هذا الارهاب الوحشي تجاه العراقيين مسلسل لا يلمس المواطن افاقا لنهايته رغم امكانية بدايته حينما ضرجت دماء الشهيد الصدر ارض العراق في 9 نيسان 1980، وكان يحلم الكثير ان يسدل الستار عليه في 9 نيسان 2003 . ( بقلم: بقلم الدكتور ابراهيم بحر العلوم )
ماذا بعد الجمعة السوداء، حيث تقطعت اوصال اكثر من ثمانين من المصلين وطالت شظايا الحقد والارهاب
المئات من الجرحى الذين جاءوا لتأدية الفريضة في بيت من بيوت الله المقدسة بقلوب عامرة بالايمان
والسماحة وحب الوطن وذهبوا مضمخين بدم الشهادة للقاء ربهم، ولكن السؤال الى متى يهدر الدم العراقي
الزكي بدون حساب بفعل الهجمات الارهابية التي تحصد ارواح الابرياء العراقيين كل يوم بالمفخخات والاحزمة
والعبوات الناسفة بكل حقد واصرار حتى اصبح الموت زادهم اليومي؟
هذا الارهاب الوحشي تجاه العراقيين مسلسل لا يلمس المواطن افاقا لنهايته رغم امكانية بدايته حينما ضرجت
دماء الشهيد الصدر ارض العراق في 9 نيسان 1980، وكان يحلم الكثير ان يسدل الستار عليه في 9 نيسان
2003 غير ان الايادي التكفيرية وازلام النظام البائد ابت الا الاستمرار في تصعيد وتائر الارهاب والعنف
بشكل همجي في غياب الدولة وضعف الاجهزة الامنية حيث اصبح المواطن هدفا سهلا لكل هذه العناصر
الفاسدة التي تلاحقه في بيته وعمله وحتى في ساعات العبادة في بيوت الله الامنة وامسى المواطن باحثا عن
حقيقة الدولة التي تحمي مواطنيته.
ان اخطر ما يواجه المواطن هذه الايام ليس الارهاب لوحده وانما بوادر الاحباط الذي يعيشه في امكانية قياداته
السياسية في التوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على استتباب الامن واستقراره. فقد اعتاد ان يصبر
نفسه في مواجهة المحنة وبرهنت الايام على عطائه وهذا حقا ما لمسناه من عزم وتصميم في خلال زيارتنا
لجرحى مجزرة براثا ولكن مبررات التأخير في العملية السياسية قد لا تبدو مسوغة وتساهم وبدون شك في
زيادة الفراغ السياسي وتزيد من دائرة شكوكه بفعل دوامة الحراك السياسي المعاش التي لا ترتقي الى معاناته
ومأساته وحجم محنته، والذي نخشاه من تعمق هذا الشعور ليتحول الى ازمة ثقة بخياراته السياسية بسبب
عدم وجود نضوج سياسي قادر على حسم الامور وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية والفئوية
والحزبية وتركه في مهب الريح.
وتشتد وطأة المعاناة عندما يفتقر المواطن الى شعور حقيقي بوجود تعاطف جاد من دول الجوار وخاصة العربية
للمساعدة في اخراج البلاد من هذه الازمة الخانقة اضافة الى عدم وجود مبادرات جادة للتصدي الحازم لتحجيم
العمليات الارهابية من اجل حماية ارواح ومقدسات العراقيين. فلم يتفاعل الصوت العربي والاسلامي امام
المجازر بالشكل الذي يساهم في تضميد الجرح. اقول بدلا من ان يتحرك الضمير العربي ليتضامن مع اخوانه
في المحنة تاتي تصريحات الرئيس المصري لتزيد من الآمهم ومعاناتهم. لقد كانت حقا محاولة لسلب العراقيين
هويتهم وعروبتهم وانتماءهم للوطن في الوقت الذي كنا نتطلع ولازلنا لدور عربي ايجابي وخاصة من مصر
لدعم العملية السياسية في سبيل بناء عراق يشارك فيه الجميع. غير ان تصريحات الرئيس المصري خلقت
اجواء من الاسى والاسف في الشارع العراقي وزادت من جراحاتهم وانعكس ذلك في ردود الفعل الرسمية
والشعبية. ان النيل من وطنية العراقيين وولاءهم للوطن قضية تستحق البحث عن دوافعها ولكنها في الوقت
نفسه تكشف عن البعد الشاسع عن معرفة حقيقة الوضع السياسي والاجتماعي للمجتمع العراقي والتجني على
الحقائق التأريخية. ان المؤلم ان يأتي التشكيك بعروبة العراقيين هذه المرة من مصر العربية لنردد معا وظلم
بني القربى اشد مضاضة. ان هذه التصريحات لا تساهم اطلاقا في ردم الفجوة التي يعيشها العراق من جراء
الفراغ العربي في وقت يحرص العراق منذ التغيير على ان تلعب دول الجوار العربية والجامعة العربية الدور
المطلوب لمساندة العراقيين في حربهم ضد الارهاب ودعمهم في رسم مستقبلهم السياسي الواعد.
الدكتور ابراهيم بحر العلوم
https://telegram.me/buratha