المقالات

لذلك لاتنجح التوافقية في العراق

664 14:44:00 2009-12-04

علاء الموسوي

لم يأت اختيار التجربة التوافقية للديموقراطية الفتية في العراق بمعزل عن الظروف الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها ، وان كانت تلك الظروف وليدة الحاضر وليس الامس جراء تعاقب الانظمة المتخلفة والدكتاتورية على حكم المجتمع العراقي حديثا.لايوجد اشكال سياسي على طبيعة اختيار التوافقية كعلاج سياسي لممارسة الحكم في مجتمع تعددي تحكمه الفوارق الاثنية والطائفية .الا ان المشكل هو في عملية تشخيص الجانب التعددي والانقسامي بين المجتمع ذاته، والطبقة السياسية الحاكمة، فضلا عن الافتقار الى النخب السياسية الواعية والمتفهمة لشروط تطبيق التجربة التوافقية واساسياتها في الحكم الديموقراطي.الديموقراطية التوافقية ليست وصفة سياسية جاهزة ليتم اختيارها نسبة الى امكانية تطبيقها ونجاحها في دولة ما. ذلك لان اساس الديموقراطية التوافقية هو التفاعل السياسي مع معطيات المشهد السياسي الذي يحكم تلك الدولة ، وبالتالي التعامل بحنكة سياسية مسبقة تتناغم مع تطبيق النموذج التوافقي للديموقراطية في الحكم.فنجاح التجربة التوافقية مثلا في سويسرا والنمسا لم تكن بسبب حاجة المجتمع التعددي في تلك الدول فقط، وانما لوجود نخب سياسية واعية ومدركة لضرورة تحقيق الانسجام والتآلف السياسي بين المؤتلفين داخل قبة التوافقية في البرلمان، وذلك لان دور القيادات السياسية عنصر حاسم ومهم في الديموقراطية التوافقية، وهو ماتفتقره التجربة التوافقية في العراق بالذات.المقومات الاساسية لتحقيق التجربة التوافقية لم تعد مستساغة وفاعلة في المشهد السياسي العراقي، لسببين رئيسين، اولهما : عدم وجود كفاءات قيادية تفرزها الاحزاب لتمثيلها في المناصب الحكومية التي تقتضي التوافقية خضوعها لمعيار التمثيل النسبي (المحاصصي) بين الاحزاب المتنافسة. وهو ماخلف وزارات مشوهة لم تحقق اي نسبة نجاح يذكر له في بناء دولة مدنية خدمية تحقق الرفاه الاقتصادي للمواطن العراقي.ثانيا: اختيار التجربة التوافقية في المشهد السياسي العراقي لم يأت كحاجة اساسية تم تشخيصها للمجتمع، وانما جاءت كتجربة بديلة عن عدم امكانية تحقيق النظام الفيدرالي في العراق، على الرغم من مشروعيته في الدستور. الامر الذي ادى الى اصابة المشهد السياسي العراقي بتضارب المصالح في النظام السياسي الواحد، بين تطبيق الفدرالية في اقليم كردستان وادخال حكومتها في الوقت ذاته باللعبة التوافقية التي اصبحت عنصر معطل لآمال ومصالح المتنافسين الاخرين.يضاف الى ذلك كله وهو الاهم، ان اللعبة التوافقية لن تنجح ولن تؤدي دورها المرسوم له في مجتمع تعددي مثل العراق، بسبب هامشية المركز العراقي وقوة الوجود الاقليمي داخل مجتمعه السياسي، وهو مايعاني منه العراق ولبنان في بوصلة واحدة وعلى حد سواء.فالتوافقية اصبحت حاجة اقليمية داخل المجتمع العراقي قبل ان تكون حاجة محلية، وهو مانلاحظه من اتصاف النخب السياسية بالاختلاف والتناحر حول رؤية المصالح المشتركة، بعكس المجتمع الذي يمثل اروع صور التلاحم الوطني عبر تأريخه القديم والحديث. الامر الذي ينفي وجود احد اركان مفهوم تطبيق التجربة التوافقية التي تشترط وجود مجتمع منقسم على نفسه، ويعاني من تناحر داخلي بين مكوناته. ماحصل من اخفاقات سياسية طيلة السنوات الست الماضية، ومايعانيه المشهد السياسي حاليا من تلكوء واضطراب، نتيجة تقديم مصلحة الفرد على الكم، وتقديم الرؤية الاقليمية على الاكثرية المحلية، هو بسبب تطبيق توافقية من زاوية منفردة عن النظر الى العراق ككل موحد.فالتخوف من حكم الاغلبية لم يفصح عنه المجتمع العراقي بتاتا، وانما الهاجس الاقليمي الطائفي هو الذي اوجد هذا التخوف وفرضه على النخب السياسية في العراقي من حيث تشعر بذلك او لاتشعر، وهو ماجعل وسيجعل العراق التوافقي اسير مخططات الاجانب بدلا من سيادة الشعب في القرار واختيار النظام السياسي الافضل والملائم لحاجته الوطنية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك