المقالات

الأرباح المحققة وغير المحققة

1521 00:46:00 2009-10-11

الدكتور مجيد الشرع استاذ محاسبة وتدقيق

يشكل الربح الهدف الرئيس لأي مؤسسة مالية هادفة للربح( Profit Association). ولغرض تعميم الفائدة التي تتعلق في قضايا مالية وودت أن أناقش مشكلة تثبيت الارباح في السجلات المحاسبية وهل هي ارباح حقيقية ام ارباح غير حقيقية من وجهة نظر محاسبية تعطي الدلالة الواضحة في تشخيص الحل من حيث الإثبات والتسجيل لمثل هذه الموضوعات انسجاما وتوجهات معايير المحاسبة الدولية التي تقتدي بها الدول المختلفة في معالجة بياناتها المالية حيث أقول:

لاشك أن علم المحاسبة توليه الدول المتقدمة اهتماما ملحوظا حيث يتتبع المال تتبعا متسلسلا مقترنا بالدليل الموضوعي والمال كما هو معروف عصب الاقتصاد وبالتالي تنبني رفاهية المجتمع على وفرة المال بعد تهذيبه من الديون والاستحقاقات في حسن استخدامه والحفاظ على حقوق الأطراف المتعاملة. ان المسألة المطروحة عن الأرباح المعنية لابد من إرجاعها إلى الأساس التي تنشأ من خلاله الأرباح وفقا للمتطلبات المحاسبية حيث أن دقة التعبير في المصطلحات والتسميات لها أهميتها في علم المحاسبة وعليه فأن الأرباح تتولد عند مقابلة الإيرادات والمصروفات في نهاية الفترة المالية وفقا للمبدأ المحاسبي(المقابلة Matching Concept) وينجم عن هذه المقابلة زيادة الإيرادات على المصروفات وهذه المقابلة قد تنجم عنها خسائر أيضا، وتنسجم هذه النتيجة مع مفاهيم محاسبية توضح الكيفية التي تتحقق بها الإيرادات حيث هناك أسس عدة من بينها:

أولا:الأساس النقدي Cash Basis : حيث يقوم هذا الأساس على فلسفة أن الاستلام النقدي يعبر عن مصداقية الصفقة لأن البيع قد تم فعلا مقابل استلام مبلغ نقدي، ولذلك لايعترف هذا الأساس بإيرادات البيع الآجل، وهناك انتقادات وجهت لهذا الأساس ليست محل موضوعنا كما أن هذا الأساس يتبع في نشاطات معينة .

ثانيا:أساس الاستحقاق Accrual Basis: وينبني هذا الأساس على فلسفة تحقق الإيراد عند البيع سواء كان نقديا أو آجلا أو كلاهما عند عقد الصفقة حيث تعني الإيرادات هنا إيرادات تخص الفترة المعنية ولا ينبغي تجاوزها لأنه يخل بمبدأ المقابلة التي اشرنا له ، وقد حظي هذا الأساس بالقبول العام من قبل الأوساط المهنية .ثم ظهرت أراء أخرى في مسألة تحقق الإيراد أشارت إليها معايير المحاسبة الدولية ومن بينها إعادة التقييم -الذي أثار جدلا في المسألة المطروحة- وهذه الإعادة تتماشى مع طرق القياس المحاسبي ومنها القياس بالقيمة العادلة (Fair Value) التي أضحت محل اهتمام المنظمات المهنية في قياس الأصول الملموسة(Tangible Assets) على وجه الخصوص، حيث يتطرق مفهوم القيمة العادلة إلى أن إعادة التقييم لتلك الأصول يعتمد على التغيرات الجوهرية في قيم الأصول نظرا لتطور الاقتصادي وتسارع عمليات التشغيل في ظل التقنيات الحديثة.

وقد أشار المعيار المحاسبي الدولي رقم"16" الممتلكات والمصانع والمعدات" في الفقرات 32،34،37،38 إلى الكيفية التي يتم بها إعادة التقييم لتلك الأصول وقد ينجم عن هذا الإعادة مايسمى فائض تقييم وهنا نشأت المشكلة التي نحن بصددها بالنسبة للجدل المثار بخصوصها، ولكن معايير المحاسبة حسمت الجدل في جانب من المعالجة المحاسبية حيث أفادت أن فائض التقييم - أي زيادة قيمة الأصول عند إعادة التقييم عن قيمتها الدفترية" Book Value" يعالج بطريقتين:

الطريقة الأولى: يعتبر هذا الفائض دخلا محققا من أرباح فترة إعادة التقييم وهذا ما تذهب إليه بعض الشركات من اجل كسب دعاية في تركيز وجودها وراء ضبابية الارباح غير الحقيقية.

