سالم مدلول الحسيني
إنَّ مما يعرفُه القاصي والداني ، ويشهدُ له الحاضرُ والباد ، ذلك التأريخُ الثوري لتيار شهيدِ المحرابِ ، وتلك المسيرةُ الجهاديةُ المعمدةُ بالدماءِ الزواكي التي اهريقت على مذبح الحريةِ ، والعدالةِ ، والاستقلال ، لتَسقي شجرةَ الإسلامِ العظيمِ ، وتكونَ منهلاً مُتْرعاً يَروي ظمئَ العراق ، فمنذ ما يزيدُ على الربعِ قرن ، انطلقتْ الشرارةُ الأولى للثورة ضدَّ البعثِ الكافر ، وتشكلتْ الخلايا الجهاديةُ بقيادةِ سماحة آيةِ الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( رض ) ، وعضدِه المفدى شهيدِ المحراب آيةِ الله السيد محمد باقر الحكيم ( رض ) ، لتُسفرَ عن ولادةِ انتفاضتي صفر ورجب ، وتُختمَ في عراقِ الحسين بمسكِ الشهادة الذي فاح من جسد الصدر وكوكبةٍ من الذين معه ، وتضوعَ أريجَها بلادُ الرافدين الذي استمطر سحائبَ مائِه ، ليُخصِبَ جديبَ الأرض ، فتكونَ خضراءَ ، تَتفتحُ أزهارُها معانقةً شهيدَ المحراب ( رض ) وهو يغادرُ وطنَه مهاجراً ، بعد أن أخرجه الذين دجنوا في لؤمهم ، فسرى يمتشقُ سيفَ الحسين يقارعُ الظلمَ ، ويكسرُ أصفادَ المذلة ، مطالباً يالي ثارات الصدر ، منادياً هل من ناصر ومعين ، فأجابه الآلاف أن لبيك لبيك يا حكيم ، فكان أن ولد المجلسُ الأعلى الذي قاد ضد الطاغية صدام وحزبِه الكافرِ معركةً حاميةً في ميادينِ السياسةِ من خلالِ فضحِه لسياساتِ النظامِ وجرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ التي كان يرتكبُها ضدَّ الشعبِ العراقيِّ كاشفاً عن الوجهِ الحقيقيِّ لزمرةِ البعثِ بتقديمِه بين يدي الأممِ المتحدةِ والمنظماتِ الإنسانيةِ كلَّ الوثائقِ التي تبينُ ظلمَ البعثِ ودمويتَه ، ومعاناةَ الشعبِ ومظلوميتَه لتتكللَ تلك المساعي باستصدارِ العديدِ من القراراتِ التي ساهمتْ إلى حدٍّ كبيرٍ في رفعِ المعاناةِ عن كاهلِ أبناءِ الشعبِ ، كما عقدَ العديدَ من المؤتمراتِ التي ساعدتْ في لمِّ الشمل وجمع الشتات ووحدة صف المعارضة وتوحيد خطابها السياسي ، كما ولد أيضا فيلقُ بدرٍ الظافرُ الذي اخذ على عاتقِه قيادةَ المواجهةِ المسلحةِ فزلزلَ الأرضَ تحتَ أقدامِ البعثيينَ مقدماً في هذا السبيلِ العديدَ من الشهداءِ ، والجرحى وبقي سلاحُهم مصوباً تلقاءَ النظامِ وعيونُهم ترنوا إلى العراقِ تنتظرُ اليومَ الذي تُقَبِّلُ نخيلُ العراقِ الباسقاتُ جباههََم العاليةَ وبعدَ سنواتٍ من العملِ السياسيِّ المتواصلِ والمواجهةِ المسلحةِ المستمرةِ والمقاطعةِ الدوليةِ والرفضِ الشعبيِّ ضعفَ النظامُ الصداميُّ إلى درجةِ الوَهنِ الأمرُ الذي عجَّل بسقوطِه ليُلْقِي به في حفرةِ الذُّلِّ والمهانةِ .
من هنا وجد تيارُ شهيدِ المحرابِ أنَّ جهادَه ومعركتَه لم تنتهِ بعدُ بل تغيَّر نمطُها وأسلوبُها وسلاحُها فتحولَ فيلقُ بدر إلى منظمةٍ تُعنى بالشأنِ الثقافيِّ والتعبوي مستخدمةً سلاحَ الفكرِ والدفاع عن حقوقِ المظلومين لتحقيقِ تلك الغايةِ وعمِلَ تيار شهيد المحراب بقيادةِ عزيزِ العراق سماحةِ السيد عبد العزيز الحكيم ( رض ) وبتوجيه وإرشادِ المرجعيةِ الدينيةِ العليا المتمثلةِ بسماحةِ آيةِ اللهِ العظمى السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظلُّه ) على تحقيقِ أهدافهِ في الحريةِ والعدالةِ والاستقلالِ فسعى جاهداً لتغييرِ المعادلةِ الظالمةِ التي حكمتْ العراقَ منذُ سقوطِ الدولةِ العثمانيةِ وحتى سقوطِ البعثِ حيث همَّشَتْ الأغلبيةَ وأقْصَتْهم عن ممارسةِ حقِّهم الطبيعي في قيادةِ البلدِ او على الأقلِّ مشاركتِهم في قيادتِه وحرمانِهم من المواقعِ المهمةِ كما كان له الدورُ الكبيرُ في صياغةِ الدستورِ وكتابةِ موادِّه وفقراتِه وفي السعي لإخراجِ العراقِ من البندِ السابعِ وغيرِ ذلك من الانجازاتِ الكبيرةِ التي لا يُمكنُ استقصائُها في هذه العُجالة .
لقد آمن تيارُ شهيدِ المحراب بالعمليةِ الديمقراطيةِ وكان من السبَّاقينَ إلى إقرارِها وبلورتها بالشكل الذي يحقق العدالةَ الاجتماعيةَ وتكافئَ الفرص وإيصالَ من هم الأجدرُ والأكفأُ إلى البرلمان جرياً على قاعدةِ الرجل المناسب في المكان المناسب ولذلك طالبَ بإقرار القائمةِ المفتوحة وتعدُّدِ الدوائر ليتسنى للناخب معرفةَ من ينتخب كما دعا إلى الانتخاباتِ التمهيديةِ ليوسعَ دائرةَ المشاركةِ وليُبرهنَ على جماهيريةِ التيارِ وعدمِ انكفائِه على أعضائِه ومُنتسبيه فكان له ما أراد ورأيتم توافدَ وإقبالَ أبناءِ المحافظة على الترشيح ضمنَ كتلةِ تيار شهيد المحراب المنضويةِ تحت الائتلاف الوطني العراقي وفي جوٍّ تنافسيٍّ شريف حتى بلغ عددُ المرشحين 150 مرشحاً، كما رأيتم الجموعَ الغفيرةَ من المواطنين وهي تصطفُ أمام صناديقِ الاقتراع او تلك التي جاءت ببيارقِها وهتافاتها لتعبرَ عن حبِّها وولائِها لهذا التيارِ في عرسٍ ديمقراطيٍّ قلَّ نظيرُه .
https://telegram.me/buratha