المقالات

جرائم فضيعة وأحكام متواضعة


( بقلم : علي حسين علي )

مهما يثار ضد الكثير من الاحكام المخففة ضد الارهابيين من تكفيريين وبعثيين، فانه يظل أقل من الحقيقة المعاشة اليوم في بلادنا..وعلى يسر ما يعلن من احكام بحق الارهابيين أو بحق من يرتكبون اعمال القتل العمد والسرقة والاختطاف وغيرها من الجرائم العادية، إلا أن هناك من الوقائع تؤكد بأن أحكاماً أقل ما يقال عنها بأنها متهاودة أو أقل من مستوى ما إرتكب المحكوم من أفعال مثل التفجير والاختطاف وتدمير مؤسسات الدولة.

فقد نشرت بعض الاحكام بحق مجرمين ارهابيين بصورة تثير الاستغراب والغيظ والغضب، فالمجرم الذي يعترف أمام القضاء بأنه قتل خمسة من رجال الشرطة واختطف عدداً من المواطنين وأحرق بناية حكومية مثلاً، ويحاكم أمام محكمة مدنية وليست عسكرية، ثم يصدر حكماً بالاعدام بحقه، ولكن محكمة التمييز تخفف الحكم الى المؤبد‍! ولم يراع حق الضحايا ولا الاضرار النفسية التي لحقت بعوائلهم، ولم يحسب حساباً للاضرار التي لحقت بالدولة جراء تخريب منشآتها..صحيح أن من حق أية محكمة أن تأخذ بالحدود العليا أو الدنيا لأية عقوبة واردة في القانون..لكن الصحيح أيضاً أن تكون العقوبة مناسبة الجريمة التي ارتكبها أجنبي..بل أن الحكم ينبغي أن يأخذ الحدود الدنيا الواردة في قانون العقوبات العراقي إذا كان المجرم غير عراقي، أي مرتزق: فغير العراقي لا يمكن العطف عليه تحت أي مبرر أو مسوغ لأنه قدم من بلاد أخرى، للقيام بفعل خطير وفظيع ضد العراقيين، وقد يكون مسيساً-أي بنية وعن سبق ترصد واصرار -وقد يكون قد تسلم أجراً من جهة أجنبية مقابل قتل العراقيين، فهكذا نوع من المجرمين الاجانب لا ينبغي العطف عليهم أو تخفيف الاحكام الصادرة بحقهم. ولكن مع الأسف الشديد ما زلنا نقرأ ونسمع عن احكام فيها حيف كبير على المواطن العراقي بل وعلى المجتمع العراقي كله.

قد يقول قائل بأن بعض القضاة انما يصدرون احكاماً مخففة بحق مجرمين ارهابيين(اجانب وعراقيين)تحت حالة الخوف من الارهابيين الذين ينتمي إليهم هؤلاء المجرمون..وهذا عذر معقول أو مقبول، لأن القاضي، أي قاضٍ، قد أقسم على احقاق الحق، وعليه إن كان لا يستطيع أن يفي بقسمه أن يعتزل القضاء، وقد كان في تأريخ العراق القديم والحديث الكثير من الأمثلة بقضاة تركوا منصات القضاء قبل أن يصدروا أحكاماً لا تتناسب وحجم وهول الجريمة أو الجرائم المحال عليها المجرم الى المحاكمة.

وبعد سقوط النظام البائد وعزل مجلس القضاء الاعلى عن وزارة العدل بغية تأمين استقلالية القضاء، كنا نتوقع أن لا يقع أي قاضٍ في خطأ ما مثل اصدار حكم مخفف بحق الارهابي أو أي مجرم عادي ولأن القضاء في بلدنا مستقل، فلا يجوز أن تعمل الأهواء أو التأثيرات أياً كان نوعها في ايجاد أي خلل في القضاء، بعد أمن تأمين استقلاله من خلال مجلس القضاء الأعلى وما يؤخذ على القضاء في العراق حالياً، هو عدم تفعيل قانون مكافحة الارهاب ووضعه موضع التطبيق، فالقانون مستوفي لشروط الشرعية بعد أن أقره مجلس النواب وصادق عليه رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية..ولا يوجد أي مانع لتطبيقه، إذا لا يجوز لأي مسؤول كبيراً كان أو صغيراً في الدولة العراقية أن يؤجل تطبيق هذا القانون إلا بالايحاء غير المباشر من قبل أي طرف، ولكن هذا الايحاء غير المباشر لا يلزم القاضي ومن ثم مجلس القضاء الأعلى بسماعه أو الانصياع له، لأنه كما قلنا بان القضاء مستقل ولا سلطة لأحد عليه ما دام القاضي ملتزم بالقانون نصاً وروحاً، وحتى مجلس القضاء نفسه لا يستطيع أن يجبر القاضي على غير الحق.

هناك طرفان في حالتنا الان: الأول هو المتضرر، أي المجتمع العراقي والمواطن العراقي، الذين يتعرضون للاعمال الارهابية من قتل وخطف وتدمير مؤسسات الدولة وتعطيل الخدمات الحكومية..والثاني هو المستفيد، أي الارهابيين الذين لا تصدر احكاماً مناسبة بحق عناصرهم المجرمة..ومدى استفادة الجماعات الارهابية تتزايد كلما كانت الأحكام(رحيمة)إذ أن هذه الحالة تشجع الارهابيين الآخرين على ارتكاب المزيد من الافعال الاجرامية بعد أن تأكدوا من العقوبات التي يتوقعونها متدنية أو مخفضة.

ويقول قائل، ان بعض القضاة لا يستعمل الحد الاقصى من مواد قانون العقوبات العراقي بحق المجرمين الارهابيين خشية أن لا تنفذ العقوبات أو تعرقل، وهذا القول مردود من أوله الى آخره، فالعقوبة، ولنقل الاعدام، عندما يصدر من محكمة جنايات، فانه يحال الى محكمة التمييز وهي التي تصدر القرار النهائي، فان صادقت على قرار محكمة الجنايات فانه يرفع الى مجلس القضاء الاعلى ليحيله الى الدائرة القانونية بمجلس الوزراء وبعد دراسته ترفعه الى رئيس الوزراء للمصادقة عليه أو إبداء الرأي فيه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية من دون أن يكون لرئيس الوزراء حق نقضه، ثم يحال القرار الى رئاسة الجمهورية لاصدار مرسوم جمهوري بتنفيذ حكم الاعدام، ويحال ملف القضية بعد ذلك الى وزارة العدل لتنفيذ الحكم..ولا يبقى بعد ذلك مبرراً لتأجيله لمدة طويلة..هذه الآلية تجعل ضمان تنفيذ الحكم بحق الارهابيين قائماً ومؤكداً.

وعليه، نعتقد بأن القضاء العراقي معروف بنزاهته على امتداد تأريخ العراق الحديث، وانه مستقل عن أي نفوذ للسلطتين التشريعية والتنفيذية بعد قيام مجلس القضاء الاعلى..ولهذا نرى أن من حق المجتمع العراقي أن يكون القضاء العراقي شديداً مع الارهابيين أياً كانت جنسيتهم أجانب أو عراقيين..وبذلك تتأكد دولة العدل في بلادنا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك