سالم كمال الطائي
في مقال قرأته في موقع "كتابات" يتناول تاريخ حزب البعث في العراق أو بالأحرى حزب صدام حسين وعائلته وعشيرته والعبيد الآخرين! التابعين له قسراً أو طوعاً! يقول فيه كاتبه أن البعثيين لم يتخلوا عنها حتى لو انطبقت السماء على الأرض, من ناحية المنطق فعندما تنطبق الأرض على السماء! لم يبق مخلوق يستطيع الحركة وتتوقف الحياة!؟ فهذه العبارة هي من باب المبالغة الغير منطقية ومثل مغالى فيه.
من المعروف جيداً لكل ذي عقل سليم لم يمسه الضر أن حزب البعث صناعة أميركية بواجهة عربية قومية الهدف من تأسيسه هو التصدي للتيار اليساري والشيوعي في المنطقة في حينه والذي كان على أشده وقد استقطب هذا التيار جماهير غفيرة أصبحت تشكل خطراً جسيماً على المصالح الغربية أو الرأسمالية في المنطقة فتصدت لهذا الخطر أميركا وجندت كل إمكاناتها للحد من هذا الزحف المخيف لها من أجل السيطرة على مناطق منابع النفط والمواقع الإستراتيجية لحسابات المستقبل الذي يحمل بين طياته أسباب تدهور النظام الرأسمالي العالمي وما يجري الآن في هذا العالم من كساد وتدهور اقتصادي هو أقل ما يمكن تفاديه بتلك الإجراءات التي اتخذوها ضد تحركات الشعوب نحو الاستقلال والحرية والديمقراطية ثم الاشتراكية التي هي الخطر الحقيقي الذي يهدد النظام الرأسمالي العالمي وهو أصل الصراع في هذا العالم. فكان خلق أو تأسيس حزب البعث مجنداً لهذا الغرض, غرض مكافحة "الشيوعية" ومن ثم الاشتراكية الزاحفة نحو المياه الدافئة من إيران والعراق؛ البلدان اللذان كانت تغلي في داخلهما نزعة الثورة والتغيير الشامل لتلك الأنظمة التي يهيمن عليها عملاء الاحتلال البريطاني يسانده التدخل الأميركي عند الحاجة.
فحزب البعث صناعة أميركية, كما صنعت دوائر السي آي أي أحزاب وجماعات وقيادات بعناوين وطنية واشتراكية وإسلامية تسيرها جداول عمل معدة سابقاً يتبناها رؤساء وقيادات تلك التنظيمات ثم تتحرك باتجاه ضمان مصلحة النظام الرأسمالي الغربي. كما هي الحال في صناعة حماس والجهاد وحتى منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة "عرفات" الذي جنِّد لهذا الغرض منذ كان يعمل مهندساً في الكويت!! قبل حفنة من السنين! لإحتواء المقاومة الفلسطينية والسيطرة عليها ثم تقديم خدماته لإسرائيل والغرب من خلال هذا الموقع!!؟ منطق غريب ولكنه واقعي عندما يفكر فيه العقلاء وذوي أفق نظر بعيد! نعود إلى "حتمية" عودة حزب البعث الصدامي للسلطة كما وضع لها الأخ الكاتب سيناريو العودة ومشاهد مسبقة! لما سوف يفعلونه عند عودتهم, ولقد فعل خيراً عندما سرد ذلك الوصف الذي سردتُ مثيلاً له قبل ستة سنوات وبعيد "الاحتلال" إذا انسحبت قوات التحالف من العراق - كما كان يطالب به بعض الأخوة في كتابات نفسها - ماذا سيحل بالبلد وكيف أنه سوف تستحل حرماته من جيرانه!!؟ وكل يأخذ حصته منه ويعود بدل الاستعمار من دولة واحدة إلى استعمار واحتلال من قبل دول عديدة شقيقة!! تشقه عرضا وطولا.
