احمد عبد الرحمن
ينطوي يوم القدس العالمي، والذي هو اخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام، على دلالات ومعان رمزية ومعنوية مهمة للغاية ترتبط بواحدة من اهم القضايا التي تهم عموم ابناء العالم الاسلامي، وكل انصار ودعاة الانسانية وقيم الحق والعدل والانتصار للمظلومين والمضطهدين والمستضعفين. قضية فلسطين وما تعرضت له مقدسات ذلك البلد، وابنائه على امتداد ستة عقود من الزمن، اي منذ اغتصاب الصهاينة لها في عام 1948، يعد امر مريعا ومأساويا بالحسابات الانسانية، فالصهاينة لم يتركوا جريمة الا وارتكبوها بحق المستضعفين من ابناء الشعب الفلسطيني المسلم، وبعض ابناء الشعوب الاخرى، وساعدتهم ودعمتهم في ذلك قوى كبرى.
ومازال ابناء الشعب الفلسطيني يتعرضون لشتى صنوف العدوان والظلم والاستبداد البعيد كل البعد عن مباديء كل الرسالات والاديان السماوية، والبعيدة كل البعد كذلك عن القوانين الوضعية المتعلقة بحقوق الانسان وحق الشعوب والامم في العيش بسلام وامان. ان يوم القدس العالمي صرخة المظلومين والمحرومين والمضطهدين والمستضعفين بوجه كل اشكال ومظاهر الظلم والاستبداد والتسلط والطغيان، وهي وان اقترنت بيوم محدد، وبرمز معين فأنها رسالة شاملة ومتعددة الجوانب والابعاد. والقدس، هي رمز ديني عالمي، ومظلوميتها تعكس صورة مصغرة لواقع الظلم والاستبداد الذي تأن تحت وطأته شعوب ومجتمعات عديدة، في ازمان وعصور مختلفة، وهي تعكس صورة مصغرة لواقع الصراع بين المستضعفين والمستكبرين الذين تحدث عنهم كتاب الله المجيد في مواضع مختلفة.
واننا كمسلمون وغير مسلمين نعيش هذا الواقع في كل يوم بمظاهر واساليب وصور متعددة، ونحتاج دائما الى استلهام معاني ودلالات الصراع واهدافه ومراميه ودوافعه، ومعطياته وحقائقه، واستشراف نتائجه ومدياته على ضوء السنن التأريخية، وليس استنادا الى الواقع المنظور، الذي ربما يرسم صورة مشوهة وغير حقيقية له. ينبغي ان يتجاوز احياؤنا واستذكارنا ليوم القدس العالمي حدود الزمان والمكان، ويمتد الى جوهر المفهوم ومصاديقه الكثيرة. لان الصراع بين الحق والباطل، وبين الظلم والعدل، وبين معسكر المستكبرين ومعسكر المستضعفين قائم ومتواصل، ونتيجته النهائية يعبر عنها قوله تعالى (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين).
https://telegram.me/buratha