سالم كمال الطائي
حُكْمُ عصابة المافيا الصدامية أنشأ وخلف مدرسة لإرهاب الشعب العراقي وناسه المساكين, هذه المدرسة التي كانت تمارس عمليا تجارب من أنواع الإرهاب المختلفة وأصبح لهذا النهج خبراءه وأزلامه يقودون مجاميع من المجندين المدربين وإطلاقهم كالذئاب نحو الشعب العراقي في كل مكان والحد من تفكيره في أي مطلب من المطالب المشروعة بأساليب قمعية رهيبة رادعة لا تتيح للآخرين أي فرصة أو حرية للمطالبة والشكوى بل عليهم الرضا والقناعة بل الخنوع بكل ما ينزل على رؤوسهم من البلاء البعثي الصدامي المهلك والمذل رغم ما تقدموه من التضحيات الجليلة والمشهودة!
هذا الواقع المرير الطويل خلَّفَ بعد التغيير وسقوط نظام المافيا الصدامية - وليس سقوط بغداد! كما يرغب البعض وصفه- أنواع من العصابات الشرسة المدربة سابقاً, نشطت عند استردادها لوعيها بعد الضربة الهائلة التي تلقاها نظام المافيا الصدامية المجرَّد من كل صفات الدفاع عن الوطن والمقاومة التي يتشدقون بها اليوم, فأين كانوا في تلك الأيام العشرين الحاسمة هم وما يملكون من السلاح والعتاد والرجال!! ولكنهم لا يملكون ذرة من الشجاعة والغيرة على الشعب والوطن أو حتى على مصالحهم!! وأملاكهم وأموالهم وعائلاتهم!؟ وجبروتهم الكاذب وعنجهيتهم الفارغة التي كانوا يسلطونها على أبناء الشعب المضطهد المغلوب على أمره.
بعد انهيار حكم العائلة الصدامية.. تشرذمَ وتشتتَ عملاءهم وأتباعهم واختبئوا في جحور وحفر بعيدة عن الأنظار وهلك منهم مَنْ هلك, ثم عاودوا لملمة شتاتهم وبدءوا نشاطهم الخبيث والمؤذي في مجالات عديدة وقد تلقفتهم رؤوس وقيادات النظام الهالك المهزومين واستخدموا هذه "الفضلات النتنة" في عمليات ما تسمى بالمقاومة - والمقاومة الشريفة منهم براء- ؛ وإرهاب المواطنين في عمليات جبانة منها قتل المواطنين العزل والذين لا ذنب لهم فيما يجري, فكانت تلك "القيادات" الجبانة المهزومة تحتضن المجرمين والحشاشة والمدمنين والصبيان الأبرياء وتشحنهم بالأفكار الإجرامية وتدربهم وتجهزهم ثم تدفع بهم إلى عمليات التخريب والقتل والتفجير والخطف إلى آخره من العمليات الإرهابية المتنوعة التي غايتها إرباك وعرقلة وتشويه العملية السياسية التي يتبناها قادة العراق المعروفين بإخلاصهم للشعب والوطن رغم وجود قوات التحالف أو "الاحتلال" فلابد للمخلصين لهذا الوطن والشعب أن يعملوا في كل الظروف لتثبيت المفاهيم الوطنية وبناء البلد والعمل على خلاصه واستقلاله ولا يستسلموا لهذا الواقع ويسلموا البلد إلى "المحتل" ولا يفعلوا شيئا لخلاصه, إن مجرد وجودهم في ساحة الصراع وتحملهم الصعاب وتعرضهم إلى المخاطر العديدة هو موقف وطني خالص يستحق التقدير والاحترام ويوجب المساندة والتأييد.
خلاصة القول أن أركان النظام المهزوم وأزلامه ومخابراته قد بدءوا باكورة نشاطهم باستخدام العربان والمغفلين الذين استقدمهم "صدام" قبل سقوطه للدفاع وجوده! دون جدوى ولكن أعوان النظام قد احتضنوهم وجعلوا منهم دروع بشرية لتغطية هروبهم ثم بعد ذلك دربوهم وزجوا بهم في أتون المعركة الخاسرة وهلك أكثرهم في الأيام الأولى لسقوط الطاغية أما الباقين فقد قضي عليهم تباعاً بعد أن سفكوا دماء المواطنين العراقيين الأبرياء وذبحهم وقطع رؤوسهم بعد خطفهم للنساء والرجال والأطفال, وبقية الأعمال الإجرامية البشعة التي اقترفوها في العراق الجريح. وبدأ الفصل التالي من عمليات الإرهاب والإجرام المعروفة والتي لا ضرورة إلى إعادتها هنا إنما نريد أن نذكر بعض الأعمال الإرهابية المختلفة والتي استغلها أولئك ووظفوها لصالحهم وضد طموحات الشعب العراقي التي حولوها إلى جراحات دامية مستمرة.
من تلك المجاميع المجرمة كانت هناك عصابة إرهابية تختص في ضرب أعمدة الضغط العالي الكهربائية ومحطات التغذية الكهربائية وسرقة أسلاكها وحديدها - في نفس الوقت - لغرض حرمان المواطن من "نعمة" الكهربائي وقطعها عنه في صيفه الحار المتميز! وتعطيل أعماله ومصانعه وأسباب عيشته الأخرى, ومن أهداف هذه العملية الحقيرة هي مساعدة أصحاب المولدات للاستمرار في استغلالهم للناس والتصرف بدون حساب ولا مراقبة بل الاتفاق مع بعض المسئولين في دوائر الكهرباء لإدامة عملية قطع التيار الكهربائي وتقديم الأعذار والأسباب الكثيرة حتى وصلت العلاقة بين الكهرباء ونقص مياه نهري دجلة والفرات وبعد الحبل على الجرار!!؟ في نفس الوقت كان تجار المولدات المختلفة الأحجام يدفعون أموالاً طائلة لعصابات أخرى تقوم بنفس الوظيفة من وقت لآخر لبيع ما لديهم من المولدات والاستفادة مما يستوردونه في المستقبل!
هناك عصابات "مقاومة" أخرى توجهها عصابة البعث الصدامي المهزومة والمختبئة! والمطلوب منها ضرب كيبلات الهواتف أو أعمدتها أو حرق البدالات الحكومية والمستفيد من هذه العمليات وتمويلها شركات الهاتف النقال "الموبايل" لنهب أموال المواطنين المحتاجين لمثل هذه الخدمات المهمة. وبطبيعة الحال فإن الذي يقف موقفا فعالا وراء تلك الأعمال هي بعض الدول المجاورة في دعم وتشجيع ودفع عصابة البعث الصدامي للقيام بتلك النشاطات التخريبية الهدامة لأهداف سياسية وأخرى اقتصادية! ومن ثم الأمل القاتل في عودة البعث الصدامي من وراء إحداث هذه البلبلة والتذمر بين المواطنين وأذيتهم في نفس الوقت انتقاما لما حل بهم من هزيمة وخز وعار! ولا يبرأ الكثير من موظفي الدولة الحالية من تواطؤ وتعاون خبيث مع هذه المجاميع خوفاً أو طمعاً أو تعاوناً من قبل البعثيين الصداميين الموجودين في دوائر الدولة وشُعَبِها وأقسامها.
وهناك مجاميع أخرى من الإرهابيين تشرف عليها وتقودها بقايا أزلام النظام الساقط مهمتها تزوير الوثائق والمستندات والبطاقات الشخصية بصورة دقيقة لا يمكن كشفها أو معرفتها بسهولة وهذه العملية أيضا تؤدي إلى إرباك التعامل والمعاملات التي تجري هنا وهناك في دوائر الدولة وتكون خطيرة في بعض المواقع والتعاملات الرسمية أو في المرور والعبور والتحرك المشبوه للقيام بعمليات إرهابية ضد المواطنين.
عصابات أخرى من الحشاشة والمدمنين والصبية تقوم بعمليات الخطف والابتزاز بحجة تمويل "المقاومة الشريفة"!! ولكنها لحساب "المقامرة الخبيثة" على موائد الميسر ومواخير المومسات أو الهرب بالأموال إلى خارج البلد.. ويجب أن نعترف هنا بوجود المقاومة الشريفة حقاً وأبطالها الذين يتصدون لقوات الاحتلال ومؤسساته وآلياته ولا علاقة لهم بما يقوم به أعداء الشعب من أعمال التفجير والتهجير والتفخيخ والأحزمة الناسفة والمتفجرات اللاصقة! تجاه الناس العزل البسطاء أو غيرهم . ومن المؤكد أن قسم من هذه الأعمال الشريرة تقوم بها فرق خاصة من قوات التحالف!! لتكريس التفرقة بين أبناء الشعب الواحد بأساليب متقنة وأزمنة ومواقع مختارة!؟
ومن بين هذه الأشكال من الإرهاب هو الإرهاب السياسي الذي يقوم به فريق متخصص بالتحري والتشخيص ثم التخطيط والتنفيذ في عمليات خطف بعض المسئولين أو اغتيالهم أو تفجير مركباتهم أو خطف أفراد عائلاتهم لتساوم على قضايا مهمة تخدم أهداف الإرهابيين أو أسيادهم أو قياداتهم العليا!؟ في إطار تصفية حسابات قديمة أو جديدة.
حتى مياه الشرب لم تنجو من عمليات الإرهاب, فقد تعرضت أنابيب تزويد المياه الرئيسية إلى النسف والتخريب وسوء الاستخدام والمساومة مع بعض المسئولين وذلك لحساب أصحاب تعبئة المياه في القناني الكبيرة والصغيرة الغير مضمونة صحيا خلال عملية التعبئة العشوائية وبدون مراقبة صحية لعملية التعبئة مقابل مبالغ رشوة زهيدة!!, وكذلك تجار استيراد مياه القناني المستوردة من الكويت والسعودية وسوريا وإيران!!؟ قد لا يصدق هذا الكلام ولكن هناك أفراد من الحشاشة والمدمنين إرهابيين رخيصي الثمن؛ يقومون بمثل هذه الأعمال الخطيرة والكبيرة مقابل مبالغ حقيرة وقليلة!؟ فهؤلاء أناس ساقطين ولا يهمهم أي ضرر يصيب المواطنين أو حتى أهلهم وذويهم..نعود ونقول: قد لا يصدق هذا الكلام ولكن هذه هي الحقيقة فإن الشعب العراقي يتكالب عليه الإرهابيين ومَنْ يساندهم من كل صوب ونوع وصنف؛ من أعلاهم مستوى في الإجرام إلى أحقرهم وأسفلهم في الدناءة والسفالة هذا هو قدر الشعب العراقي المظلوم ولكنه سوف يتحمل الكثير ولا يسمح بتلك النماذج الساقطة أن تؤثر على مسيرته التي سوف تسحق الإرهابيين والتكفيريين المجرمين سحق الحشرات الضارة وسوف تعلن انتصارها النهائي بكل تأكيد إذا تضافرت الجهود من أجل التكاتف والتعاون وأهمها وحدة الشعب العراقي التي هي أقوى سلاح يمكن مواجهة هذه النماذج الحقيرة وإفشال مخططاتها وهزيمتها إلى الأبد.
