( قصيدة للدكتور نوري الوائلي )
أسفي وحزني قد أهاجَ مواجعي=== والقلبُ في صدري يضيقُ تحسرا
دمعي يفحُّ على جروحي بالحمى == ما أكثر الآهات تعصرُ خاطرا
عجزتْ خطوطي ثم شعري قاصرا ً= عن وصف هم ٍ قد تجمّعَ قاهرا
هذي مشاعرُ لا يدوّن قدرُها == حرفا ً ولا قلما ً يوضّحُ معسرا
هذا ليومٌ قد تخلف راحلي === لحضورِ مكة َ والمدينةِ نافرا
أحببتُ قبرَك يا حبيبَ قلوبنا === يا رحمة ً للناس تشفع ُ حائرا
في روضك الزهراءُ ترقد روحُها== والكونُ يسطعُ منكما متنوّرا
في ذاكري تبقى قبابُك سيدي === طيفا ً أمامي يستفيضُ مشاعرا
سعدتْ بقبرك أرضُنا ونفوسُنا === وانسابَ عشقُ هيامِنا به انهرا
من بعد قبرك والبقيع ِ وجعفر ٍ === ورياض جناتٍ ببيتك للورى
مالتْ عيوني نحو واقعة ٍ بها === غدر ٌ بحمزة َ ,صدرُهُ قد اُنحرا
بعد المدينة قد حزمتُ حوائجي === وغسلتُ جسمي طاهرا متأزّرا
ونويتُ أن أمضي إلى خير القرى ===أرض بها بيتٌ يطافُ شعائرا
بيتٌ له أشتاقُ حتى تكتوي === روحي بنار الحب تحرقُ ساجرا
ما أن نظرت لبيتِ ربك, تستقيـ=== م بك الرؤى , تروي حياتك ناظرا
بيتٌ له تأتي على ولع ٍ بها ==== بشرٌ كأفواج الجراد تواترا
***********
الكعبة ُ السوداءُ حول جدارها == زمر ٌ تطوفُ تواليا ودوائرا
بنيتْ بأسم إلهنا رمزا له ==== حرم ٌ عظيم ٌ ضمّ يوما ً حيدرا
تصبو له شوقا ً رجال ٌ امنتْ === فرضا ً عليها أن تطوف وتنحرا
لبيك ربّي قلتها متتاليا === لبّيتها ألفا ً وألفا ً غافرا
حمدا ً وشكرا ً قلت عند ندائنا ===لبّت جوارحُنا فلبّت قاهرا
غُلقت بيوتُ الناس, بيتك ٌ دائما === أسوارُه للكون تحفظُ زائرا
وجلستُ أنظرُ في عيون ٍ لا ترى ===إلا جمالا ً قد تنوّرَ مبهرا
بللتُ من دمعي ومعدن ِ مقلتي === الكعبة َ الغراءَ أجهشُ حاسرا
صلّيتُ فيك صلاة َ عبدٍ تائب ٍ === وقرأتُ آيات الكتاب تبحرا
وقف الخليلُ وأبنهُ تشاورا ً === في رفع صخرات الجدار منائرا
يا قبلة َ الإسلام يا أرضَ الهدى === تتلألأ ُ الأنوارُ منك نوافرا
من حولك الرحمن أنزل شارعا ً=== فغدت قبابك للزمان منابرا
وعلى يمينك هاجرٌ قد هرولتْ === بين الصّفا (والمروه) تطلبُ ناصرا
ورميتُ من فجر ٍ حجارة َ جمرة ٍ == وفديتُ قربانا ً , نحرتُ مناحرا
وحلقتُ رأسي ثم سرتُُ بواديا === البيتُ قصدي ساعيا ً متبشرا
بعد الطواف نظرتُ للبيت الذي ===رمزٌ الهيّ ٌ حوى متكبّرا
فسألتُ صاحبه عطاءً مكرما === عمرا ً وعافية ً أعودُ مكبّرا
يا ساقيا ً من بئر زمزمَ أسقني === ماءً على جسمي يزيلُ توترا
***************
أهلا بأيام ٍ عظيم ٌ قدرُها === عشرٌ بها , تعلو الشعائر مأثرا
جمْع ٌ بها من كل فوج ٍ قد أتى ===ترك الديارَ وجاءَ يأملُ قادرا
اليوم قد ذهبَ الحجيجُ الى منى == للذكر , والدعوات تعشقُ غافرا
عرفات يا يومَ الحجيج معظما ً ===في أرضك الرحمن يسعدُ حائرا
فدعوتُ ربي عند رؤيةِ شهره === أن يقبل الصلوات , يقبل سائرا
مرحىً لذاك اليوم نأملُ لقيه === والقلبُ يحدوه اللقاءُ ليبحرا
تبا ً لدهر ٍ لم يساعدْ راحلي === فعجزتُ عن سفر ٍ, وصرتُ محيّرا
لو كان عندي ما يسدّ حوائجي == لحزمتُ أمري للمدينة طائرا
ما لي سوى أدعوكَ دعوة َ مؤمن ٍ = يحبو لبيتك ساجدا ً متفاخرا
أكتب حظوظي فائزا ً مستبشرا ً == عند انفضاض حجيج بيتك ظافرا
ورجعتُ أدعو والسرورُ يزفني== أملي عظيمٌ أن أعودَ وأطهرا
يا عشرة ً أنت المنى أنت الرجى== فيها يجاب دعاؤنا , لن يصغرا
تحوي زيارة مشعر والمصطفى ==تحوي مشاعر جمّة وتحاورا
العشرة ُ البيضاءُ جلُّ خلاصِنا === من كل ذنبٍ يستظلُ مقابرا
يا ذاهبا ً للبيت ابدء ْ ذاكرا ً === بالخير رحمكَ والمعارفَ صابرا
سفرٌ بدون سماحةٍ وتعاطف ٍ === لن يبتغي حجّا ً , سيصبحُ عاقرا
أن كنتَ ترجو من إلهك مكسبا ً == ارجعْ حقوق الناس تكسب وافرا
الدكتور نوري الوائلي
مؤسسه الوائلي للعلوم
نيويورك
https://telegram.me/buratha