07-02

 

تعكسُ الانتفاضة الشعبية التي بدأت من مصر، وتنذرُ بامتدادها إلى دول عربية أخرى، مدى الرفض وغضب الشارع العربي من الدرك الذي أوصلنا إليه الإخوان المسلمون، وباقي أطياف السلفية والإسلام السياسي الذين طفوا على السطح بعد موجة ما يسمّى «الربيع العربي»، حيث تنبئ الانتفاضة ذاتها أيضاً بالاحتضار والموت السريري الذي تعيشه هذه القوى العميلة والمأجورة.

فالحالة التي عمد الغرب إلى تعميمها في هذا الوقت بالذات تشير إلى أنه استنفد كل أسباب ومبررات نجاح مشروعاته التقسيمية التي بدأت مع سايكس بيكو وزرع الكيان الصهيوني، ولم تنته مع مشروع شيمون بيريز «الشرق الأوسط الكبير» ونسخته المعدّلة التي بشّرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعد الاحتلال الأميركي للعراق وهزيمة «إسرائيل» في عام 2006 والمسمّاة «الشرق الأوسط الجديد»!!. على أن الغرب العائد اليوم إلى المنطقة بأقنعة ولبوس الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، لم يجد في جعبته الخاوية إلا حليفه الجديد- القديم، ونعني بذلك القوى السياسية «المتأسلمة» وفي طليعتها حركة الإخوان المسلمين.

ولعلّ من أهم عوامل ميل الغرب لاستخدام الإخوان المسلمين في مشروعه «الشرق الأوسط الجديد» هي تلك العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطهم بالاستخبارات البريطانية والأمريكية، إذ ما من شك بأن تلك الحركات المصنّعة أمريكياً وبريطانياً، وبدافع من سياستها العنفية الإجرامية، هي الأقدر اليوم على نشر إستراتيجية «الفوضى الخلاقة»، فكانت بجدارة رأس الحربة في مشروع تقسيم العالم العربي لتحويله إلى دويلات وكيانات سياسية صغيرة متقاتلة متناحرة تنتهي بالقضاء على بعضها بعضاً، كما حدث لملوك الطوائف في الأندلس.

لقد استثمرت الاستخبارات الغربية هوس الإخوان بالوصول إلى السلطة، وانصاعت لأوهامهم وإغراءاتهم بأنهم يتمتّعون بشعبية واسعة قادرة على تدجين الشارع العربي وفقاً للمصالح الغربية، فاستجابت لتلك الأوهام وتحالفت معهم لتنفيذ أجندة مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، وهنا تقفز إلى الأذهان رسالة حسن الترابي إلى جورج بوش الابن والتي قالها صراحة: "دعونا نصل إلى سدة الرئاسة وسنضمن لكم مصالحكم في الشرق الأوسط لما نتمتّع به من شعبية واسعة مقارنة بالأنظمة التي لا تمثل شعوبها".

إن استعراضاً تاريخياً لنشأة الإسلام السياسي وممثله الإخوان المسلمين سيقود حتماً إلى الاستنتاج أنهم كانوا دوماً يتمترسون في الخندق المعادي والرافض لكل أنواع الأنظمة (التي لم تستطع تلبية تطلعات الشعب العربي) على حدّ زعمهم، وأن حلّ مشكلات المجتمع العربي تكمن في الإسلام الذي يمثلونه، في حين أن الدين الحنيف الذي يدعو للخير والمحبة وإعلاء شأن الإنسان براء منهم.

ولو شئنا قراءة المشهد السياسي والأمني في دول «الربيع العربي» التي استولت على حكمها تلك الطغمة المتأسلمة بدعم من الغرب، فسنرى أن سمته الأساسية اضطرابات وتوترات واقتتال وتناحر يضع تلك الدول على شفير حرب أهلية جراء الرفض الشعبي العارم لفكر الإخوان القائم على إيديولوجية ظلامية تكفيرية بغيضة غريبة عن طبائع المجتمع العربي وفكره الحضاري.

