باسم طيبا
بعد أن أخذت الإجتماعات والمشاورات التمهيدية قسطها الوافي الذي يؤمن إخراج "الإئتلاف الوطني العراقي" جنيناً لا يشوبه أي خلل تكويني ، جرى إعلان الولادة أواخر شهر آب الماضي عبر مؤتمر صحفي تُلي فيه البيان التأسيسي ومجموعة المبادئ والأسس التي يقوم عليها الإئتلاف الجديد. وعلى الرغم من إمتناع أطراف سياسية من الإنضمام لهذا الإئتلاف، فإن منشأ هذا هو إختلاف في التفصيلات بين المكونات جرى خلال المفاوضات التي سبقت الإعلان عنه لا في مبدأ الإئتلاف، وبعد الإعلان بقي الباب مفتوحاً لإنضمام أطراف أخرى إلى جسم الإئتلاف.
وقد ضمت تشكيلة "الإئتلاف الوطني العراقي" أطراف تمثّل المكوّنات العراقية القومية والإثنية بتنوعاتها، وهذه حقيقة يعبّر عنها ما جاء في البيان التأسيسي للإئتلاف بأن الاطراف المعنية عقدت عزمها على الانبثاق بالائتلاف مؤسسة تحكمها معايير الوطنية والكفاءة والنزاهة والعطاء في رسم هيكلها وخط مسيرتها الصاعدة نحو إقامة دولة العدل. أما أبرز القوى المنضوية في "الإئتلاف الوطني العراقي" فهي : المجلس الأعلى الإسلامي العراقي برئاسة السيد عمار الحكيم، وتيار الاصلاح الوطني بزعامة رئيس الوزراء السابق د.إبرهيم الجعفري، والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر، وحزب الفضيلة، ومنظمة بدر، والمؤتمر الوطني العراقي، وحزب الدعوة تنظيم العراق - جناح عبد الكريم العنزي، وكتلة التضامن وتجمع العراق المستقل، وبعض الشخصيات مثل رئيس مجلس انقاذ الانبار الشيخ حمد الهايس، ورئيس هيئة علماء العراق في البصرة خالد الملا، فضلاً عن شخصيات مسيحية وصابئية وعربية اخرى من سائر محافظات العراق.
وبالرجوع إلى الفترة التي سبقت إنطلاق الجهود من أجل إعادة تشكيل "الإئتلاف الوطني العراقي"، فقد كثرت الأحاديث والتحليلات التي تقيّم أداء "الإئتلاف العراقي الموحّد"، ودأبت عدة أطراف سياسية ومؤسسات إعلامية على مناقشة دوره، وذهب بعض هذه الأطراف والمؤسسات إلى إبراز فشل كامل لمجمل نشاط الإئتلاف على مدى سنوات أربع.بالمقابل لم ينف رموز الإئتلاف وجود الخلل فيه، وجرت مراجعة لأداء الإئتلاف أُفسح المجال فيها لإستلام آراء الشارع العراقي ، وجرت نقاشات تقييمية بين أهل السياسة والإعلام تهدف إلى إستخلاص دروس وعبر من المرحلة السابقة، كما جرت مكاشفات أدت إلى تشخيص كثير من مكامن الخلل، كما أثمرت عمليات المراجعة إكتشاف عدم خلو مسيرة الإئتلاف السابق من إنجازات أشار إليها رئيس الإئتلاف العراقي الموحد الراحل السيد عبد العزيز الحكيم في البيان الذي أعلن فيه البدء عن تشكيل الإئتلاف الجديد قائلاً "إن تماسك الائتلاف وفاعليته قد انقذت العراق من ازمات وتحديات خطيرة على صعد الامن والاستقرار ومواجهة الارهاب والقاعدة وبقايا السلطة السابقة والخارجين عن القانون، كما سعى الائتلاف العراقي الموحد بشكل دؤوب الى تحقيق السيادة الكاملة بخروج القوات المتعددة الجنسية وكذلك سعيه لاخراج العراق من البند السابع .. كذلك سعى الائتلاف العراقي الموحد عبر حكومة الوحدة الوطنية الى تفعيل الوضع الاقتصادي العراقي وانفتاح العراق عل كل دول العالم ليرسم للعراق موقفاً مهماً بين الدول حيث شهد العراق لقاءات وزيارات مهمة لمسؤولين كبار من مختلف اقطار العالم " .
وبحسب زعماء الإئتلاف الجديد فإن حسنات المضي في خيار الإئتلافات الواسعة ليست فقط لأنها تخدم العملية السياسية وتسهل خيارات الناخبين وعملية تشكيل الحكومة و تشريع القوانين، كما أن أهمية الإئتلاف لا تقتصر على أنه يؤسس لتكتلات وطنية غير فئوية متحالفة معه أم منافسة له.فجانب من أهمية هكذا إئتلاف يكتسبه من كونه يطرح برامجاً وأوراق عمل إطلع أطراف الإئتلاف جميعاً عليها وشاركوا في إعدادها لتكون قاعدة الإنضواء تحت لواء "الإئتلاف الوطني العراقي" وهذا ما أشار إليه رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم الذي يقود حزبه عملية تشكيل الإئتلاف بالقول خلال مقابلة تلفزيونية :" ..نحن أمام أوراق مقبولة من جميع الاطراف السياسية والاطراف عبرت عن رغبتها في الانضمام الى الائتلاف وأطلعت على هذه الاوراق من حيث الثوابت والمبادئ وهيكلية الائتلاف العراقي" .
وخوضاً في مضمون الإئتلاف الجديد، يتكشّف أن قراءة دقيقة تمت للمعطيات ولمجريات الأحداث خلال الفترة الماضية أسهمت في بلورة الأسس التي وردت في الإعلان عن "الإئتلاف الوطني العراقي" والتي ركّزت على قضايا عدة أهمها:o إعتماد الدستور كأساس لبناء دولة المؤسسات والقانون. o الإيمان بوحدة العراق أرضاً وشعباً.o تحريم الإقتتال الطائفي وحل المشكلات عبر الحوار.o العمل على إنسحاب جميع القوات الاجنبية من كافة الأراضي العراقية.o إحداث تنمية شاملة مبنية على رؤية استراتيجية.
وليس من شك أن التحديات التي تفرضها المرحلة المقبلة في العراق تقع مسؤولية مواجهتها على القوى والمكونات السياسية التي يتم تفويضها شعبياً في نهاية كانون الثاني المقبل. والتحديات هذه تتمحور حول عدة ملفات في طليعتها إستكمال وإعادة دفع عملية البناء في سبيل تأمين شروط نهوض العراق مجدداً كبلد رائد ذو دور حيوي في المنطقة والعالم، وملفات مواجهة الأجندات المشبوهة في داخل العراق وفي محيطه التي تريد القضاء على العملية السياسية فيه ..مواجهة هذه التحديات يقتضي إعطاء الأولوية للمصالح العليا على مستويين ، أحدهما من قبل الكتل السياسية فيما بينها والآخر فيما بين مكونات كل كتلة سياسية.وكلا المستويين يفرض على الأطراف السياسية العراقية تهميش مصالحها الضيّقة التي في حال السعي ورائها تكون كفيلة بحرمان الدورة البرلمانية المقبلة فرصة تحقيق الكثير من الإنجازات المؤملة.
https://telegram.me/buratha