ثم نعود ونقول..إن صدام وجبروته وجيشه وعظمته! التي كنا نسمع بها ونراها, وقواته الأخرى الضاربة القاسية, ومخابراته المتعددة, وكمية الأسلحة التي كانوا يمتلكونها, والشعب الخاضع الخانع له والمطيع حتى الموت من أجل صدام وعائلته وعصابته المعروفة وكل ما كان لهم من دعم من بعض الدول المجاورة ذات المصلحة في وجود صدام وعصابته لم يستطيعوا المحافظة على ما يملكونه من حكم وسطوة وسيطرة ونفوذ وانهارت تلك العظمة والقوة الجبارة خلال عشرين يوماً وخلعوا ملابسهم والقوا بأسلحتهم وخرجوا هاربين من قصر الطاغية الجبان"بطرك اللبسان"!!؟ وهذه المرة الثانية يظهرون هكذا قبلها كانت في الهزيمة الأولى في عهد عبد السلام عارف! حين هربوا بالملابس الداخلية وألقوا بأسلحتهم في الشوارع وعند الجيران!! وبعدها رأيناهم وقائدهم الجرذي المهزوم كيف أخرجوه من حفرة عفنة والآخرين نزحوا ولجئوا إلى عشائرهم وأهلهم وضلوا مختبئين حتى أفاقوا من الضربة القاضية, ومنهم مَنْ هرب إلى خارج القطر وهم الآن يعملون في أجهزة مخابرات تلك الدول كالعبيد أذلاء يعرضون بضاعتهم المستهلكة في العمالة لهذا البلد أو ذاك واستعدادهم للتآمر والتخريب والتفجير بانتظار مَنْ يعرض عليهم العمل لأغراض سياسية لهذه الجهة أو تلك, بمعنى آخر أصبحوا الآن عملاء مأجورين عند الحاجة, وإذا ما قدر للبعثيين الصداميين العودة فهم جبناء لا يعودون بإرادتهم وإنما سوف يستخدمون لتحقيق أهداف إقليمية ودولية أو سوف يستخدمهم الأميريكان كما استخدموهم أول مرة إذا رأوا أن عملائهم الحاليين لا يمكن الاعتماد عليهم فهم إذا جاؤوا فسوف يأتون على ظهر دبابة أميركية أو أردنية أو سعودية تحت قيادة وإشراف أميركيين؛ إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك وليس بقوتهم! وإرادتهم! فهم لا حول لهم ولا قوة إلا بدعم من الأمريكان أنفسهم أو مَنْ يريد الأمريكان أن يدعمهم للتغطية!!؟
أما أن هناك مَنْ يدعمهم من الدول المجاورة, فليس هناك من هذه الدول لا يأتمر بأوامر الأميريكان أو الانكليز وهم الذين يأمرونهم ما عدا سوريا فهي الهدف في هذه المرحلة كما أن سوريا بدعمها للبعثيين ضد حكومة وشعب العراق ليس في صالحهم إن كانوا يفهمون! إلا إذا كانوا يتفاهمون مع الأميريكان سراً على تغيير موظفي الاحتلال في العراق والإتيان بالبعثيين وهي كارثة؛ على العراقيين أن يستعدوا لها مهما كانت التضحيات وأن لا يغادر أي وطني غيور أرض الوطن إلا إلى باطن أرضه! ويتصدى ويتحدى البعثيين الصداميين وفقاً لما هو معروف عنه في سنين حكم الطغاة ونضاله وتضحياته الجسام في ظل حكمهم الظالم.
"خلاصة القضية توجز في عبارة"! لا عودة للبعثيين إلا بإرادة أميركية وهو العار نفسه وهم يقبلون به شريطة إعادة نفوذهم وانتقامهم من الآخرين الذين انتقموا منهم!!؟ وهكذا ستكون دوامة العنف والعنف المضاد بلا نهاية ولمصلحة "المحتل" في كل الأحوال! وجديرٌ ذكره أيضا أن ليس هناك قوة في المنطقة أقوى من القوة الأميركية وحلفائها تساندها إسرائيل عند الحاجة, فبأي قوة مساندة سوف يعود البعثيون إلى الحكم لا سمح الله ولا سمح الأميريكان!!؟ إن البعثيين جبناء في طبيعتهم ويخافون الموت وهم خبراء في استخدام الآخرين من الأغبياء والعربان! الجهلة والحشاشة ومدمني المخدرات وثلة من الصبيان الأبرياء لدفعهم للقيام بأعمال التخريب والتفجير والاغتيال أما هم أي البعثيون الصداميون فليس أجبن منهم شيء ولا ينزلون إلى ساحة الصراع أبداً ويمنون أنفسهم بالعودة!! وهيهات .. هيهات عودتهم ولا خير في الشعب العراقي إذا سمح لهم مهما كانت التضحيات فإنها سوف لن تكون أجسم من الضحايا التي سوف تذهب في عودتهم إلى الحكم وهو ضرب من الخيال المميت!!؟
سالم كمال الطائي
https://telegram.me/buratha