حافظ آل بشارة
سؤال كبير يتبلور عن الحدث العراقي في كل لحظة تمر ، السؤال : هل ان ظهور كتلة ساحقة عقب الانتخابات كان سيجنب البلاد الوقوع في الازمة السياسية ؟ والجواب : نعم ، والسؤال الثاني لماذا لم تظهر تلك الكتلة الساحقة وجاءت النتائج متقاربة بالشكل الذي يعيق أي طرف عن تشكيل الحكومة لوحده ، والجواب هو ان ظهور الكتل الكبرى مرتبط عادة بسنن اجتماعية واعتبارات تأريخية ، لدينا أغلبية شعبية مستهدفة ومظلومة دفعت اثمانا باهضة في مواجهة نظام الحكم القمعي السابق ومشكلة هذه الاغلبية هي ضعف وتشتت تمثيلها السياسي قبل السقوط وبعده ، تمثيل لا ينسجم مع حجمها وقوة حضورها ودورها التأريخي ومطالبها المشروعة ، والذي حصل في الدورة الانتخابية الراهنة دليل على ذلك الضعف والتشتت ، منذ الآن ربما تلعب الهزائم دورها الأيجابي في التشجيع على المراجعة وبعث صحوة تنظيمية جامعة تغادر الأطر السابقة وتتخلى عن الاساليب القديمة ، بمراجعة محطات الفشل يمكن تسجيل كل الاساليب الخاطئة التي استخدمت سابقا وأبرزها محاولات بعض الأوساط القيادية الجمع بين نموذج التنظيم الحركي الحديث و نموذج العمل المتخلف الموغل في الرمزية واتخاذ الحواشي وهما نقيضان لايجتمعان ، لا بد من توحيد هوية الحركة السياسية واطارها العقيدي ، يضاف الى ذلك القصور في فهم قوانين الصراع السياسي وكيف يكون مطلوبا من الحزب أن يدخل صراعا على السلطة ولكنه في الوقت نفسه لايفقد القيم المعنوية التي ينادي بها فالسلطة مطلوبة عرضا لتفعيل وتطبيق المتبنيات وتحقيق قيم العدل والخير ، كما ان هناك تهاونا في مسايرة وفهم السباق السياسي وما يتخلله من وحشية وقسوة ، انه سباق لا رحمة فيه ولا عاطفة ومن يتهاوى لا يتوقع أن يمد له الآخرون ايديهم بل هناك من يفرح لانه تخلص من خصم اضافي ، الاغلبية المظلومة في هذا البلد لديها نخبة كبيرة ومنوعة ومبعثرة ، وباستطاعتها اعادة تنظيم سياقاتها وقيمها التنظيمية للخروج بتمثيل أقوى وأحدث وأفضل ثقافة وقدرة على المبادرة ، عليها استخدام الآليات التي تمكن الشخصيات الجامعة ذات الحس الوحدوي من الوصول الى مواقع القيادة التنظيمية ، الشخصيات التي تستقطب الجميع بدون تمييز ويتسع صدرها للوطن والشعب ككل فالذي يريد توحيد العراق يجب ان تكون لديه ارادة تكفي لتوحيد العالم ،لا بد من مشروع تنظيمي حركي بمستوى عال من الحداثة والجامعية قبل الشروع بأي عملية سياسية ، لا بد من تجاوز جميع القيود الوهمية مثل الطائفية والعرقية والمناطقية التي صنعها المتنازعون على السلطة ليمثلوا دور الحماة ويجندوا المساكين ، الأصلاح التنظيمي عمل صعب يشبه الاصلاح الاخلاقي والتوبة النصوح من ناحية الارادة ، أما من ناحية التنفيذ فهو بحاجة الى تخطيط يتضمن تبني الأهداف والوسائل والجدولة الزمنية والتعايش مع الجمهور واستخدام القوانين والابتعاد عن الارتجال والمزاجية .
https://telegram.me/buratha