أمّا أُمُّ العمليات الإرهابية! التي هي جريمة "الأربعاء الدامي" فهي حمالة تحليلات كثيرة! أو هي ورقة "الجوكر" التي تتلاءم مع العديد من أوراق لعبة الإرهاب في العراق الجريح. من هذه الأوراق وفقاً لاعتقادي و"خيالي السياسي"! هي:1- محاولة قوية لهدم وتعطيل الاتفاق والتفاهم الإستراتيجي بين العراق وسوريا. نفذته الفرق الخاصة التابعة لقوات التحالف بقيادة الأميركيين وبوسائل فنية عالية التقنية ومساومات مع بعض العناصر الحكومية.2- سارعت العناصر البعثية الصدامية في سوريا إلى التعجيل في تنفيذ هذه العملية دون علم السلطات الأمنية السورية وبمساعدة أعوانهم في المراكز الأمنية في بغداد وغيرها وصرف مبالغ مغرية كما جاء في اعترافات أحد المتعاونين في هذه العملية للمحافظة على وجودهم ونشاطهم من داخل الأراضي السورية الذي سوف يتأثر لو قدر لتلك الاتفاقية الإستراتيجية النجاح التي من أحد بنودها السرية طرد أو تسليم العناصرالبعثية الصدامية التي تقود من هناك عمليات الإرهاب ضد الشعب العراقي.3- محاولة أميركية - إسرائيلية لتشديد الخناق على سوريا واكتمال تطويقها وإجبارها على تخفيف الضغط على إسرائيل باستخدام حزب الله في لبنان من جانب ومن الجانب الآخر الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وإنهاء احتضان التنظيمات الفلسطينية العديدة في سوريا.4- من أجل ضمان تطبيق بنود الاتفاقية الإستراتيجية الأخيرة بين العراق وسوريا وبطلها السيد المالكي وديمومتها سارعت السلطات الأمنية السورية بتنفيذ مثل هذه العملية الهائلة التي كانت جاهزة وحاضرة! وبانتظار ساعة الصفر! للإيحاء للحكومة العراقية وللسيد المالكي أن بالإمكان القيام بمثل هذه العمليات أو أضخم منها إذا تضررت العلاقات الجديدة والمصالح - التجارية خاصة - السورية في العراق!!؟ والإيحاء أيضا إلى الأمريكان بأن مثل هذه العمليات يمكن أن تطالهم إذا تمادوا في الضغط على سوريا ومصالحها في المنطقة.5- وربما في أضعف الاحتمالات هي رسالة قوية إلى أولئك الذين كانوا لاجئون في سوريا وهم اليوم في مناصب رفيعة في الحكومة العراقية , وكانوا في سوريا على علاقة بأجهزة مخابراتها ويقدمون لها تقارير أسبوعية عن نشاط المنظمات التي كانوا ينتمون إليها ولم يتعاونوا مع الجهات السورية اليوم!! فإن يد المخابرات السورية وعملائها من العراقيين تصل إليهم ومن هؤلاء وزير المالية "صولاغ" وأمثاله كثيرون.6- على كل حال فإن العملية الإجرامية في يوم الأربعاء الدامي, هي عملية عالية التنسيق والتحضير وتحتاج إلى إمكانيات فائقة الدقة والتكنيك لا تتوفر عند صعاليك الإرهابيين الصغار ومصدرها إما البعثيين الصداميين في سوريا والعراق وما لديهم من إمكانيات مادية وفنية عالية الجودة تمكنهم من تحضير وتنفيذ مثل تلك العمليات أو القوات الأميركية وفرقها المتعددة النشاطات والإمكانيات الفنية العالية.. فقط هذان الاحتمالان وراء القيام بتلك العملية الضخمة الشريرة.
هذا الواقع المرير يتحمل مسؤوليته الكاملة بالدرجة الأولى قادة الشعب العراقي القائمين على العملية السياسية الحاضرة لأن عدم اتفاقهم وشرذمتهم وصراعهم على المناصب والمنافع والتفرقة والخصام الحاصل فيما بينهم هو الذي يشجع هؤلاء الإرهابيين في التمادي في أعمالهم الإجرامية التخريبية على حساب دماء وأشلاء أبناء الشعب العراقي المظلوم. كما أن العراق وشعبه يمر في منعطف خطير وتصفية حسابات على أرضه يدفع شعبه ثمناً غاليا في التضحيات البريئة من أجل صراع لا ناقة له فيها ولا جمل!!
مع الاعتذار إلى الأخوة الأميركيين والسوريين والبعثيين الصداميين وصغار الإرهابين على هذا الخيال السياسي!!؟ مال واحد لا شغل عنده ولا عمل غير الكتابة المملة المزعجة!!؟
https://telegram.me/buratha