ففي تونس التي تعيش ثورة شعبية تستعر تحت الرماد، غيّبها الإعلام العربي والعالمي ضد حركة النهضة «الإخوانية»، تتنامى حالة الرفض وتشتعل ثورة الغضب، ولاسيما مع افتضاح علاقات رئيس الحركة راشد الغنوشي مع منظمة «ايباك» الصهيونية، والتفاف هؤلاء المتأسلمين على مقدرات الدولة، وخذلان بعض رموز الجيش الذين ساعدوا على الإطاحة بنظام بن علي، فضلاً عن زج آلاف الشبان التونسيين للقتال في سورية.

وفي سورية تحوّلت حالة الرفض إلى حرب دموية يخوضها المتأسلمون الإخوانيون ومرتزقتهم من شذاذ الآفاق ضد الشعب السوري الرافض لوجودهم في حياته السياسية والاجتماعية، ما يؤكد أن سورية التي استأصلت إجرامهم في الثمانينيات ماضية اليوم بقوة وصلابة أكبر للقضاء عليهم وكشف دورهم في خدمة الأهداف الصهيوأمريكية، وليس أدقّ من توصيف الرئيس الراحل حافظ الأسد لهم حين قال في خطابه التاريخي عام 1982: (لا أخطر على الإسلام من أن تشوّه معانيه ومضامينه وأنت تلبس رداء الإسلام.. وهذا ما يفعله الإخوان المجرمون.. يقتلون باسم الإسلام.. يغتالون باسم الإسلام.. يذبحون الأطفال والنساء والشيوخ باسم الإسلام.. يقتلون عائلات بكاملها باسم الإسلام.. يمدّون يدهم إلى الأجنبي وإلى عملاء الأجنبي وإلى الأنظمة الأمريكية العميلة على حدودنا.. يمدون إلى هؤلاء أيديَهم ليقبضوا المال وليأخذوا السلاح.. ليغدروا بهذا الوطن..).

واليوم تشهد مصر انتفاضة ضد «أخونة» المجتمع والاقتصاد والهيمنة على الدولة التي احتال مرسي وجماعته للوصول إلى حكمها في تزوير فاضح أقصى المرشح أحمد شفيق الذي حاز على نسبة كبيرة استطاع الإخوان الاحتيال والالتفاف على نتائجها، ليفوز محمد مرسي بالرئاسة.

لقد دفعت الولايات المتحدة بكل ما تملك من تأثير لإيصال الإخوان إلى السلطة، وسعت «إسرائيل» معها يداً بيد لتحقيق ذلك ترجمة لحلم الإرهابي ووزير الحرب الصهيوني موشي ديان الذي قال في عام 1968 أثناء فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: "إننا إن استطعنا إسقاط عسكر جمال عبد الناصر وتصعيد تيار مدني إلى سدة الحكم يقوده الإخوان المسلمون في مصر.. فسوف تتنسم «إسرائيل» رائحة الدم والدماء في كل بقعة من أراضي مصر.. فلتكن هذه هي غايتنا.. وحربنا الفكرية بمساعدة أصدقائنا الأمريكان"!!.

ومن هنا نستنتج بأن أي نظام في العالم لم يستطع أن يقدّم للغرب و«إسرائيل» ما قدمه لهما الإخوان من تنازلات جعلت من مصر قشة في مهب الريح لقاء بقائهم في السلطة، فقد أبقوها مقيّدة باتفاق كامب ديفيد المذل، واستطاعوا وفي فترة وجيزة جداً أن يفقدوا مصر وزنها الإقليمي والدولي، ويبعدوا عنها حلفاءها التاريخيين لاعتمادهم النهج المتمترسين خلفه وهو نهج التآمر المفضوح، فقد تآمروا على فلسطين بالتحالف مع حركة حماس وتغييب القوى الفلسطينية الأخرى، وتآمروا على سورية عبر دعمهم السياسي للمشروع العدواني عليها، والدعوة إلى «الجهاد» فيها واحتضان شيوخ التكفير والفتنة، وقيام الحاج مرسي بنفسه بإطلاق النداءات للشعب المصري وتحريضه للقيام بما سماه واجبه الشرعي للقتال في سورية، ومحاربة حزب الله (الشيعي) الذي هزم «إسرائيل» ومرّغ أنف صديق مرسي الحميم شيمون بيريز وقادة جيشه بالتراب، فضلاً عن زرع بذور الفتنة بين المسلمين أنفسهم في سابقة لم تعهدها مصر!!.

وما أذهل المصريين هو أولى تداعيات دعوات ونداءات الحاج مرسي الغبية، حيث أقدم إخوانيون على قتل مواطنين (شيعة) سحلاً في منطقة الجيزة استجابة لفتوى (رئيس جمهورية مصر العربية)!!.

لقد أدّى انشغال مرسي بتأجيج نيران الفتنة الطائفية إلى عزل مصر برمتها، حتى تخلّى عنها الصديق والحليف، وبات الأمن القومي مهدداً على نحو خطير جداً، ولعلّ خير شاهد على غباء الإخوان السياسي والإستراتيجي هو معالجتهم لأزمة سد النهضة الإثيوبي الذي يهدّد الأمن المائي، إذ اصطفت دول حوض النيل مع إثيوبيا بما فيها السودان التي أعلنت أن لا ضرر عليها في بناء السد المذكور، وكل ذلك مردّه باعتقادنا إلى انكفاء الدور المصري والعزلة التي تعيشها القاهرة، مقابل بروز الدور الإثيوبي في القرن الإفريقي، ما جعل أصغر دولة تتجرأ على مصر «أم الدنيا».

أما الدليل الآخر على غباء الإخوان، فهو ما حدث في الاجتماع السري الذي قاده مرسي مع القوى السياسية لمناقشة أزمة سد النهضة، إذ أمر ببث الاجتماع (السري) على الهواء مباشرة في مشهد كوميدي أتى كلياً على صورة مصر في العالم كلّه!!.

إن جملة الأسباب المذكورة آنفاً ساهمت إلى حدّ كبير بانكشاف صورة الإخوان المسلمين أمام الشعب والرأي العام العربي، عدا عن فقدانهم الدبلوماسية والمرونة السياسية وتحجّر رؤيتهم الفكرية وتأطيرها ضمن حدود ضيّقة جداً رسموها بأنفسهم ولأنفسهم، مستغلين الواجهة الإسلامية بما يخدم ميولهم السلطوية العنفية ضد كل من يخالفهم، ويلبي حاجة الاستخبارات الغربية التي صنعتهم وهيأتهم لهذا الدور التخريبي.

وهنا يمكن القول أيضاً إنه وعلى الرغم من اختلاف المجتمعات العربية من حيث بنيتها الفكرية والثقافية والسياسية، إلا أنها تتوحد اليوم لتحقيق هدف جامع ومشترك، هو رفض الفكر الإخواني الذي يتحرك بعكس الجاذبية السياسية العربية، ومواجهة من حمل السلاح ودمّر الأوطان، وشلّ إرادة البناء أو الحوار، ورفضَ أي حالة معتدلة تتعارض مع فكره الإلغائي الإقصائي، في دليل واضح على أن «المتأسلمين» لم يكونوا عبر التاريخ إلا أدوات وبيادق في مشروع الغرب ولا خيار لديهم أو قرار بحرف البوصلة قيد إنملة.

إن الإخوان الذين رفعوا أعلام فرنسا وإيطاليا في سماء ليبيا، ويقاتلون في سورية ويحرقون مؤسساتها ويدمرون بناها التحتية، ويستغيثون بالدول الغربية وحتى «إسرائيل» لضرب من يقاوم المشروع الصهيوأمريكي، هم اليوم قاب قوسين أو أدنى من النهاية، فلربما تكون جنازاتهم قد انطلقت في مصر وتونس وليبيا، لكن لن يكون دفنهم ودفن مشروعهم إلى الأبد إلا في سورية، وإن غداً لناظره قريب!!.

31|5|13602

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك