ساجد البصري ..
الجزء الاول
(ونحن نعيش الذكرى السنوية لتأسيس فيلق بدر ..يحق لنا ان نستعرض مسيرة اولئك الرجال الظافري الذين اختطوا لهم في العلى مكانا ورسموا مستقبل العراق بالصبر الكفاح وعشقل للعراق لايبارى ..)
في حياة كل امة رجال يدفعون عنها الاذى والملمات ويذودون عن حماها بالروح والدم والانفس والاولاد والثمرات ..فلولا حب الوطن لخربت بلاد السوء ولولا الدماء التي تصبغ دروب الحرية لما عرفت البشرية مفاهيم التحرر والرقي ولما سادت العدالة .. العدالة التي حمل لوائها رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم ثم تظافر من بعده ائمة اهل البيت مقتلين ومصفدين ومسمومين لا تثنيهم عن كلمة الحق لومة لائم ولا تردعهم الملمات والخطوب ..في ارض العراق ..وفي كربلاء الشهادة رست سفينة ابي عبد الله الحسين لتكون سفينة النجاة ومصباح الهدى الذي علم العراقيين ان الموت انتصار وان الدم ينتصر على السيف وان الاعناق تعانق السيوف حين تحل ساعة الفداء وحين يكشف اللئام عن وجوههم ويسفر الصبح مشروطا بذلك الدم العبيط يسقي جماد الارض ويباسها ..فما اكثر ما سيق الى مذبح الحرية من العراقيين الخلص الذين ابوا إلا أن يعلو شان الوطن ويرفوعوا رايته ويتموا نعمة الحرية بالانتصار على السيف ..
العراق ...ارض الرافدين والحضارة ومهد الرسالات ومهبط ادم عليه السلام كان على الدوام تلك الرحى التي تتطاحن فيها عظام الموت مع جماجم الابطال فتكتب صفحات رائدة بدم الشهادة ..وتصبح الملاحم باكف الرجال الرجال ..ومهجهم ..لم يشهد التاريخ الحديث للعراق كما هو تاريخه ابدا ان استكان العراقيون للظلم او ناموا على الظيم ..وكان من يمزج دجلة والفرات مشربا له يصبح عتيا على الجلادين وابيا على الظالمين ومتمنعا على الراغبين في التحكم برقاب العباد ..فمن الترك الى الانكليز كان ابناء العراق يتسابقون للموت ويتبارون الى سوح الفداء ويرفعون في سوح الفخار راياتهم ويرفرف فوق هاماتهم تلك الاشرطة التي تطرز ايامهم بالامجاد فيخلد التاريخ بفخر ماثرهم ..لم يكن خلاص العراق من الاستعمار في عام 1936 الا استمرار ا لتلك الفصول المؤلمة من تاريخ البلاد وسعي قادة البلد وساسته لانتزاع كامل الحقوق المغصوبة والسيادة المنقوصه فكان العراق الاسرع في ذلك ..بل كان العراق الاسرع في اعلان دولته عام 1921 بعد ثلاث سنين فقط من اكمال الانكليز لاحتلال العراق ..كانت مواقف ابناء العراق الجهادية في المنتفق والفرات الاوسط التي مهدت لثورة النجف عام 1918 ثم ثورة العراق الكبرى عام 1920 جزءا من ذلك السيل الثوري الهادر الذي قوبل به الانكليز بل اذهلوا به ..فكان العراق البلد الاول في العالم الذي تحتله الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ثم تعلنه دولة تحت الانتداب ..ولم يكن الانتداب كافيا لاقناع العراقيين بالرضوخ للمحتل ولا معاهدة عام1936 كفيلة بجعل طلبة المدارس والكليات والشعراء والمثقفين يوقفون تظاهراتهم المطالبة بالاستقلال التام ...وتاسيس دولة حديثة يحترم فيها الانسان ويسودها العدل والسلام ويحكمها القانون ..
في عام 1958 انتهى عهد الملكية في العراق واعلنت الجمهورية ..وكانت السنوات القلائل من حكم عبد الكريم قاسم غير كافية لانجاح مشروع الدولة العراقية العصرية التي سرعانما اغتصبت من قبل البعثيين في شباط الاسود من عام 63 ..واعلنوا جمهورية البعث الاولى .. وكانت تلك اللحظة بداية للعصر المظلم الذي مرت به الحياة السياسية والعصرية في العراق ...والتي شهدت اقصى درجات دمويتها مع تبوا صدام لمقعد السلطة في عام 79 ..كانت سلطة البعث قد نجحت قبيل استيلاء صدام على السلطة رسميا في كبح جماح الاعلام وتهميش الحركة السياسية في البلاد وتقييد الحركة الاسلامية والتضييق عليها ..
فلما جاء صدام اعلن الحرب على كل شيء ..الدين والثقافة والحرية والتعددية الحزبية والحريات العامة ..وصار كل شيء محظورا في ارض الرافدين الا صدام ..وما يمليه على حزبه الحاكم من افكار تسوق بالقوة الى الشعب المغلوب على امره ..ورغبة من صدام في امتصاص الغضب الجماهيري وتمكين سلطته من التحكم في رقاب العباد ولاضعاف الوسط الشعبي وشن عمليات التصفية والتغييب والاعدام والتهجير ضد من لا يجاريه في القول او الفعل فقد اعلن صدام الحرب على ايران في الثمانين من القرن الماضي ..
في تلك الحرب الضروس التي طحنت مع ما طحنت من خيرات العراق ورجاله وجد صدام فرصته السانحة في توجيه الضربات القاصمة للحركة الاسلامية في البلاد بعد اعدام السيد الشهيد الاول واخته بنت الهدى .. ولما كان الشهيد محمد باقر الحكيم العضد المفدى للشهيد الصدر الاول وساعده الايمن ورافع راية الجهاد معه في وجه الظلمة المرشح الثاني لقيادة الحركة الاسلامية في البلاد فقد وجهت السلطة كل ما تستطيع من اجهزتها واماكانتها القمعية لتقييد حركته ومنعه من الاتصال بالجماهير بعد ان اعتقلته وطاردتاه وضيقت الخناق عليه وعلى انصاره .. فكان قرار الشهيد الراحل ان يغادر البلاد ويتفرغ لمقارعة الطاغية بكل الوسائل الممكنة مع مالهذا القرار من تبعات اليمة على عائلته وذويه وعليه شخصيا من مخاطر ومطاردات ومضايقات .. في عام 1982 وحين كان الشباب العراقي يساق عنوة الى جبهات الموت .. وحين كان الاعدام جزاء من يمتنع عن الالتحاق الى جبهات القتال كانت الحركة الاسلامية تتهيأ لخوض المواجهة المفتوحة بعد النظام المستبد بعد ان ثبت بانه لا يتورع عن ارتكاب الاثام وانتهاك المحرمات والسعي لابادة الحرث والنسل ..وكان ذلك العام بداية النهضة للبدريين الذين امسكوا بحبل الله المتين وعروته الوثقى ..فما هانوا وما وهنوا وتوكلوا على الله العزيز المقتدر ..
https://telegram.me/buratha