داود نادر نوشي
بعد أشهر من نسيان قصة البطولة الوهمية التي فعلها الزيدي وقذفه الرئيس الأمريكي جورج بوش بالحذاء ، حيث انطوت تحت قضبان السجن الذي قبع به لأشهر ، عادت ألينا بعد خروجه منه مرة أخرى، ولكن بعنوان جديد،ومسمى أخر، وهو ما تحاول إن تصوره لنا البعض من وسائل الإعلام المأجورة والمعادية على انه خروج الأسد من عرينه، والبطل من أسوار السجن، وهذا ما جعلنا أن نخوض في أسباب ومبررات ما قام به الزيدي هذا .
فأنت عندما تكون في بلد مثل العراق الجديد، وبه حرية التعبير وتعدد الآراء والديمقراطية ،وعندما يشعرانسان مثل الزيدي عندما يقوم بما قام به بأنها لن تكون النهاية له ولأهله وعشيرته، ولن تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، كما كانت أيام المقبور صدام . فأن المجال يكون واسعا لكل المتهورين والفاشلين والباحثين عن الشهرة لكي يقوموا بما قام به الزيدي ،بل إن الآلاف من أمثاله لهم القدرة على قذف الأحذية بوجوه من يشاؤون ووقت مايشاؤون،ولو إن الزيدي والمصفقين له تخيلوا إن بوش أو بوتين أو حتى رئيس المالديف اومانماركان بحضرة احد الرؤساء أو الحكام العرب وتجرئ صحفي وقذف بقلمه لا حذائه عليه فكيف ستكون العاقبة ، بالتأكيد سوف يقتل في مكانه والتهمة ستكون جاهزة ، وهي التجسس والخيانة العظمى ،والزيدي يعرف جيدا انه في العراق ما بعد صدام ولن يحدث له أي شي، ولذا ما قام به ليس عملا بطوليا كما صوره الإعلام العربي والبعض من وسائل الإعلام العراقي ،ومعهم الراقصين على دفوف القومجية العربية والمتباكين على شعاراتهم ،وأصحاب المزايدات السياسية الرخيصة الذين يستغلون عمل الأغبياء لتحقيق مأرب ومكاسب سياسية، بل هو عمل متهور ومستهجن والاعتراض على المسئولين ليس بالغريب عند الدول الديمقراطية ومنها الولايات المتحدة التي قذف الزيدي حذائه بوجه رئيسها، فالطماطم والبيض الفاسد هو سلاح المحتجون في المظاهرات والمسيرات، ولن يستخدموا الأحذية لأنها لا تليق بالمستوى الأخلاقي عند هؤلاء،
فكيف بالصحفي الذي يحمل القلم والكلمة الصادقة وهي الأدوات الحضارية والسلاح القوي والحقيقي الذي يمكن إن يواجه به من يراه عدوا ، لا سلاح الهمجية والأفعال المشينة . ولذا فأن الزيدي قدر كل هذه الأمور تقديرا جيدا ووجد أن الفرصة مناسبة لتحقيق طموحه في الشهرة والمال، وسلك بذلك أسهل الطرق للوصول إلى غايته، بعد أن باع أخلاقيات المهنة وضربها بحذائه قبل أن يضرب بها بوش الابن واسقط بذلك قناع الصحافة الذي يرتديه ولا يستحقه من خلال عمل صبياني طائش باسم المقاومة ورفض الاحتلال ،وكأن التحرير لن يأتي إلا بقذف الأحذية ورفع الشعارات التي رافقتنا أكثر من ثلاث عقود وتركت ورائها الخراب والدمار،وتعسا للأمة التي تريد أن تستعيد كرامتها وتحرر أرضها بالأحذية والهتافات والشعارات ، ومنهم الزيدي الذي شوه مفهوم الرسالة الإعلامية الحقيقية في العراق بعد سنوات الحيف التي مرة به، واستبعد كل القيم والأخلاق العربية التي بها تصان كرامة الضيف مهما كانت نياته وأفعاله خصوصا عندما يكون بحضرة وضيافة رئيس وزراء منتخب وهو بالتالي رمز لجميع العراقيين من الناحية الدستورية والأخلاقية ، ونحن كعراقيين لم تنطلي علينا أهداف ومأرب الزيدي في ما فعل لاسيما وانه يعيش هواجس الشهرة بعد سنوات عاشها كصحفي مغمور يجهل قيم ومبادئ المهنة التي ينتمي إليها ،ولا يكاد يذكر بين مجاميع الصحفيين والإعلاميين البارزين في العراق ، بعد أن تقلدت الصحافة والإعلام مركزها الحساس كسلطة رابعة في العراق الجديد .
وقد يكون الهدف الذي سعى إليه الزيدي قد تحقق من الناحية المادية فقط ، من خلال بروز اسمه وسطوع نجمه في الكثير من وسائل الإعلام ، ألا انه من ناحية أخرى قد جلب لنفسه العار والمهانة كصحفي خان مجموعة القيم والتقاليد والثقافة الإعلامية ، وقيد نفسه بالتبعية لأعداء العراق والبعث، وكونه لم يتبرأ إلى ألان من اؤلئك الذين جعلوا قنواتهم الفضائية في خدمته طوال هذه المدة وهم الذين شاركوا في قتل العراقيين وسرقوا أموالهم وهربوا بها إلى الخارج ،والذين انبروا للدفاع عن الزيدي من محامين، عرب هم من دافع عن صدام في المحكمة وهم الذين نصبوا سرادق العزاء له بعد إعدامه . وأنا أتحدى الزيدي أن يتبرأ من هؤلاء أو من البعث أو أن يقول عنهم كلمة واحدة ، والسبب بسيط ،لأنه لايريد لشهرته الاندثار فوحدها فضائياتهم هي التي تطبل وتزمر له وبغير ذلك سيطويه النسيان .
وختاما أقول للزيدي أين كان حذاك عندما كان البعثيين يقتلون الشباب عند صلاة الجمعة في مدينتك ، مدينة الصدر وأين شجاعتك عندما هدموا بيوت المصلين وأين وأين وأين ؟ وأين أنت من أبو تحسين ذلك الشيخ الذي ضرب صورة الطاغية صدام بنعاله الممزق يوم السقوط ، فهو لم يكن يبحث عن الشهرة كما تبحث عنها أنت، ولم يطلب المال كما تطلبه ، بل كان يقذف سنين الظلم والجور وأيام القتل والحرمان ، وثأرا للشهداء والثكالى والأيتام ، فشتان مابينك وبين أبو تحسين، فهو ضرب بنعاله لوجه الله وأنت ضربت بحذاك لكي تكون نقاهتك في اليونان، وبيت في دمشق، وشقة في بغداد ،وطائرة خاصة لذهابك وإيابك ، وكنت ومازلت وستبقى في عيون المنصفين وصمة عار في تأريخ الصحافة العراقية' لأنك أمنت العقاب فأسأت الأدب. بقلم داود نادر نوشي
https://telegram.me/buratha