بقلم:فائز التميمي
منـذ أكثر من ثلاثة أسابيع وملف تفجيرات الأربعاء الدامي في بغداد لا زال متفاعلاً ويُلقي بظلاله على الوضع السياسي في العراق. وقد تناولت كثير من المقالات ظاهر الأمور أما الأمور الخطرة فلم يُلقَ عليها الضوء وهي أهم من الظواهر ومنها:(1) إنّ الساسة العراقيين لا زالوا مركزيين في تعاملهم مع الأحداث فتفجيرات تازة وتلعفر والكحلاء والحلة ليست أقل من تفجيرات بغداد نعم لأهمية العاصمة سياسياً فقد تفاعلت معها القنوات والصحف والسياسيين ولكن ما نتحدث عنه هو رد فعل السياسيين العراقيين كافة بدون إستثناء والحكومة خاصة كان في ذروته في أحداث بغداد وكان في بروده مع التفجيرات الأخرى على الرغم من أن السياسيين كافة من جميع الأحزاب والتوجهات يدعون أن أمن المواطن واحد سواءً كان في تلعفر أو في الأهوار أو في البصرة. ولكن بالممارسة الفعلية فإن مواطنين المحافظات هم من الدرجة الثانية في نظر السياسيين شأنا أم أبينا. فمثلاً عرضت كامرة مجلس محافظة بغداد فلماً عن الشاحنة بينما ليس للمجالس المحافظات مثل هـذه الإمكانيات أو حتى أقل منها ولو في المناطق الساخنة مثل ديالى وكركوك والموصل!!.(2) بغض النظر عن الخلاف بين سياسي الوضع القائم في العراق حول ملف سوريا ولكن حتى هـذا الملف فإنه من غير الواضح بيد من آل الملف فساعة يصرح وزير الخارجية وتارة أخرى مثل اليوم تصريحات خطيرة بشأن ملف سوريا من قبل سامي العسكري( الصباح الجديد 15.9.2009م) أبدى فيها تشاؤمه من بلوغ أي نتائج من الحوارات التي تجري..الخ ولا ندري بأي صفة يتحدث بصفة كونه قيادياً في الدعوة أم نائباً عن الإئتلاف أم مستشاراً لرئيس الوزراء. لأن منصب الشخص مهم في تقييم التصريحات. والسؤال : هل الملف بيد حزب الدعوة أم بيد الحكومة أم اصبحت الدعوة هي الحكومة والحكومة هي الدعوة. وأعـذروني أن أقارن مع الفارق ( والأمثلة تضرب ولا تقاس)هـذا بتصريحات أقطاب الحكومة البعثية عام 1963م فلا تميز بين الحكومة وبين الحزب!!.(3) كشفت الأسابيع الماضية عن قصور في طريقة التعامل مع الملف من قبل الحكومة فقد كان على رئيس الوزراء أن يحصر التصريحات بناطق واحد ولكن رأينا القضية إنتقلت من قضية شعب الى قضية صراع سياسي ومناكفات بين الجهات السياسية المختلفة.(4) كشفت التفجيرات عن أن صلاحيات الرئاسة أو رئاسة الوزراء أو البرلمان هي خاضعة للإجتهادات وبكلمة أخرى ليس للدستور أي قيمة ما دامت الجهة التي تفسر الدستور غير مفعلة.(5) إن تحريك ملف الإرهاب بطريقة الحكومة قد يكون له مردود شعبي كبير ولكن في النتائج قد يكون عكسيا. فعندما سحب ناصر قوات الطواريء الدولية ولم يكن مستعداً للمواجهة فقد صفق له الشعب العربي وأيده وما أن حصلت المواجهة وبعد أقل من ثلاثة أسابيع مات ناصر سياسياً ونفس الجماهير التي صفقت له لامته وتهكمت به وأسقطته سياسيا.(6) إن ملفات خطيرة مثل ملف سوريا او أي ملف يخص الدول العربية لا يجب أن يُسلم بيد شخصيات متشنجة. فقد سببت تشنجات وعصبية ومواقف جمال سالم أحد رجال ثورة مصر 1953م الى شروخ في سياسة مصر. وكـذلك أودت تصريحات ومواقف علي صالح السعدي الغير مسوؤلة بحزب البعث الى تركه السلطة وإنقلاب عبد السلام عارف.وكـذلك كانت التصرفات الهوجاء لرشيد عالي الكيلاني قد أودت بحركة مايس 1941م على الرغم من تأييد الشعب لها نكاية ببريطانيا. (7) كشفت هـذه الحادثة عن إنعدام الثقة بين السياسيين في العراق بشكل مؤلم مما لايوحي وللأسف بخير في المستقبل السياسي للعراق. وإن الشكوك بين الفرقاء زادت بدل أن تقل أمام مصلحة المواطن والوطن.(8) إن إتهام كل من يعارض أو لا يوافق على مقترح للحكومة بأنه ضد رئيس الوزراء ويريد أن يعرقل عمله وكـذلك في المقابل هواجس السياسيين من تصرفات رئيس الوزراء او حكومته وإخالها في خانة الدعاية الإنتخابية. وبين هـذه وتلك ضاعت حقوق المواطن وللأسف.كما أن النائب سامي العسكري متشائم بشأن حل ملف سوريا فإن الناس على ما أظن متشائمة من تصريحاته الغير متفائلة طوال حياته السياسية عندما كان وعندما أصبح وعندما سيكون!!.
https://telegram.me/buratha