خور العبدالله ليس مجرد ممر مائي بل هو امتداد طبيعي لسيادة العراق وموقعه البحري الاستراتيجي ، حيث يرتبط مباشرة بميناء الفاو الكبير ويُعد أحد أهم المنافذ الاقتصادية التي تعزز استقلال العراق وتواصله مع الأسواق العالمية .
في عام 2013 وُقعت اتفاقية بين العراق والكويت لتنظيم الملاحة في الخور وقد أُقرّت في حينها من قبل مجلس الوزراء لكنها لم تكتمل من الناحية الدستورية إذ لم تُعرض أمام مجلس النواب العراقي للتصويت عليها وفق ما تقتضيه المادة 61 من الدستور العراقي التي تشترط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على الاتفاقيات ذات الطابع السيادي .
هذا الجانب الإجرائي أثار نقاشاً قانونياً وشعبياً امتد لسنوات ونتج عنه تقديم طعن رسمي إلى المحكمة الاتحادية العليا في عام 2023 يطلب مراجعة دستورية الاتفاقية .
وبعد دراسة مستفيضة للملف من الجوانب القانونية والدستورية أصدرت المحكمة قرارها في 4 أيلول 2023 بعدم دستورية الاتفاقية لعدم استيفائها الشروط التشريعية اللازمة ما يعني بطلانها من الناحية القانونية .
القرار مثّل محطة مهمة في تثبيت الموقف الدستوري للعراق وأكد أن السيادة لا تكون إلا بموجب إجراءات قانونية مكتملة وشفافة .
تسلسل الأحداث أتاح فرصة لإعادة تقييم آليات التعامل مع الملفات الحساسة خاصة المتعلقة بالحدود والسيادة .
وفي 30 حزيران 2025 أُعلن عن إحالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا إلى التقاعد وتعيين رئيس جديد بمرسوم جمهوري في خطوة طبيعية تأتي ضمن السياق المؤسسي للدولة .
هذا التغيير قد يفتح أفقاً جديداً لتطوير الأداء القضائي وترسيخ استقلال المؤسسات دون أن يُربط بأي ملف سابق بل كمرحلة جديدة قائمة على الاستمرار في تطبيق الدستور بروح وطنية مسؤولة .
إن التعامل مع ملف خور العبدالله يجب أن يستند إلى وحدة الموقف الوطني وتفعيل الجهد القانوني والدبلوماسي وتوثيق الحقائق التاريخية والخرائط المعتمدة دولياً التي تؤكد أحقية العراق .
فالمصلحة الوطنية تقتضي أن يُبنى على قرار المحكمة مسار متكامل لحماية المنافذ والسيادة بروح من التعاون والحرص على الأمن والاستقرار الإقليمي .
الدفاع عن الخور هو دفاع عن الحاضر والمستقبل عن الاقتصاد والسيادة وعن موقع العراق الذي يجب أن يُصان بحكمة ووحدة ورؤية قانونية راسخة .
https://telegram.me/buratha
