أكد الكاتب الفرنسي رونو جيرار أن الدبلوماسية الفرنسية حول الملف السوري في السنوات الأخيرة اتصفت بالسذاجة وافتقدت الاستمرارية والبراغماتية والواقعية معتبرا أن دعوات فرنسا لتسليح المعارضة السورية واغلاق السفارة الفرنسية في دمشق كان فقط سعيا من الساسة الفرنسيين لتقليد الأمريكيين وبذلك حرمت فرنسا نفسها من وسيلة هامة لمعرفة الوضع على الأرض والحوار مع الحكومة السورية .
ورأى الكاتب في مقال نشرته صحيفة لوفيغارو بعنوان "سذاجة فرنسا ازاء الملف السوري" أن عدم الواقعية الفرنسية ظهر في الطرح الفرنسي لحل الأزمة في سورية إذ "أعلنت فرنسا منذ منتصف عام 2011 عن دعمها للحوار السياسي بشرط استبعاد الرئيس بشار الأسد متجاهلة ان هذا الموقف يتجاهل أن الرئيس الأسد يجسد جهاز الدولة السورية ولم يكن هناك أي داع لذلك الشرط" .
واعتبر الكاتب "أن الحل الوحيد للازمة في سورية هو إقامة حوار بدون شروط بين السلطة والمعارضة وسيكون من المفيد أن تقوم فرنسا اليوم بدعم جهود روسيا في هذا الصدد" مشيرا إلى أن اقتراحات فرنسا أمام شركائها الأوروبيين بتسليح المعارضة السورية ادت فقط لاثارة غضب روسيا والمبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي بدون فائدة .
ولفت جيرار إلى أن "وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لم يدرك أن العولمة وصلت إلى الجماعات الاسلامية كما وصلت إلى المال حيث أصبحت سورية كما حصل في العراق سابقا ساحة للوهابيين المتطرفين القادمين من جميع أنحاء العالم كما أصبحت أعمال الترهيب المرتكبة ضد المسيحيين على اساس الدين أمرا رائجا" . واشار جيرار إلى أن ائتلاف الدوحة الذي أسس بفضل التمويل القطري لا يسيطر على أي شيء يحصل داخل الأراضي السورية التي يفرض المتطرفون فيها قوانينهم .
وقارن الكاتب بين سلوك فرنسا في مالي وسلوكها في سورية مشيرا إلى أن المتطرفين الذين تقاتلهم فرنسا في مالي تدعمهم في سورية وتطالب بتسليحهم واستشهد بحادثة وقعت مع احد المتطرفين التونسيين موضحا أنه "عندما قام الجيش الفرنسي بتمشيط جبال أدرار في شمال مالي قبض الجنود الفرنسيون على أحد الجهاديين وشاب تونسي تدرب في أحد المعسكرات السرية في بلده لكي يذهب إلى سورية ويقاتل ولكن في اللحظة الأخيرة ظهر عائق لوجستي منعه من الانضمام إلى الشبكات الموجودة شرق تركيا وقرر رؤساؤه إرساله إلى مالي لكي يقاتل الفرنسيين" .
وقال الكاتب "إنه وضع غريب.. لو شاءت الظروف أن يذهب هذا الجهادي إلى الأحياء الشمالية في حلب فإنه سيكون في موقع الحليف الطبيعي لسياسة الحكومة الفرنسية.. ولكن بما أنه اتجه نحو مالي فقد عاملته فرنسا بصفته عدوا لها" . وأشار الكاتب إلى أنه خلال الاجتماع الأخير لمجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي دعا فابيوس إلى رفع الحظر عن الأسلحة المرسلة إلى المعارضة في سورية.. ولكن زميله اللوكسمبورغي سأله ببساطة "إشرحوا لي أنا لا أفهم جيدا تريدون مساعدة الجهاديين في سورية في حين أنكم تقاتلوهم في مالي" .
وتساءل الكاتب "هل فابيوس ساذج أم أنه حصل على معلومات خاطئة" وذلك ردا على تصريحات فابيوس عندما دعا إلى إرسال الأسلحة للمعارضة وقال انها ستقدم ضمانات مطلقة بأنها لن تستخدم هذه الاسلحة ضد المدنيين وبأنها لن تصبح لاحقا وسيلة لقمع الأقليات ولن تبيع السلاح لاحقا إلى منظمات إسلامية معادية للغرب" .
وقال الكاتب "من المستحيل وجود مثل هذه الضمانات.. لن يكون بإمكان أي شخص السيطرة على الاستخدام النهائي للأسلحة بمجرد عبورها للحدود التركية السورية.. هذه هي القاعدة الجيوسياسية القائلة انه لا يوجد إمعات يمكن الثقة بها" . واضاف الكاتب انه في هذا المجال كانت تجربة الأمريكيين مريرة في أفغانستان خلال سنوات الثمانينيات لقد قاموا بتقديم السلاح والمساعدة لبعض التنظيمات هناك وهذه التنظيمات نفسها تقوم اليوم بمطاردة الجنود الأمريكيين وقتلهم .
3/5/13412https://telegram.me/buratha