بقلم : سامي جواد كاظم
لقد ابدعت الاجندة العاملة للقوى الظلامية في خرق وحدة الصف الاسلامي لدرجة الاختلاف على الوجود والعدم فالخلاف الفكري والتاريخي والفقهي يمكن ان تكون له مبراراته اما الاختلاف على رؤية شيء او عدم رؤيته فهذا يؤدي الى احدى النتيجتين اما احدهم مفتري او الاخر جاهل والا لا يمكن حتى للجاهل والمجنون ان ينكر شيء امامه او يثبت شيء معدوم .
تعودنا على الخلافات الاسلامية الا انها تصل الى درجة الماديات في وجودها او عدمها هنا الخيبة بعينها ، ففي العراق الوقف السني راى الهلال والوقف الشيعي لم يرى الهلال والثابت لدينا ان احدهم ماثوم ولو وسعنا دائرة النقد ونظرنا الى الدول العربية والاسلامية التي هي على خط افقي واحد أي الليل والنهار متحد لدى الكل وبفارق ساعة مثلا لا يؤثر .حتى ايران اختلف مراجعها في ثبوت رؤية الهلال وفي الدول العربية كذلك السعودية ترى الهلال واليمن لا تراه ليبيا ترى الهلال يوم الجمعة والمغرب لا تراه يوم السبت أي مفارقات شاذة هذه .
وعودة للوراء والى الملابسات التي رافقت معضلة رؤية الهلال لنرى من هو الذي يتصف بالدقة في رؤية الهلال كما ولابد من ذكر بعض التقارير التي ذكرت معلومات تخص لعبة رؤية الهلال واكثر الحالات جدلا عندما ترتبط رؤية الهلال في صلب معتقدات الاسلام الا وهما رمضان وذي الحجة اما بقية الشهور فيمكن تسوية الامر سياسيا .
بداية نقطة مهمة لابد من توضيحها قبل الدخول في صلب الموضوع ، مسالة رؤية الهلال ليست مسالة اجتهادية والمسلم غير ملزم بتقليد الفقيه اذا ما ثبت له امر خلاف ما قاله الفقيه على سبيل المثال لو راى المقلد هلال شهر رمضان واعلن الفقيه انه لم يرى شهر رمضان فالمقلد ملزم بصيام رمضان طبقا لرؤيته هو والا يدفع كفارة الافطار المتعمد ، وعليه اذا لم يحصل اطمئنان من أي مسلم لراي الفقيه فله الحرية بعمل ما يراه مناسب ويدفع هو ثمن عمله .
الان لنعود لموضوعنا على مر التاريخ لم يثبت لدينا في يوم ما ان فقهاء الامامية اخطأوا في رؤية الهلال وهنا اقصد بفقهاء الامامية هم من نالوا شرف المرجعية في النجف ولا اقصد الشتات من بعض الفقهاء الذين كثروا في ارائهم وافتائهم في هذا الزمن .
والامر الذي يؤكد لنا ان رؤية الهلال تثبت سياسيا لا شرعيا خذوا مثلا ما حصل في منتصف الثمانينات عندما اعلن ملك فهد رؤية هلال شوال وان العيد يوم الجمعة من سنة 1406 هـ على ما اعتقد وافطر الناس وفي اليوم التالي ثبت انه ليس عيد واصدر الديوان الملكي اعتذار عن هذا الخطأ وبما انه ولي الامر في السعودية فقد دفع كفارة الافطار الى فقراء افريقيا وعلى ما اظن كان مبلغ الكفارة مليار ريال ، هنا السؤال والحيرة من هو الذي افطر الناس الملك ام رئيس مشايخ الافتاء في السعودية ؟ فان قلتم الملك اذن الرؤية سياسية والمشايخ اجندة لدى الملك وان قلتم شرعية اذن لماذا يدفع الملك كفارة عن امر لم يقترفه الا اذا كانت هنالك مواثيق ومعاهدات بينهما ومن ثم في مثل هذا الخطأ لم يردع او يعاقب الملك من كان السبب في ذلك ، ولكن اتضح ان سبب اعلان العيد هومحاولة لالغاء الاحتفال بيوم القدس الذي يصادف اخر رمضان اذن الرؤية سياسية للهلال !!!
