التقارير

التراجع الأميركي في المنطقة هَزَّ أركان هيبتها


  د. إسماعيل النجار ||   هُوَ زمنُ الإنحدار الأميركي على كافة المستويات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، عام ٢٠٢٢ كسرَ رهان واشنطن على القوَّة العسكرية الذي لَم يَكُن بمستوَىَ آمالها بعدما أنفقت ألآف التريليونات على تطوير الأسلحة وإنتاجها وخصوصاً الطائرات الحربية المتطورة، وأنحسَرَت قوة أميركا بالدولار الذي يتحكم بإقتصاد العالم من خلال منظومة مالية فريدة فرضتها أميركا على دوَل العالم بالبلطجة والهيمنة، بدأت تضمحل بعد ذوبان آثارهِ الفعلية على الدول المعاقبَة وخصوصاً إيران التي تسعىَ مع حليفتها روسيا والصين لفتح خط تبادل تجاري عبر العملة الرقمية تجاَوزاً وإلتفافاً على الدولار والحصار الأميركي. إن قوة أميركا لم تستفِد منها واشنطن لأجل البقاء في أفغانستان للسيطرة على أغنىَ أرض في آسيا الوسطى تحتوي على الكثير من الثروات الطبيعية المكنوزة تحت الأرض وفوقها، إنما تحولت إلى حرب إستنزاف قضَت على جزء مهم من خزينتها المالية. أيضاً لم تستطِع قوتها وتكنولوجيتها المتطورة أن تبقيها آمنة في العراق، وكذلك لن تبقىَ في سوريا، أيضاً عندما إغتالت القائدين الكبيرين لم تستطِع قوتها وجبروتها من منع إيران من قصف قواعدها العسكرية في العراق، ولم تتمكن من ردعها أو أن تدفعها لتقديم تنازلات إذ لم يَكُن إستسلاماً بالكامل. إنَّ عَظَمَة أميركا وجبروتها لم يستطيعوا منع الجمهورية الإسلامية من التطوُر والتقدم العلمي والإقتصادي، ولم تنجح في كبح جماح محوَر المقاومة الذي بآت يؤَرِّق مضاجعها في كل مكان بدءً من اليمن وصولاً إلى فلسطين، إذاً إنكسرت الهيبة الأميركية في غرب آسيا وشمال أفريقيا وبحر عُمان، وأقتصرَ بقائها على بِقاع صحراوية حكامها عبيد لهم، ومع ذلك إتخذَ البيت الأبيض قراراً بالإنسحاب من المنطقة، ولأجل ذلك كانَ لا بُد من الإطمئنان إلى جانب مهم من الجغرافيا السياسية للمنطقة وهوَ إيران. الملف النووي الإيراني عبارة عن شمَّاعة أميركية تعلق عليها واشنطن حججها الواهية من أجل محاصرة أكبر دولة في المنطقة على حِفاف المضيق الأكثر أهمية في العالم، ولا بُد أنها ستقطف ثمار ما تزرعه بنهاية المطاف عبر توقيع الإتفاق النووي معها، وعلى ما يبدو أن الأمر أوشكَت نهايته أن تكون سعيدة لها، وأن الدخان الأبيض سيخرج من مدخنة قاعة المفاوضات في فيينَّا، أمَّا التنين الصيني الصاعد والحالم بزعامة العالم كان المسبب الرئيسي بالإحباط الأميركي على الساحة الدولية، كونه أخذ أميركا على حينَ غَرَّة وسبقها أشواطاً في عالم الصناعة والإنتاج والإقتصاد، الأمر الذي دفع واشنطن الى إتخاذ قرارات كبيرة وخطيرة على عجَلَة من أمرها كالإنسحاب من أفغانستان والعراق وإعادة ترتيب أوراقها مع إيران، كما أنها تتوسل حزب الله للجلوس معه ولكنها قوبلَت بالرفض في أكبر إهانة لدولة عُظمَىَ مقابل حزب صغير. واشنطن التي تتخبط بشكل كبير بسياساتها الخارجية، فشلَت في كازخستان وستخسر في أوكرانيا رغم التهديد والتهويل الصادر عن رئيس إدارتها جو بايدن الذي هددَ ورغىَ وأزبَد على بوتين في حال هاجم اوكرانيا، ثمَ عادَ واعترف أن فلاديمير بوتين سيجتاح اوكرانيا وانه لن يوسع دائرة الحرب فيها بشكلٍ كبير في إعتراف ضمني على عجزه عن ثَني الدب الروسي من الإنقضاض! على المقلب الإيراني شَكَلَت زيارة السيد ابراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى موسكو في أول زيارة له خارج البلاد رساله قوية لواشنطن ترددَ صداها في أروقة البيت الأبيض دلالاتها أن العلاقة بين طهران وموسكو ليست عابرة بل أستراتيجية وعميقة، وكَرَّست الشراكة الإقتصادية بين البلدين، كما أن لها تاريخ مشرِّف بالتصدي للإرهاب الذي صنعته أميركا في سوريا، كما قرأت تل أبيب الزيارة من زاويتها الخاصة بطريقة مختلفة عن واشنطن لحساسية العلاقة التي تربطها بموسكو وخوفها من أن تؤثر زيارة ابراهيم رئيسي على حركة الطيران وعملياتها في سوريا، تل أبيب التي تراقب نتائج زيارة الرئيس الإيراني لروسيا عن كثب، تتحسس رقبتها إتجاه ضربة صاروخية يمنية متوقعه بين ليلة وضحاها نتيجة مشاركتها في قصف العاصمة صنعاء مؤخراً، وهذا الأمر تتوقع تل أبيب أن يُشعل حرباً شاملة بينها وبين صنعاء سوف تصب نتيجتها في مصلحة إيران ومحوَر المقاومة الذي يتحيَن الفُرَص للإنقضاض عليها. إذاً إستخدام البلطجة والقوة من دون تفكير أو حسابات لواقع الدوَل والشعوب سيرتد على صاحبه ويلاً وثبور وعظائم أمور كما حصل مع الولايات المتحدة الأميركية، التي أصبحَ همها الوحيد النفاذ بجلدها في المنطقة والتصدي للصين وليسَ حماية إسرائيل.   بيروت في... 20/1/2022
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك