منى البغدادي
في العراق الجديد رغم التطور الهائل على مستوى الديمقراطية والحريات الفردية والصحفية والدينية ورغم الانفتاح الكبير على كل الافاق الثقافية والوسائل الاعلامية التي فاقت المئات من القنوات الفضائية لكن المشكلة الكبرى التي ترافق كل هذه التحولات هي ظاهرة الفساد المالي والاداري في حكومة اصبحت صاحبة الرقم القياسي في الفساد في العالم بعد الصومال وقد بلغت خسائر الميزانية العراقية بسبب الفساد بحسب اخر التقديرات والاحصائيات تقدر 7.5 مليار دولار وهي ما يعادل او يفوق ميزانية الحكومة السورية التي تبلغ 7 مليارات فقط.والمؤسف ان تفاقم الفساد في العراق كان بسبب المحاصصة الحزبية ودفاع الاحزاب والقوى السياسية عن المفسدين من وزرائها ومواجهة حملة النزاهة بالاتهامات الجاهزة بالتسيس او العمل لاجندة خارجية او داخلية لكي يكون المفسد بمنأى عن المحاسبة والمراقبة وهو ما يشجع المفسدين على الامعان والتمادي في ظاهرة الفساد.ولا ننكر ان وراء حملات الاستجوابات الجديدة نوايا مبيتة لتصفية الحسابات السياسية مع الخصوم كما لا ننفي ان وراء المدافعين عن المفسدين قوى واحزاب تحاول التستر على المفسدين التابعين لاحزابها ولكن وسط هذين المحذورين هل يمكن ان نعطل ملفات الفساد ومكافحتها لكي لا نتهم بالتسييس او تصفية الحساب السياسي.ولنفترض جدلاً ان وراء استجوابات الوزراء نوايا مبيتة وان كنا لا نعلم النوايا وما تخفي الصدور ولكن على نحو الافتراض فهل هذا يكفي لمنع استجواب المفسدين واذا كان الوزير نزيهاً ونقياً فما هو مبرر الخوف من الاستجواب بالعكس سيكون الاستجواب فرصة لقلب الطاولة على الخصوم وتبرئة ساحة الوزير امام الشعب وليس العكس فلابد ان يستفيد من الاستجواب للظهور بموضع النزاهة والنقاء وكسب الجماهير وهو ما يجعل الاستجواب فرصة للوزير نفسه وليس لخصومه.واما الاتهامات الجاهزة لمجلس النواب بتصفية الحساب او استغلال الاستجوابات لاغراض سياسية او انتخابية فهذه اتهامات رخيصة لا تليق بمجلس النواب ولا تجوز لعناصر الحكومة.فليس من الصحيح ايقاف الاستجواب بحجة التوظيف السياسي كما يزعم انصار الحكومة وليس من الصواب استجواب الوزراء لاغراض انتخابية واستقطابية وتسقيطية.ان توجيه الاتهامات لمجلس النواب بمجرد استجواب وزير او مساءلته يعكس عن روح حزبية للدفاع عن المفسدين والمقصرين وان مصلحة الحزب فوق مصالح القانون والشعب وهو ما كنا نخشاه في بناء الدولة العراقية الجديدة التي كنا نأمل ان يسودها القانون والركائز الصحيحة واما المصالح الحزبية والفئوية فهي لا تبني او تؤسس كياناً لدولة مطلقاً.ان الارهاب وشدته لا يمكن ان يكون مبرراً لمنع استجواب المفسدين بل ان الفساد لا يختلف عن الارهاب فكلاهما ينخر بناء الدولة العراقية من الداخل كما ان التوظيف الانتخابي والاستقطابي لا يكون حائلاً دون استجواب المفسدين فان الانتخابات مهما كانت فهي لا تبرر الاستجوابات.نتمنى من الحكومة العراقية الا تكون مانعة للاستجوابات او مبررة للفساد ونتمنى من سماحة الشيخ خالد العطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب الا يكون حامياً ومدافعاً عن الوزراء المفسدين وان لا يكون داعية اكثر من الدعاة لانه وصل الى موقعه عن طريق كتلة المستقلين وليس من حصة حزب الدعوة.
https://telegram.me/buratha