الشعر

فاجعةُ الوَرَم الخبيث


عبد الله ضراب الجزائري

أبياتُ هذه القصيدة عَبراتُ زوجٍ وفيٍّ يرى زوجته يستحوذُ عليها الورم الخبيثُ وهو عاجزٌ عن إنقاذها

***

القلبُ أرهقه ثِقلٌ من الألمِ ... فالهمُّ والغمُّ مثل الطّود في العِظمِ

أقسى فراقٍ فراقُ الموت بعد ضنى ... يُردي الأحبَّة في مَهلٍ ويَخترِمِ

يقضي على الحسْنِ في وجْهٍ يُشعُّ سنا... كما تبادُ نفوسُ الحقِّ في الحَرمِ

***

وَجْهُ المحاسنِ لم أفطنْ لبهجتِهِ ... حتَّى توارى وراءَ النَّزْفِ والكُدَمِ

تمضي المنايا بذاك الحسنِ تدفنُه ... والبَيْنُ يبعثُ حسَّ الشوقِ والنَّدمِ

لو كنتُ أعلم ما شاء القديرُ بها ... ما لمتُها أبدا يوماً على كَلِمِ

كانت تعاني ولم أشعرْ بلوعتها ... فتظهرُ اللَّومَ في حنْقٍ وفي نِقمِ

كانت تعاتبني بالصَّمت كاتمة ً... عنِّي تعاستَها من وطأة الورَمِ

تبيتُ تذرفُ لا تشكو مواجعَها ... إلا لخالقها في عُتمَةِ الظُّلمِ

لو كنتُ أقوي .. " ولو في الدِّين باطلة ٌ" ... لبعتُ روحي لكي تُشفى .. بذلتُ دمي

لكنَّه قدَرُ الرَّحمن قيَّدنا ... كما يُقيِّدُ ما في الكون من سُدُمِ

إذا أُنِيطتْ بنا أقدارُ خالقنا ... فالصَّبرُ انفعُ ما في العقل من حِكَمِ

لا يُبطلُ القدرَ المكتوبَ ذو جَزَعٍ ... لا يرجعُ الدَّمعُ ما ولَّى من النِّعمِ

كم كنتُ أحلمُ في عيشٍ تُتوِّجُهُ ... لكنَّ قاتلَها أوهى بُنى حُلُمِي

أخطو صباحاً على دربي بلا أملٍ ... كأن قيدا ثقيلا شُدَّ في قدَمي

ماذا سأفعل بالأرزاق إن هطلتْ ... والحِبُّ بين الثَّرى والصَّخر والعُتمِ

ماذا أسوي بأموالٍ إذا كثرتْ ... والحِبُّ تنهشه الدِّيدانُ في الرِّمَمِ

قد كنتُ أسعى لكي تحيا مُكرَّمةً ... فتشكرُ الله عن ودِّي وعن كرَمي

همِّي حمايتُها من كلِّ ضائقةٍ ... صونُ الحليلة ِمن ديني ومن قِيَمِي

لكنَّ نازلةَ الأورام قاسيةٌ ... أقسي المصائب والأقدار والسَّقمِ

تُردي الأحبَّة ما في الطبِّ من أملٍ ... يُدني الشِّفاء ويُنهي صولة الوَرَمِ

أرى البليَّة تفشو في محاسنِها ... شيئا فشيئا كوحشٍ فاتكٍ نَهِمِ

والقلبَ يعصره عجْزٌ يُصاحبه ... يأسٌ تَغلغلَ في عزمي وفي هِمَمِي

لم يبقَ لي أملٌ إلا الدعاء فقدْ ... أجاب خالقُنا المُضطرَّ من قِدمِ

***

يا حاملَ الهمِّ من ضرٍّ أحاط بمنْ ... تهوَى فاردي كجيشٍ كاسحٍ عَرِمِ

الموتُ حقٌّ فلا تجزعْ إذا رحلتْ ... أكرمْ مآثرَها بالذِّكرِ والقلمِ

أكرمْ مُحجَّبة ًفي البيت ماكثة ً... لم تختلطْ بقطيع الشُّرْهِ والوَهَمِ

أنيسُها في الورى الموبوء مصحفُها ... والزَّوجُ والولدُ المحبوكُ بالقِيَمِ

والسَّبحةُ انتظمتْ في كَفِّها دُررًا ... الذِّكرُ دَيْدَنُها لا موضةُ الصَّنَمِ

أبدتْ قناعتَها في العيشِ فاختزلتْ ... كلَّ السَّعادة في سِتْرٍ وفي شِيَمِ

فلتسكنِ اليومَ في العلياءِ راضيةً... الشُّكرُ والصَّبرُ دربُ الفوزِ بالقِمَمِ

***

لا تفرحنَّ بما يُغري النّفوس فلا ... تُدْرَى غوائلُ هذا الدَّهرِ في الأمَمِ

كم خبَّأ الله من رُزْءٍ و فاجعة ٍ... في ساعة الأُنسِ .. إن فوجئتَ لا تَلُمِ

كلُّ المباهج في الدّنيا مُسيَّرة ٌ... نحو النِّهاية والإتلاف والعَدَمِ

أسلمْ فؤادَك للرَّحمنِ من فَطَرَ ... كَوناً يُسَيَّرُ بالأقدارِ والنُّظُمِ

ما فيه هزْلٌ ولا طيشٌ ولا عَبثٌ ... في حِكمةٍ ترسمُ الغاياتِ يَنسجِمِ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك