جرت بطريقة دراماتيكية، وفد ما يسمى بالمعارضة السورية وقف على الباب منتظرا تسلم قطر رئاسة المؤتمر من نائب الرئيس العراقي ، وعندها دخل الخطيب ...كان الوفد العراقي جالسا بكل أعضاءه دون أن يعلم ما يجري...بدا الأمر هكذا، لكنه عندما علم لم يفعل شيئا...
يحمل إقدام الجامعة العربية المفاجئ على تسليم مقعد سوريا في الجامعة العربية إلى المعارضة مزيد من الإشارات عن أن بعض الدول العربية لا تتنكر لمصلحتها الوطنية في إيجاد الاستقرار و الثبات في منطقة غرب آسيا و شمال أفريقيا فحسب، بل إنها تضحي بالمبادئ القومية العربية كرمى لعيون أرباب البيت الأبيض و مصالحهم في المنطقة.
حيث أن إيكال مقعد الحكومة السورية في الجامعة العربية لما يسمى ب"الائتلاف الوطني للمعارضة السورية" و الذي يمثل التيار الأقوى في دعم الارهابيين المسلحين في هذا البلد، أثار استغراب المراقبين و المحللين الدوليين؛ و ذلك لأن من بين كل دول العالم لم تبد سوى قطر و فرنسا استعدادهما لفتح سفارات لهذا الائتلاف في بلادهما، و حتى أن منظمة الامم المتحدة قد عارضت هذا الأمر.
وإن استثنينا بعض الأحداث النادرة خلال فترة الحروب العالمية الأولى و الثانية، لم يسبق حتى اليوم أن تقوم منظمة دولية أو إقليمية بإقصاء حكومة رسمية و إحلال محلها قوى معارضة لها. فهذا الأمر يشبه في استحالته أن تقوم الأمم المتحدة بتسليم مقعد الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المنظمة إلى معارضة تمثل 99 بالمئة.
و بالرغم من ذلك وجه أمير قطر الذي ترأس اجتماع قادة الدول الأعضاء في الجامعة العربية دعوة إلى "أحمد معاذ الخطيب" رئيس الائتلاف السوري المعارض و الوفد المرافق لتولي مكان سوريا في الجامعة العربية. فقد تمت هذه الخطوة في الوقت الذي تسيطر فيه الحكومة الرسمية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد على العاصمة و جميع أركان الحكم في هذا البلد، و في الوقت الذي ما تزال لهذه الحكومة سفارات تنشط في كثير من الدول العربية.
و قد رافق مساعي الجامعة العربية الموهومة و الإنعاشية هذه، تصعيد أعمال العنف و الهجمات الارهابية في سوريا و السعي لأجل إحباط العملية السياسية لحل هذه الأزمة. و هي الأعمال التي تمت مباشرة بعد الزيارة التي قام بها أوباما إلى المنطقة. حيث دخلت الأعمال الارهابية مرحلة جديدة باغتيال رئيس علماء بلاد الشام و كذلك من خلال استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.
لكن ردة الفعل القوية التي أبرزتها كل من إيران و روسيا و الصين تجاه هذه الخطوة كان من شأنها شل حركة المخططين لهذا المشروع و تعطيل حركة الارهابيين على الأرض السورية؛ و ذلك لأن ايران و روسيا تعملان بشكل جدي على عقد محادثات المصالحة الوطنية بين المعارضين السوريين و حكومة الرئيس بشار الأسد، في حين أن خطوة الجامعة العربية هذه و التي تعتبر تهديد علني للدولة الرسمية السورية من شأنها أن تمهد الأرضية من أجل عرقلة أي مجهود من الدولة المذكورة لأجل إيجاد حل سلمي للأزمة.
و بهذه الصدد، اعلنت وزارة الخارجية الروسية يوم الأربعاء الماضي من خلال بيان لها جاء فيه: "خطوة الجامعة العربية حول سوريا وفقاً للقوانين الدولية هي خطوة غير شرعية و غير مبررة و ذلك لأن حكومة الجمهورية العربية السورية كانت و مازالت الممثل الشرعي و القانوني لهذا البلد في الأمم المتحدة." كما أدانت روسيا مساعي الدول الأعضاء في الجامعة العربية من أجل تأمين الدعم في جميع المجالات للمتمردين السوريين الذي يتمتعون بدعم مالي و تسليحي خارجي.
من ناحية أخرى، تسببت الهجمات التي شنها الارهابيون في سوريا في الأيام الأخيرة تحت غطاء من الدول العربية و الغربية إلى قيادة مصير المحادثات بين المعارضة السورية و الحكومة السورية إلى المجهول. فيبدو أن مجموعة الخيوط السورية تواجه مزيداً من العقد في ظل سعي الولايات المتحدة إلى امتداد التوترات إلى لبنان و العراق و في نهاية المطاف إيران، و لذلك فهم بحاجة إلى إحماء التنور السوري.
يبدو أن الجامعة العربية و على رأسها كل من قطر و السعودية و التي سعت من خلال هذه الخطوة القائمة على حقن بعض الدماء البترودولارية في جسد المعارضة السورية المنهك، للضغط على حكومة الرئيس بشار الأسد، سوف تندم كثيراً على هذا العمل؛ و ذلك لأن فيروس "الإيدز" قد انتقل من دم الارهابيين السوريين الفاسد إلى عروق الجامعة العربية و قريباً سوف يتفشى هذا المرض ليطال كل المنطقة؛ و طبعاً لن تكون دول المنطقة بما فيها تركيا بمنأى عنها.
8/5/13406
https://telegram.me/buratha