هذا الامر جعل اللغط يكثر حول صحة ثبوت رؤية الهلال وقد قال الخبير الفلكي صالح الصالح في حديث لصحيفة الحياة السعودية أن معظم من يتولون مهمة تأكيد رؤية الهلال بالنسبة لشهر رمضان هم مجموعة من العصابات ،وأوضح أن مواعيد دخول شهر رمضان في السعودية التي تعتمد على الأشخاص غير صحيحة، وهم يسيرون على نهج خالف تعرف، وراقبتهم أكثر من مرة في الحقيقة، وأستطيع القول أن عملهم أشبـــه بالعصـــابات المنـــظمة 26 مارس 2009 .
واضاف وأضاف أن مجمـــوعة من المتعـــاونين في شمال منطـــقة الرياض دأبت منذ العام 1980 على رؤيـــة الهلال وإثـــباته على رغم أنـــه لم يهل، وكـــل الحســــابات الفلكـــية تـــكذب ذلك، فهل يعقل أن مجموعة لا تتعدى 5 أشخاص في منطقة محدودة تستطيع رؤية الهلال بينما يعجز عن ذلك جميع المواطنين فضلاً عن التلسكوبات. وهنا يذكر حادثة في عام 1998، حيث يقول :حين شاركت مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مراقبة هلال شهر رمضان، وشرعنا بأجهزة متطورة توجه إلى القمر مباشرة عن طريق الماجلان، وشاهدنا غروب الهلال قبل مغيب الشمس، وهو ما يعني استحالة رؤيته ذاك اليوم، إلا أننا توصلنا بخبر تأكيد تلك الجماعات رؤية الهلال، وتحدينا بعض المسؤولين من أن يتمكن أحد من رؤية هلال رمضان في اليوم التالي أيضاً، وبعد صومنا ذاك اليوم حاولنا بكل الأجهزة التي بحوزتنا وبعيوننا المجردة رؤية الهلال، ولم يكن ذلك ممكناً، إلا أنه مع ذلك لم يتم وقف هؤلاء عن ممارسة افتراءاتهم.
وأضاف الصالح "أستطيع الجزم أن نسبة خطأ ما يدعونه من رؤية الهلال في جميع المناسبات تتراوح بين 80 و90 في المائة، وفي العام الماضي حرصت على مرافقة هؤلاء المدعين خلال مراقبتهم للهلال، وأبدوا انزعاجاً كبيراً لحضوري، وتملصوا من رؤية الهلال بأنفسهم، إلا أنه مع ذلك أكدوا رؤية زملاء لهم في مكان آخر للهلال". الشاهد من اهلهم هذا الامر لا يعني خلو بعض ممن هو يعتبرون من فقهاء الشيعة حيث لا يستبعد بل من المؤكد ادعائهم رؤية الهلال هو ادعاء سياسي محض وبدليل انهم في اليوم الثاني لم يستطيعوا رؤية الهلال المفروض ان تكون درجة وضوحها اكثر من ضعف وضوحه قبل يوم .
وكانت جريدة الرياض نشرت الأحد 21 -10-2007 مقالا للشيخ بن منيع بعنوان "التسليم بعدم قبول خبر علماء الفلك يعني أن الجميع في ذمة مجلس القضاء تساءل فيه بقوله "ان الهلال قد غاب يوم الخميس الموافق 1428/9/29 من الهجرة، قبل غروب الشمس بدقيقة وذلك في آخر موقع في المملكة وهو مكة المكرمة فكيف يرى بعد غروب الشمس والحال انه غرب قبل غروبها بدقيقة؟
واعتبر بن منيع ذلك بمثابة "عدم التسليم بقبول خبر علماء الفلك" مستطردا "نحن نقول لفضيلته أي اللحيدان سمعنا وأطعنا لقراركم المؤيد من قبل ولي أمرنا، فالفطر يوم يفطر الناس ونحن في ذمة مجلس القضاء ومن اعتمد عليه المجلس. ولكننا نقول لفضيلته نفترض بأن علماء الفلك فسقة ولا يصح قبول خبر الفاسق إلا بتثبت وتحقق، كما لا يصح رد خبره مطلقاً وذلك حسبما وجهنا الله سبحانه به في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فأين التحقق والتثبت عن صحة هذه الأخبار؟".
