الشعر

الفرزدق شاعر الولاء والتحدي


 

ونحن نستعيد الذكرى السنوية لولادة الإمام علي بن الحسين عليه السلام ، في اليوم الخامس من شهر شعبان نزف إليكم أسمى آيات التبريكات والتهاني بهذه المناسبة الكريمة .

  وعند استعرض حياة الإمام السجاد عليه السلام ، لابد للباحثين والمؤرخين من تسليط الضوء على حياة الشاعر الكبير الفرزدق وقصيدته الميمية التي يبين فيها منزلة الإمام عليه السلام في الإسلام وصفاته وكرمه وانتسابه إلى فاطمة الزهراء والى رسول الإنسانية الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 هذه القصيدة العصماء التي تمثل تحدياً صارخاً جسوراً واستنكاراً شديد اللهجة لذلك التجاهل الغبي من قبل الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك لشخصية الإمام زين العابدين عليه السلام

   وكان الفرزدق بذلك رجل الساعة ورجل الموقف ورجل الكلمة التي عبر عنها حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )

وفي الواقع أن شعرائنا هم رجال المواقف المبدئية والصلابة مهما كانت التضحيات ، بينما نرى شعراء الذل والارتزاق يتسكعون على أعتاب الظلمة ويمجدون التوافه ويتمرغون بأوحال بيع الكرامة والمبادئ والخلق على الجبابرة والجلادين من أجل الحصول على مطامع زائلة ومكاسب تافهة حقيرة .

 الفرزدق لغة الرغيف قبل أن يخبز وهو لقب غلب على الشاعر الفذ همام بن غالب التميمي لضخامة وجهه ومشابهته لعجينة الرغيف .

 ولد الفرزدق في البصرة في حدود سنة عشرين للهجرة في بيت هو موضع الفخر والاعتزاز حيث كان أبوه غالب من أجود العرب ، وجده  صعصعة هو الذي منع وأد البنات في الجاهلية وأمه لينة وقيل ليلى بنت حابس أخت الأقرع بن حابس الصحابي المعروف . وهكذا نشأ في أحضان المجد والشرف وكان شعلة من الذكاء منذ طفولته المبكرة ، وبدأ ينظم الشعر في زمن الصبا فجاء به أبوه غالب إلى الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقال له أن ابني هذا مت شعراء مضر فاسمع منه فأجابه الإمام : علمه القرآن.

 ( كان الفرزدق متعصباً لآل البيت شديد التشيع لهم ، مجاهراً بحبه إياهم ، وخير دليل على حبه لآل البيت قصيدته الميمية التي مدح بها زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب فإن ما فيها من عاطفة صادقة واندفاع شعوري يؤيد ماقيل عن حبه وتشيعه لهم .

 والحادثة شهيرة عندما حج هشام بن عبد الملك واحتفت به المرتزقة والوجوه والأعيان وشخصيات أهل الشام وقد  جهد على استلام الحجر فلم يستطع لازدحام الحجاج ، وتدافعهم على تقبيل الحجر ، ولم يعن أحد بهشام ولم يفسحوا له ، فقد انعدمت الفوارق في ذلك البيت العظيم ، وقد نصب له منبر فجلس عليه ، وجعل ينظر إلى عملية الطواف .

 وأقبل الإمام زين العابدين عليه السلام ليؤدي طوافه ، وبصر به بعض من يعرفه من الحجاج فنادى بأعلى صوته : هذا ابن رسول الله هذا ابن علي المرتضى هذا ابن فاطمة الزهراء هذا بقية الله في أرضه ، هذا بقية النبوة ، هذا زين العابدين وأمام المتقين .

 وغمرت الحجاج هيبة الإمام التي تعنو لها الوجوه والجباه وهي تحكي هيبة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعالت الأصوات من جميع جنبات المسجد بالتهليل والتكبير ، وانفرج الناس له سماطين فكان السعيد من يقبل يده ، ويلمس إحرامه وضج البيت بالتكبير وذهل أهل الشام ، وبهروا من هذا المنظر الرهيب ، فإنهم لا يرون أحداً جديراً بالتكريم والتعظيم غير الأسرة الأموية ، فهي وارثة النبي والقريبة اليه حسب ما أكده الإعلام الأموي الكاذب .

  وبادر الشاميون إلى هشام قائلين :

من هذا الذي هابه الناس هذه المهابة ؟

 وتميز هشام من الغيظ وانتفخت أوداجه وبرزت عينه الحولاء فصاح بهم لا أعرفه .

وإنما أنكر معرفته للإمام مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ويزهدوا في بني أمية ، وكان الفرزدق شاعر العرب الكبير حاضراً فاستيقظ ضميره ، فاندفع بحماس قائلاً لأهل الشام : أنا أعرفه قالوا من هو يا أبا فراس ، قال :

هذا الذي تَعرفُ البطحاءُ وطأتهُ

                    والبيتُ يعرفُهُ  والحل. والحرمُ

هذا ابن خير عباد الله كلهم

                    هذا التقي النقي الطاهر العلمُ

هذا ابن فاطمة إن كُنتَ جاهلهُ

                    بجدهِ انبياءُ الله قد   خُتموا

وليس قولكَ من هذا بضائره

                    العُربُ تعرف من أنكرت. والعجم ُ ... الخ

 وستبقى هذه القصيدة الخالدة تُتلى في آناء الليل وأطراف النهار ، كلما تذكرنا الإمام زين العابدين في صلواتنا وتراتيلنا ، السلام عليك يامولاي يازين العابدين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً وحشر الله شاعرنا الفرزدق في مقعد صدق مع محمد وآل محمد لما حمله من مشاعر الود والتكريم والاحترام والحب والولاء لمحمد وآل محمد .

إلا ومن مات على حب محمد وآل محمد مات شهيداً مات مغفوراً له

14/5/13613

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك