رشيد عبد النور
ابت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الا ان تسهم، مشكورة، بفعالية " دسمة"في تبديد جو المعاناة الاليمة التي يعاني منها العراقيون بصورها ومصادرها المتعددة ، من شحة التيار الكهربائي وانقطاعاته المبرمجة وغير المبرمجة الى شحة ماء الشرب وماء السقي والى هموم نقص الحصة التموينية وتدهور مستوى التعليم وانتهاءا بالبطالة وتدهور الوضع الامني ... الخ الخ وتلطيف مناخاتهم الشائكة هذه، ولو على نطاق محدود يخص المعنين بالامر ، بـ" نكته "رائعه لا نعرف في اي "خانه " يمكن ان نضع تصميمها الرائع وتكوينها الفريد... هل نضعها في خانة ما اصطلح عليه " الاجندات " في لغة هذا الزمان السياسية ام " الفيكات " وفقا للمفردة الشائعة في لغة شباب اليوم ، ام في خانة ألـ" البوريات "وفقا للغة السوق !!
والقصة ياسادتي ان وزارة " كل العراقيين "كما صرح في اكثر من مناسبة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، اعلنت شروط القبول في الدراسات العليا لهذا العام، وكان من ضمنها شرط العمر المحدد بسن الاربعين بالنسبة لدرجة الماجستير والخامسه والاربعين لدرجة الدكتوراه . وحيث ان من فاتتهم فرص الدراسه العليا ، دون ان تبرد او تنطفيء جذوةالحماسه لمواصلتها والرغبة في العطاء عبرها ، كثيرون بفعل الظروف السابقه التي ارتهنت القبول في هذه الدراسات لاشتراطات لا صله لها بالعلم والمعرفه ، كما هو معروف ، فقد بادر العديد منهم ، فرادى وجماعات،الى طرق ابواب الوزارة ، ومكتب السيد الوزير تحديدا ، ووسائل الاعلام ، عبر تقديم الالتماسات والرجائات،حتى استجابت الوزارة المذكورة ، فرفعت حدود السن المقرره الى 45سنه للماجستير والـ50 للدكتوراه، لكن ، تحصيل الحاصل كان يشير بوضوح الى ان جل ضحايا تبعيث التعليم والمعرفه كانوا ممن تجاوزوا السن المذكوره ، مما دفعهم الى العودة الى طرق ابواب الوزارة ، في هذا الزمن السعيد ، الذي تفتقر فيه كل مفردات حياتنا الى الاليات والتنظيم، فتعمل كل مؤسسة ووزارة وكانها تبدأ من الصفر وتمر قراراتها باستمرار عبر خط متعرج من التعديلات والتعديلات اللاحقه التي يمليها صراخ الضحايا والمغبونين حتى تنتهي بعد لأي الى صيغة معدله الى هذا الحد او ذاك ، غير ان الوقت يكون قد فات على المستفيدين وذهبت مراجعاتهم واصواتهم وصرخاتهم ادراج الرياح!!!
لقد استجابت وزارة التعليم العالي ،ثانية،استجابة كانت متأخرة جدا ، لتلك المطالب والالتماسات ، واعلنت عن طريق الصحافة وموقعها الالكتروني، في بداية الاسبوع الماضي، عن "مبادرتها الكريمة" او " مكرمتها" ونحن الشعب الذي تعود ان ياكل بمكرمه ويشرب بمكرمة ويتنفس بمكرمة !اعلنت استثناء الدارسين على النفقه الخاصة من شرطي العمر والمعدل ، فاستبشرنا خيرا وهرولنا باتجاه الكليات المعنيه في بداية الاسبوع "المبارك"، يومي الاحد والاثنين ، فابلغنا ان التعليمات الرسمية لم تصل بعد ولا يمكن الركون الى مجرد ما ورد في الاعلام حيث لايمكن اتخاذ اجراء رسمي دون ان يتعزز بوصول ما يخصه عن طريق البريد الرسمي ، وقيل لبعضنا ان مطلع الاسبوع اللاحق سيكون مناسبا لوصول مثل هذه التعليمات ، فبادرنا الى المراجعه في اليوم الاول من الاسبوع الحالي ، الاحد13/9/2009وهنا فوجئنا بالنكته اللطيفه التي اضحكتنا قليلا وابكتنا طويلا ! " اين كنتم لقد انتهى التقديم وكان الخميس المصادف 10/9هو اخر موعد حيث وصلتنا التعليمات يوم الثلاثاء 7/9 وحددت الخميس10/9 كاخر موعد لقبول طلبات التقديم!
كان العبد لله الفقير ، خادمكم، احد الحالمين بالفرصه المتاخره التي حرم منها ، دون وجه حق ، طويلا ، فتشبثت بالمنطق والمعقول والمالوف ، لكن الباب كان قد اغلق بوجهي وأرتني الموظفه المعنيه عددا "من الفايلات ، " لقد تم التقديم يومي الاربعاء والخميس واغلق وانتهى كل لاشيء، ذهبت الى مسؤول الدراسات العليا في كليتي " دكتور .. هل ترى في الامر شيئا من المعقوليه " اجاب مشكورا "اطلاقا .. ولكن ماذا نفعل هذه تعليمات الوزاره "!! ولانني " دقه قديمه " وما ازال اتشبث بالمعقول والمنطقي ، وغيرهن مما يثير الضحك والتندر ، هذه الايام ، ولا شك ، فقد اسرعت بخطاي نحو الجامعه وانا اردد كالممسوس " غير معقول ... غير منطقي ... ثمة خطأ في الامر "لكني لم اظفر بما يشفي الغليل هناك سوى كلمات اسر لي بها مسؤول " طيب خاطرك استاذ وانشاء الله فرصه اخرى ، ماذا نقول نحن الذين استنسخنا كتاب التعليمات من المراجعين انفسهم ! بل وماذا تقول بعض الكليات التي وصلها الكتاب يوم الخميس نفسه ، وهو موعد انتهاء التقديم !!!" وهنا استخدمت " ذكائي الوقاد " يعني جاء هؤلاء المعنين ومعهم " فايلاتهم " وكتاب التعليمات بايديهم قبل ان يصلكم عبر البريد ؟ بالضبط... وصورناه واعتمدناه من خلالهم !!!
وهنا قلت لنفسي " لك عرب وين طنبوره وين " وانا ازداد يقينا بانني ما زلت ذلك الطنبوره القديم، وسرح فكري باتجاه ممارسه " اصيله " من ممارسات النظام " الزاهر " السايق حينما كانت قوانين وتعليمات معينه تفصّل ، خصيصا ،على مقاسات اناس معينين ، يعلمون ،وحدهم، بموعد صدورها وتاريخ نفاذها الذي غالبا مايكون لايام معدوده ، بل وحتى ساعات ، فيهيؤن كل شيء قبل ان تنشر في الجريدة الرسميه !!! قلت مستغربا للموظف المعني، الذي ابدى تعاطفا واضحا معي " هل تعتقد ان الامر اليوم يشبه ماكان عليه البارحة " فاجاب بضحكة فاقعه....عليك نور !!!
https://telegram.me/buratha