هشام حيدر الناصرية
يجادل بعض الجهلة..وكذلك بعض المتثيقفين...باحقية العلمانية كمبدأ في تسلم دفة قيادة المجتمع (لان العلم يقود الحياة)!واذا كانت مفردة العلمانية كاسم علم حق لكل من يتسمى به جدلا فان هذا يعني جواز ان تطلق العصابات على نفسها تسمية جمعية العدالة والانصاف فتستحق نفس الاولوية! اما اذا عدنا لاصل الموضوع وجذروه فان العلمانية ليست حركة او نظرية محلية بل هي مستوردة وقديمة في نفس الوقت عليه وجب الرجوع الى التسمية الجذر ونشرع بالترجمة من والى اللغة الام!ان المفردة الام التي ترجموا منها مفردة (العلمانية) الى العربية هي(Secularism)في اللغة الانكليزية و (Secularite) بالفرنسية وكلا الكلمتين مشتقتان من المفردة اللاتينية(Seculum).
القاموس الانكليزي اوضح معنى المفردة باللغة الانكليزية واعطاها ثلاث معان هي (1-دنيوي او مادي. 2-ليس بديني او ليس بروحاني.3-ليس بمترهب,ليس برهباني)! وجاء في نفس القاموس في ترجمة الحركة او النظرية التي حملت هذا الاسم ) هي النظرية التي تقول ان الاخلاق والتعليم يجب ان لايكونا مبنيين على اسس دينية)!وفي دائرة المعارف البريطانية ترجمة لهذه الحركة تقول(انها حركة اجتماعية تهدف الى نقل الناس من العناية بالاخرة الى العناية بالدنيا فحسب)وقد تحدثت دائرة المعارف هذه عن هذه الحركة ضمن حديثها عن الالحاد الذي قسمته الى قسمين (نظري وعملي)..وجعلت هذه الحركة ضمن الالحاد العملي)! وهذا كله لاعلاقة له بالعلم من قريب او بعيد !!!اذ ان مفردة العلم في اللغتين الانلكيزية والفرنسية هي (Science) والمذهب العلمي هو (Scientism). والنسبة الى العلم في الانكليزية هي (Scientific) وفي الفرنسية (Scientique)! فلو تكرم علينا احد العلمانيين بتوضيح حول اصل مفردة علماني وعلمانية وكيف ترجمت الكلمة الام بهذا النحو نكون له من الشاكرين !
المثير للسخرية هو محاولة البعض التفريق بين مفردة العلمانية بفتح العين وكسرها على ان الاولى تعني الابتعاد عن الدين والثانية تعني اعتماد العلم منهجا في الحياة! نحن كاسلاميين لم نسمع بدولة اسلامية على مر التاريخ اقحمت الدين في المختبر الذي عرفه المجتمع الاسلامي مبكرا مع امثال جابر بن حيان ومن تبعه ! ولقد راقني مانقله صاحب مجمع البيان عن احد الشريفين الرضيين (لااذكر تحديدا) قوله في تفسير الاية (وجعلنا لكم الارض بساطا) اي بسطها لتسهيل المعيشة على ظهرها وان هذا لايتعارض مع قول المنجمين(الفلكيين) في كروية الارض! نعم ان جهاز المخابرات البريطانية كان قد نجح في خلق (مذهب) على ارض الجزيرة العربية يدعي الاسلام ويعمل على هدمه من الداخل وقد شاعت (فتاواه)المثيرة للسخرية والاشمئزاز ومنها تحريم القول بكروية الارض مثلا اضافة الى تحريم تعلم الانكليزية واهداء الورد وحرمة الجرس الخ !الان مانقلته انفا وهو اقدم من مذهب الوهابية بقرون لدليل دامغ على عدم تعرض اهل العلم من الفقهاء للنظريات الفلكية او العلمية عموما !
وقد يذكر البعض مااعلنه بعض مسوخ هذا المذهب الدخيل منتصف القرن الماضي من استحالة وصول الانسان للقمر مدعيا ان ذلك قد ذكر في القران !! في حين ان الشيخ الطوسي مثلا كان احد اصحاب المراصد في التاريخ! ولعله نفسه الذي عرف استدارة الوجه في احكام الوضوء فقال هو دائرة مركزها منتصف الوجه فعلق السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه قائلا ليس الامر كما ذهب اليه الشيخ وانما جاء هذا من تبحره رضوان الله عليه في علم الرياضيات! اذا فان المعنى الدقيق والترجمة الصحيحة لهذه المفردة من اصلها هو (اللادينية)....ويريد فصل الدين عن مرافق الحياة فصلا شاملا او جزئيا حسب التيارات والمتصدين لها والضروف المختلفة في هذه الدولة او تلك ! وهذا يعني اننا امام سرقة وسطو ولصوصية على مفردة (العلم)لاجل التستر به لغاية في نفس ادعياء العلم وهو منهم براء اذ ان الدين لايتعارض مع العلم كما ان تبرج المرأة وتعاطي الخمور والاباحية الجنسية لاعلاقة لها بالعلم من قريب او بعيد ! فلم نجد مومسا قد استفاقت صباحا لتعلن عن اختراع نظرية ما ولم نسمع عن مراهقين قد وقفوا على فتح علمي في صالة من صالات الرقص ولم يعلن عن اي نظرية علمية من اي بار في العالم !
