( بقلم : علي حسين علي )
تظهر الاحصاءات الصادرة عن وزارة التخطيط أن نسبة البطالة في بلادنا مرتفعة جداً، وتبيّن بأن شريحة الشباب هي الأوسع في تلك النسبة، وتكشف ان الخريجين من الشباب هم على العموم يشكلون خطاً بيانياً يتصاعد الى الاعلى بصورة مذهلة.
ومع إنه لا توجد احصائية يمكن الاعتماد عليها بالنسبة للعاطلين عن العمل من فئة الشباب والخريجين منهم تحديداً إلا أن تقذفه الجامعات العراقية والمعاهد المنتشرة في كل أرض البلاد يعد بمئات الالوف من الخريجين سنوياً..ولو جمعنا عديدهم خلال السنوات الخمس الماضية، على اعتبار إن الخريجين قد بدأت أزمة بطالتهم تتسع قبل سقوط النظام بسنتين على الأقل، فأنه، وبناء على ذلك هناك ما يزيد على المليون من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية..يضاف الى ذلك عديد الخريجين من الشباب الذين طوقتهم الظروف السياسية الى ساحة البطالة، وعندها يمكن أن يصل عديد العاطلين عن العمل الى اكثر من مليون من الشباب الخريجين(ذكوراً واناثاً).
هذه الشريحة الواسعة لم تهتم بها بشكل جدي الحكومات الثلاث التي اعقبت سقوط نظام الطاغية..ولعل الآلاف من الشباب قد شكلوا طوابير طويلة في الانتخابات الأخيرة وقبلها الاستفتاء على الدستور..ولعل حكومة الوحدة الوطنية بزعامة المالكي مدينة لهذه الشريحة الاجتماعية بالكثير من الفضل والذي على اساس اصواتها في انتخابات أواخر العام الماضي قد تمخضت عنها تشكيل الحكومة المنتخبة والتي تعد الممثل الحقيقي لارادة الشعب العراقي..وحكومة الوحدة الوطنية الحالية، فان من أولى مهامها هو التصدي للبطالة بشكل عام ولبطالة الخريجين بشكل خاص، لكنه وبعد مرور حوالي ستة اشهر لم توضع حتى دراسات يمكن التنبؤ على اساسها بنهاية منظورة لمحنة مئات الآلاف من الخريجين الذين ما يزالون يعانون من البطالة، فكثير منهم، ومن بينهم اختصاصات علمية يمكنها ان تسهم في بناء الوطن، لم تجد حتى الآن فرصة عمل حتى خارج اختصاصها..وإذا ما كان الجيش الجديد والشرطة الوطنية والحراسات الخاصة استدعيت اعداداً كبيرة من الشباب، فان ذلك كان في مجال غير مجال الخريجين، اذ أن هذه الأجهزة قد استوعبت في كثير من الاحيان فئات واسعة ممن لم يكملوا الدراسة الجامعية.
ان ايجاد فرص للخريجين استحقاق ينبغي على الدولة تدبيره، ولربما ان للدولة اكثر من مصلحة في تشغيل الخريجين من الشباب، إذ أنها من جهة يمكنها الاستفادة من كفاءاتهم واختصاصاتهم في قطاعات الدولة المختلفة لاعادة اعمار البلاد التي خربتها حروب صدام وما اعقب سقوطه من دمار شامل ، فضلاً عن ذلك فان ايجاد فرص عمل للخريجين وتزايد نسبة البطالة بينهم عاماً آخر، انما يخلق مشكلة اجتماعية من الصعب احتوائها، ويخشى أن تفاقمت أن تتجه هذه العناصر الذكية والمتعلمة الى مناطق تضر بالدولة والمجتمع، إذ يخشى عليها من الانحراف أو الاتجاه نحو جماعات الجريمة المنظمة أو المنظمات الارهابية، بدافع الحاجة أولاً، وبدافع الانتقام من المجتمع والدولة الغنية التي لم توفر للخريجين في السنوات السابقة أية فرص عمل تذكر.
في العام الماضي، وفي عهد الحكم الانتقالي، استفادت الدولة كثيراً من ارتفاع اسعار النفط، واستطاعت أن توفر حوالي500 مليون دولار وقد خصص هذا المبلغ لمساعدة العوائل العراقية العاجزة عن توفير قوتها ومقومات حياتها..واعلنت الحكومة السابقة عن تشكيل ما اطلق عليه اسم شبكة الرعاية الاجتماعية، واستطاعت تلك الشبكة الوليدة أن تغطي حاجة مليون عائلة-نظرياً-على شكل رواتب لا تقل عن 60 ألف دينار ولا تزيد على 120 ألف حسب عدد نفوس كل عائلة..وقد استفادت فعلاً مليون عائلة من هذا المبلغ.ومع أن هناك ملاحظات عديدة ولا حصر لها في عدم عدالة في توزيع المبالغ أحياناً وفي شمول عوائل غير محتاجة في احيان أخرى..وكما اعلن مؤخراً فان الحكومة الحالية قد رصدت مبلغ مماثل للسنة المقبلة لسد حاجات مليون عائلة عراقية أخرى ..ونعتقد أن على الحكومة أن تقتطع نسبة كبيرة من هذا المبلغ المرصود في ميزانية الدولة للسنة 2007 واعطائه للخريجين العاطلين لينال كل واحد منهم راتباً بحدود الخمسين ألف دينار شهرياً ريثما تجد له الدولة فرصة عمل. وبذلك تحمي هذه الفئة من الحاح وشدة الحاجة وتحميهم من الانزلاق نحو الهاوية أولاً، وكذلك تحمي كرامتهم أمام المجتمع في حالة البطالة التي يعيشونها، إذ ان البطالة في مجتمعنا تعد مثلبة على الانسان مع ان صحيتها وليست له يد في صنعها .انها دعوة للحكومة المنتخبة في توفير الراحة النفسية والاستقرار الاجتماعي لفئة واسعة من ابناء مجتمعنا العراقي .
https://telegram.me/buratha
