اكرم الاسدي
قد يتوهم بعضنا بان المرجعية الدينية مؤسسة لبيان الاحكام الشرعية وتشخيص الوظيفة الشرعية (العبادية) ولا يتعدى اكثر من ذلك كبيان المواقف التي لها مساس بالواقع السياسي كالمشاركة في الانتخابات والعملية السياسية وهذه من المغالطات التي وقع بها بعض السياسيين الذين يحصرون دور المرجعية على مستوى المنحى العبادي ويجردونها عن بقية مواقف الحياة والمجتمع.كثير من الممارسات اليومية لا علاقة لها بالعبادات لكنها تخضع لضوابط الشريعة كالمباحات التي تفوق الوجوب والحرمة والمستحب والمكروه.فهناك وظائف كثيرة لا تمت للعبادات بادنى صلة لكنها تحتاج الى موقف شرعي وقد يتوقف على فواتها مفسدة كبيرة كوجوب حفظ النظام العام ووجوب حماية الناس من قبل جهاز الامن ونظام المرور التي يفرض الواقع وجوبها احياناً عندما يؤدي اهمالها الى اختلال النظام العام وسيادة الفوضى والاضطرابات.وحتى المشاركة في الانتخابات كممارسة تحتاج الى موقف عام والا يعني ان تكون اعمالاً عبثاً ولغواً دون تحديد الموقف العام ولو على مستوى المباح الذي لا يرد فيه وجوب او حرمة او استحباب او مكروه.ومن الاخطاء القاتلة التي وقع بها بعض الاسلاميين هو تصورهم بانهم لا يحتاجون الى مواقف المرجعية الدينية الا في المواضع التي هم يشخصونها بالرجوع وليس المرجعية الدينية بينما العمل السياسي لخطورته وتعقيداته وتداعياته وما يمكن ان يؤدي احياناً الى انتهاكات الحرمات واراقة الدماء وخصوصاً في العهد السابق زمن المعارضة.والوهم الاخر الاكثر خطورة هو تصور اخرين بانهم هم الذين يحددون للمرجعية الدينية وظيفتها وموقفها وكأن المرجعية الدينية تأتمر باوامرهم وتمنع بنواهييهم بينما المرجعية الدينية هي التي تحدد الموقف الشرعي والوظيفة العملية للمكلفين وليس العكس.والوهم الثالث الذي وقع به بعض الاسلاميين هو تعاطيهم مع الموقف المرجعي بانتقائية وبنظرية الربح والخسارة فيستجيبون لها في المواطن التي تحقق لهم مصالحهم وينأون عنها في المواقف التي تستلزم تضحيات وتنازلات عن بعض المصالح والمنافع الحزبية.واما المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي نشأ وتحرك في اجواء المرجعية الدينية فيرى خلاف ذلك تماماً فان اتباع المرجعية الدينية والالتزام باوامرها من الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها مطلقاً.وزيارة سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي للمرجعيات الدينية في النجف الاشرف واطلاعها على الاوضاع السياسية في البلاد تعزز علاقة المجلس الاعلى وقياداته بالمرجعية الدينية باعتبارها صمام امان يرجع اليها في كل القضايا التي لها علاقة في الحياة والمجتمع والسياسة.
https://telegram.me/buratha