نعم ان النظرية او الحركة ولدت نتيجة هيمنة رجال الكنيسة بكل مسمياتهم كالاكليروس ومحاكم التفتيش على مقدرات الشعوب والتحكم بمصيرهم وتفكيرهم ونهب ثرواتهم بدعاوى ان الله يحب الفقراء وسطوتهم على المفكرين والعلماء من خلال التحكم في العلوم وربطها بالكنيسة فالجغرافية المسيحية والفلك المسيحي واعتبار مايخالف ذلك هرطقة تعرض القائل بها الى الاعدام او الحرق ! مما ادى بالتالي الى قيام هذه الحركات حيث برز هذا المصطلح لاول مرة في صلح وستفاليا 1648م منهيا سلسلة الحروب الدينية المندلعة في اوربا ومعلنا ظهور الدولة القومية الحديثة التي اممت ممتلكات الكنيسة وقصرت دورها على الجانب الديني حصرا ومنعت من تداخل انشطتها مع الدولة اللادينية الحديثة !ولايمكن النظر الى هذا التاريخ وهذه الاحداث بمعزل عما رافقها من تفاصيل وخلفيات وتاريخ للكنيسة ورجالها مع اول ظهور لها ابان الامبراطورية الرومانية حتى عزلها كما اشرنا اعلاه كما لايمكن حمل هذا المثال وتطبيقه اينما وجدت الدولة بداعي مافعله رجال الكنيسة !
ولو جاز هذا فان علينا منع وصول اي شخص الى الحكم لان معظم الحكام كانوا طواغيتا على مر التاريخ وقبل ظهور الكنيسة نفسها بما فيهم حكاما علمانيين بالمعنى الذي قدمه اصحاب النظرية لمفردة العلمانية.....فصل الدين عن الدولة!واذا ماامعنا النظر في صفحات التاريخ وجدنا ان هؤلاء الحكام العلمانيين كانوا اكثر وحشية ودموية من غيرهم وهم من اشعل فتيل الحربين العالميتين والقى القنلبتين الذريتين واوصل العالم اكثر من مرة الى شفا حرب نووية وقادها الى سباق تسلح لو صرف على فقراءه عشر ميزانية هذا السباق لما انعقدت مؤتمرات لمكافحة الفقر من قبل انظمة تلقي اطنان القمح في البحر للمحافظة على سعره عالميا وتشعل الحروب لتنشيط الاقتصاد وتشغيل معامل الاسلحة و تتفنن في خلق الطفرات في سلالات الجراثيم لخلق الامراض والاوبئة لجني المليارات من تصدير اللقاحات وعقاقير العلاج ! ان معظم الانظمة العربية والاسيوية والافريقية والامريكية اللاتينية هي انظمة علمانية وفقا لوصفكم ايها السادة فمالنا لانراها ترفل بالعز العلمي والتكنولوجي؟كما ان الانظمة التي تتخذ من الدين اساسا للحكم في عالمنا اليوم تعد على اصابع اليد الواحدة ربما! كذلك فاننا لانجد ان الانظمة التي تعلن الدين نظاما تنصب في مستشفياتها رجال دين يعالجون الناس بالرقي والادعية ولا يدعون ان للماء ذرات غير الاوكسجين والهيدروجين !
كما وجدنا ان ابرز الانظمة(العلمانية)التي سعت جاهدة الى محاربة الدين فضلا عن اقصائه او فصله عن مرافق الدولة كانت انظمة رجعية ديكتاتورية دموية كنظام صدام وشاه ايران وابو رقيبة وزين العابدين بن علي وعبد الناصر والسادات وغيرهم!ثم ماهذا التناقض الرهيب بين الدعوة الى اقصاء الدين عن الدولة او كل مفاصل الحياة تارة وبين التمسك بخرافات وردت في كتبه تارة اخرى؟ كيف يتبرع الامير بما لايملك فيهب ارضا يسكنها شعب مغلوب على امره بناء على نظريات وروايات وردت في كتب دينية عمرها يتجاوز الاف السنين ليقيم دولة على اساس ديني لشعب تقول الروايات الدينية انه (مختار من الله) ليقيم على (ارض الميعاد)! لكن الغرابة تزول حين نعلم ان صاحبة تمثال الحرية وحاملة راية الديمقراطية هي اكبر دول ديكتاتورية على المستوى الدولي وتمارس ارهاب الدولة علنا ولها تاريخ اسود كيف لا وهي التي تاسست على جماجم الهنود الحمر وجلبت الاف السود من افريقيا مكدسين كالمواشي واول من ارتكب المجازر الجماعية واستخدم القنبلة النووية!ومن قبلها الدولة الام صاحبة الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس التي تحتل الدول ثم تحتل غيرها بابناء الضحية الاولى كما فعلت بالشعب الهندي مثلا!
فلاغرابة اذا ان نجد ان مصدري هذه النظريات يقيمون افضل العلاقات مع تركيا التي تتطرف في (علمانيتها او لادينيتها) ومملكة ال سعود التي تتطرف في محاربة العلم وتطبيق الدين !! الخلاصة اذا ان مصدري هذه النظرية ماهم الا لصوص سرقوا مفهوم العلم والبسوه لمفهوم مسخ جديد كوسيلة استعمارية جديدة من وسائل هذه الجرثومة الاستعمارية التي تتكيف مع كل انواع الرفض والمقاومة التي تبديها الشعوب التي يعتبرها اصحاب النظرية ممن يجري في عروقهم الدم الازرق شعوبا متخلفة مذ شنوا عليهم حروبا باسم الدين الى الحروب الجديدة لمحاربة الدين وكنا دوما فيها وفق منظورهم وتنظيرهم...... همجا متخلفين !! ختاما لهذا الجزء نقول..... ان عليكم ان تعتذروا من تاريخكم الديني واللاديني اولا!ثم تعتذروا من اللغة ومن مفردة العلم التي تعرضت للسطو والاغتصاب من قبلكم دون اي مسوغ او غطاء شرعي او قانوني .......... او علمي !!
https://telegram.me/buratha