الطريقة الثانية: يعتبر هذا الفائض من ضمن حسابات الميزانية-جانب الخصوم_ لا تتأثر به إيرادات الفترة وأرباحها ،حيث يعد من وجهة النظر المحاسبية بمثابة مخصص تقفل به خسائر إعادة التقييم عند حصولها للفترات القادمة وبذلك لا تنجم أرباح محققة عن هذا الفائض ولا ينجم عنه جدل في توزيعها وهذا النهج يتفق مع اغلب الآراء المحاسبية.

وعليه فأن المسألة المطروحة لاتحتاج إلى الجدل لوجود الحل بأتباع الطريقة الثانية ولكن من ناحية أخرى هل ضريبة الدخل توافق على أي من الطريقتين أو كلاهما وهل أن الشركات اعلى اختلاف نشاطاتها ملزمة بتطبيق معايير المحاسبة الدولية إني لا أظن ذلك حيث أن اغلب القوائم المالية المنشورة لاتلتزم بإعادة التقييم وقد تختار من المعايير ما ينسجم ومصلحتها .

ان اساس الاستحقاق الذي اشرنا له قد يخلق ارباحا وهمية نتيجة لتثبيت مقدار الربح الناجم من عملية البيع الآجل او من اعادة التقييم كما اشرنا واعتبار هذا الربح من ارباح السنة الجارية وتترتب عليه احكام الضريبة من جهة كما قد يترتب عليه من ناحية اخرى توزيعات للارباح قد يوقع الشركة في مواقف لم تحمد عقباها وتؤدي بها الى الافلاس وبالتالي الى تصفيتها اذا ما مارست عمليات كبيرة تتولد عنها ارباح وهمية بسبب عدم التحقق الفعلي.والدليل على صحة ما قدمنا الازمة الماليةحيث سقطت عدة مصارف ومؤسسات مالية نتيجة لاحتسابها فوائد عن قروض اضحت من مجرد مشكوك في تحصيلها الى اليقين بعدم استردادها وبذلك كانت الارباح المترتبة عليها والمتمثلة بالفوائد هي ارباح غير حقيقة اي ارباح وهمية ذهبت الى جيوب منتفعين وتركت بصمتها على افلاس وانهيار مؤسسات كبرى من مستوى( بنك ليمان برذرز وميريل لينش الامريكيين).لذلك ينبغي الحرص من قبل المحاسبين ومدققي الحسابات في توجيه الشركات عن الاثبات الصحيح دون الوقوع في مشاكل قد يصعب حلها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبد الحميد العلي
2009-10-12
شكرا استاذ مجيد المحترم حيث انني لست بصدد توجيه النقد هنا كما تصورته لشخصك الكريم وقد قرات المقالة بشكل عميق ولكني مطلع هنا وبحكم عملي على المساهمة بشكل كبير على تطبيق معايير المحاسبة الدولية وبشكل عملي وليس نظري والمعالجات المحاسبية لاعادة التقييم هي ملزمة لنا بحكم القانون ولسنا مخيرين في تطبيق ما نراه مناسبا بقدر ما يجب ان نلتزم به من اجل اصدار قوائمنا المالية بمستوى عال من الموثوقية للسوق المالية.ورغم انني اتشرف بالتلمذة على يد اي استاذ الا انني لم اكن في يوم من الايام تلميذا لك وشكرا
الدكتور مجيد الشرع
2009-10-11
الاخ الاساذ عبد الحميدالمحترم بالرغم ان اتمتع بروحية الاستاذ الجامعي الذي يتقبل النقد حتى ولو من تلميذه ولكنك ومع احترامي لم تقرأ المقالة بتعمق وتعرف ما اقصد في المقدمة والاستنتاج علما ان طوعت المقالة ببساطة الشر للاستفادة منهالعامة القراء كما اني بتواض ع ملما بالتطورات المالية وبمعايير المحاسبة الدولي والا كيف اكون استاذا لها في مجال الدراسات العليا على العموم شكرا لتعليقك
عبد الحميد العلي المدير المالي لمجموعة دايركت انرج
2009-10-11
شكرا استاذ مجيد على هذه المقالة ولكن بودي ان اضيف الى معلوماتك شيئا مفيدا اذا تقبلته مني: اولا ان المعالجات المحاسبية التي اشرت اليها والتي عزوت اليها السبب في تعرض المؤسسات المالية المذكورة الى الانهيار مجانب للصحة واعتقد ان المقدمة التي سقتها لم تكن مفيدة للتوصل الى هذا القرار ثانيا ان الاجراءات والمعايير المحاسبية التي اشرت اليها اجمالية ولا تدل ان لديك معرفة عميقة بتلك التطورات التي جعلت من المحاسبة اداة تستخدم لفضح اي اي اجراءات ادارية من شانها ان لا تفصح عن النتائج المالية بشكل مهني
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك