خالد خالد
لم يمض على تشييع الراحل عزيز العراق سوى ايام معدودة ليؤشر بذلك احدث تظاهرة شعبية لمؤازرة المرجعية الرشيدة في العراق بافراحها واتراحها ...وليكشف عن الثقل الحقيقي الذي تشغله تلك المرجعية في اذهان الجماهير العراقية التي تكن لها الولاء المطق والعميق .. وبعيدا عن المجلس الاعلى وان كان المجلس جزءا مهما من تلك الحركة الضاربة في التحدي والساحقة في قدرتها على التغيير والتضحية...فان حركة الجماهير في تشييع الحكيم ومشاعرها المعطاء حين نزول فاجعة رحيل كانت اصدق تعبيرا وابلغ في التاشير على العلاقة الكبيرة بين القيادة والجماهير ..
تلك العلاقة التي لم يفلح الصالح في ادراكها حين كتب مقاله ذاك واستند الى حقائق رقمية بعضها ضال والاخر مشوه والثالث وقتي متناسيا ان الجماهير لايمكن ان تقيسها الارقام والاعداد والنتائج في أي مرحلة من المراحل بل تحركها المشاعر والاحاسيس ويربطها الانتماء الروحي الاصيل بالثوابت اكثر ما ترتبط بالمتغيرات .. ولا ادري كيف توصل السيد الصالح الى نتيجة ان فاقد الشيء لا يعطيه وان الائتلاف الوطني ليس وطنيا !! بمعنى اخر ان من يؤيد الائتلاف والذي شخص منه المجلس والتيار الصدري ليس وطنيا .. يعني بالنتيجة ان ملايين العراقيين ليسوا وطنيين حسب ما يدعيه الاخ كاتب المقال ..فماهي الوطنية ؟ او من هو الوطني من وجهة نظر الاخ الصالح ؟
ان الوطنية لا تهبط على القوم حين الانتخابات كل اربع سنوات يا اخي ..والا فكيف تفسر لنا الصراعات المريرة التي تخوضها تلك التيارات السياسية مع المحتل تارة ومع الارهاب تارة اخرى وفي شتى المحافل السياسية والخدمية بعيدا عن حسابات الربح والخسارة من الناحية الانتخابية ؟ فماهي مقاييس الوطنية الاخرى التي اغفلناها في ردنا والتي شخصها كاتب المقال بانها اثبات على لا وطنية الاتئلاف ممثلا بالمجلس والتيار الصدري وباقي التيارات ؟ ثم ماعلاقة انتخابات مجالس المحافظات ونتائجها بالوطنية؟ وهل ان نتائج تلك الانتخابات التي زورها الكاتب ليدعي ان المجلس مثلا حصد اقل من 1 بالمئة من الاصوات في المحافظات ..هل لها علاقة بالانتخابات ؟
لقد حصل تشرشل مهندس الانتصار في الحرب العالمية الثانية لصالح بريطانيا بل الحلفاء اجمع على اصوات اهلته ليصبح خارج رئاسة الوزراء .. فهل كان تشرشل غير وطنيا ؟ والحال كهذه مع احمد بن بلا الجزائري وحتى بن غوريون الذي كان له الفضل الاكبر في وصول اسرائيل الى ماوصلت اليه من العظمة ..!!! فهل ان تراجع ما يحصده سين او صاد من اصوات الناخبين يعني بالضرورة ان يكون غير وطنيا ؟ اذا كان مقياس الامور في عالم الديمقراطية بهذا الشكل فان كلا من الديمقراطيين والمحافظين غير وطنيان في اميركا ولايملكان الولاء لهما لانهما في مد وجزر في نتائج الانتخابات ..بل قد يحصل ان يستمر المد سنوات طويلة كما حصل مع حزب العمال في بريطانيا في عهد تاتشر مثلا والتي حافظت على الصدارة لحزبها طيلة اعوام الثمانينات ..
ان اللعبة الانتخابية يا سيدي الصالح هي قدرة على الانجاز وتحقيق ما تصبو اليه الجماهير ..وامزجة الجماهير نفسها تتغير ...وتغيرها لايعني ان الاحزاب بالضرورة تكون خاطئة في تصوراتها ...بل ان مقياس الثبات على الموقف هو ما يجعلها في صدارة الوطنية .. الخسارة ليست فشلا في جميع الاحوال ...بل هي احيانا مقياس لفوز اخر ..قد يخسر المحارب الانتخابات ولكنه يظل بطلا في عالم الحرب .. وقد يخسر يناة الوطن رصيدهم في مرحلة ما ..لكن هذا لا يعني ابتعادهم عن الجمهير او ابتعادها عنهم بقدر ما يعني ان الديمقراطية تسير في اتجاهها الصحيح ..الانتخابات فرصة لتجربة الاخر ..بل لاستسقاء شتى التجارب خدمة للوطن ..وهذا الذي يجعل من هيلاري كلينتون الان وزيرة خارجية في حكومة اوباما وهي المنافسة الاشد حظوة لرئاسة الجمهورية وزوجة الرئيس الاسبق بيل كلينتون الذي اخلفه بوش الابن في سدة الرئاسة .. فهل ان هيلاري عاهرة في عرف الصالح لانها اختارت ان تصبح في هذا المنصب وتخدم منافسها السابق الذي تربع على كرسي الرئاسة ...!!
مراجعة بسيطة لمفهوم الانتخابات والديمقراطية يجب عليك ان تستزيد من مطالعتها والتعرف اليها عن كثب ...حينها فقط ستعرف ان الوطنية كلها في احزابنا المتنافسة اليوم والتي كان لها قصب السابق في ميدان مقارعة الجلادين فلم تبحث عن فرصة للاستبداد بل فتحت ابواب الديمقراطية لبناء وطن حر مزدهر ..
https://telegram.me/buratha