خطأ رؤية الهلال لدى السعودية تكرر وذلك عندما تراجعت عنه عام 1416 هـ ، حيث أعلنت في البداية أن الخميس 18 نيسان/إبريل 1996م هو أول أيام شهر ذي الحجة، وفي اليوم التالي أدركت السعودية خطأ هذا الإعلان وأعلنت رسميا أن الجمعة 19 نيسان/إبريل 1996م هو أول أيام شهر ذي الحجة، ويمكن الرجوع للصحف السعودية لمن شاء التأكد من ذلك. فالرجوع للحق والتمسك به نهج المصطفى وخلق حميد ومن خصال المؤمنين.
وعن خطأ اخر قال الشيخ عبد الله آل محمود من قطر في رسالته للعلماء بعد خطأ شوال 1400: "إن الهلال لن يُطلب من جحور الجرذان والضبان بحيث يراه واحد دون الناس كلهم! وإنما نصبه الله في السماء لاهتداء جميع الناس في صومهم وحجهم وسائر مواقيتهم الزمانية؛ {ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}
اما ليبيا فالموقف السياسي فيها يتطلب ان يكون العيد يوم السبت وهذا ما حصل ولا عتب لنا على ليبيا لعلمنا باحوالها .هذا الامر ينطبق على هلال ذي الحجة ففي سنة 2007 حدث الخلاف التالي فقد اتبعت معظم الدول إعلان السعودية، أما الدول التي تلتزم فعلا برؤية الهلال ولم تر الهلال يوم الإثنين فقد أعلنت بداية شهر ذي الحجة يوم الأربعاء وسيكون عيد الأضحى فيها يوم الجمعة 21 ديسمبر، ومن هذه الدول الهند وباكستان وإيران والمملكة المغربية. لاحظ الفرق بين عيد السعودية يوم الأربعاء وعيد بقية الدول يوم الجمعة! في حين أعلنت تركيا ودول أخرى أن بداية شهر ذي الحجة هي يوم الثلاثاء وأن الخميس هو أول أيام عيد الأضحى.
واتباع السعودية في رؤية الهلال غير صحيحة ففي سؤال الشيخ ابن عثيمين احد مشايخ الوهابية حول هذه المسألة أكد عدم ضرورة اتباع السعودية إذ أن شهر ذي الحجة كمثله من الأشهر الأخرى . و قال في فتواه بتاريخ 15 ربيع أول 1421هـ ما نصه: "الهلال تختلف مطالعه بين أرض و أخرى في رمضان و غيره و الحكم واحد في الجميع...."هل يعقل أن يختلف العالم الإسلامي في يوم عيده بمدة ثلاثة أيام، وقد حدث في بعض السنوات أن كانت مدة الاختلاف تصل إلى أربعة أيام!
ولكن ما يؤسفنا هو ما يحدث في العراق من انقسام المسلمين في رؤية الهلال فكيف لنا ان نثق بقادتنا اذا لم يستطيعوا جمعنا تحت هلال واحد ، فالاغراض السياسية هي الحاصلة بعينها واذا أي طرف اراد اثبات احقيته في ادعائه فانه يستطيع ان يثبت رؤية الهلال لمن لا يرى الهلال حتى يلزم الاخر بصحة ادعائه واما البقاء على هذا الحال فلتفرح الاجندة الخارجية على ما حققت من انجاز في شق وحدة الصف الاسلامي .عتبي على من في العراق يتبع علماء ال سعود في رؤية الهلال
https://telegram.me/buratha
