سعد شهيد الركابي
منذ الف واربعمئة عام حقق الشيعة اول فوز لهم في التاريخ ..ومنذ ذلك التاريخ فشلت كل محاولات الانتصار عليهم وظل انتصارهم الاول مدويا حتى هذه اللحظة ..بل ظل أفقا ترتمي عنده كل انتصارات الاجيال بل كل تطلعاتها السامية ..اشقى الاخرين ابن ملجم فتح الباب لانتصار لازلنا نشهد حلاوته ..ونمعن في تذوق لذته ..وننهل من معانيه وننسج الحكايا الطوال كلما احلكت من حولنا ليالي الزمان وكلما احاقت بركبنا صنوف القهر والحرمان ..فعلي في الكوفة لم يسقط كخليفة قضى عليه خارجي لعين ...ولم يستشهد يوم استشهد كقائد اغتالته ايادي متمرة او خارجة عن الدين والملة ..بل انتقل من قيادة الامة اماما وقائدا وعالما الى مرتبة القيادة الروحية التي لا يمكن قهرها ..فتفجر علي ينابيع سقت زروع المكارم واثمرت تحت ارجلها اشجار التحدي ..انتصر علي حين احرز انتصاره الدائم ...وبعد ان احرز كل الانتصارات في كل وقائعه ومعاركه في سوح الانس وميادين الجن ..وعنوانات الملاحم والوان الفتن ..لكنه انتصر في رمضان نصرا لا يعرفه الا من ذاق حلاوة الشهادة ..تلك الحلاوة التي سبقه اليها حمزة والطيار ...فرفع الى السماء مع النبيين والاولياء والصالحين ..منتقلا من مرحلة الحركة المحدودة بالوقت والزمان والعلة والسبب الى مرحلة القيادة التي لا تحدها حدود ...و لا يقهرها قاهر ..ولهذا ذهبنا نزور علي ...لا لنعزي بفقد علي ...بل لنعزي انفسنا التي شحت ان يكون علي لها قدوة ..وياليتنا كنا معه فنفوز فوزه العظيم ..ليست قبة الذهب التي تسرق الابصار وتنيخ رواحل المهتدين وتجمع صفوف المحبين وتنير ليالي المخبتين وتورق لها امال العارفين بحدود الله والمهتدين باولياء الله بل هي اكثر من ذلك ..هي تلك البداية لرحلة الخلود ..وسفر التجلي وديمومة الورود على حوض المفاخر كل حين ..وطيب ال محمد تنثره السماء على الارض فيعطر قلوب المحبين ويبشر بالعدال والرحمة الدائمة ..بل هي كأس مزاجها عبير الاخرة وتنسيم الدنيا .....صورة الملاك وخطى الانسان ...حظوة المثال وقوة البشر ..قبة علي في ارض الغري كانت على الدوام اقواسا تشد عضد المؤمنين بالله الواحد الاحد ..وتمنحهم تلك الهالة الايمانية المتالقة وتحكي لذواتهم قصة الشهادة والثبات والعطاء الذي لاينضب ..وهي ايضا ذلك الرجع البعيد لسيرة الاولين الذين قالوا ربنا الله فما وهنوا وما كل ساعدهم عن البذل ولا شحت نفوسهم عن العطاء ...فان حانت ساعة الخلاص منحوا النفوس ..وفارقوا حطام الملذات ..وهللوا حين يجيء امر الله على يد خارجي غادر ..ولهذا السبب ..وحين تسرقك النظرات وتتعلق منك الزفرات بذلك المكان الطاهر الذي يربض فيه ابو الحسن ...ولا تحسبنهم امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ..تغلبك الهيبة ...ويطأطأ كبريائك ذلك السجود الطويل لمن كرم الله وجهه تكريما ..كرمه يوم جعل بيت الله له مهدا ..وجعل فراش النبي له لحدا ..وجعل الائمة الاطهار من بضعة المصطفى له ولدا ..تقتفي خطاك حين ترحل في عالم ليث الله الغالب تلك الخطى المهيبة الثابتة التي ما زحزحتها الحشود وشهدت بباسها الجنود ..ويوم بدر وحنين والخندق ...وما ادراك مالخندق ...بل ما ادراك باي فلك تدور وكل افلاك ابي الحسن منيرة وكل شموسه اخذة بابصار الذين ظلموا ..والقاسطين ...والناكثين ..والمارقين ..وحق علي وحق اليقين ...وعلى صراط علي فليهتدي المهتدون .. بين السماء والارض علقت قبة ابي الحسن صفراء تسر الناظرين ..حمراء تبهت الحاقدين ..خضراء خفاقة رايتها الى يوم الدين ..وبين الحق والباطل اصابع اربع قبض بها الكرار على مقبض سيفه ذائدا عن حدود الله ...وكتب اسطرا خالدة في متون العلم وابواب المعارف ..بل كان باب كل علم وبوابة كل فتح ومفتاح كل هدى وعاصم من النار كل من به بعد الله استجار ..ومن لم يعرف علي عليه السلام ..فهو جاهل ..ومن عرفه وانكره ..مأسوف عليه في الدنيا ومغضوب عليه يوم يقوم الحساب ...فزت ياعلي حين عانقت هامتك ضربة قاتلك ...فقتل هو وخلدت انت في كل ارض وعند كل ماثرة وكنت سقفا تظلل كل الماشين الى درب الاباء..فزت ورب الكعبة ..واندحر كل من مالئك ..وحاربك ..وجهلك ..وسبك ...فارتفعت وهبطوا ...وسموت واندثروا ..والتمعت وأفلوا ...فلك مني السلام ...وعليك السلام ..يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .
https://telegram.me/buratha