المقالات

عندما كنت قطعة نقود


 

في مصنع لطبع الاوراق كانت بدايتي تحيطني الالاف من الاوراق التي تشبهني والتي لها ذات لوني وبريقي وقيمتي . لم اكن اعلم لما انا في هذا المكان والى اين المصير؟ جل ما اعر ف هو صورة شخص احتلت نصف جسدي وحيرة لم تستمر طويلا فسريعا ما غادرت المكان مع مجموعة من زميلاتي وكانت الوجهة الى صندوق مظلم لامكث فيه لفترة من الزمن. كانت هذه رحلتي الاولى علمت فيها انني في دائرة رسمية في زمن يحكمه صاحب الصورة! .

 

في ظلمة الصندوق شعرت بالاختناق وتمنيت ان اخرج لاتعامل مع البشر وقد تحققت امنيتي في يوم انار فيه ضوء الشمس عتمتي وخرجت ضمن رزمة مع زميلاتي وبدأ شخص بالضغط بابهامه علينا وليأتي دوري ليرمييني بوجه زميلتي ولترتمي الاخرى على وجهي ! لم يستمر الامر طويلا فلقد توقف ليُرجع باقي زميلاتي ولنتحرر نحن وفي ذات اللحظة تم تسليمنا الى ايد دافئة  دفعتنا الى جيبه المظلم  وبين الحين والاخر يضغط علينا ليتاكد من وجودنا ويبدو ان صاحبنا موظف معدم انهكه الدهر وصلنا معه الى منزله ليتلاقه ابنه باكيا ويريد شيئا اسمه نقود وحينها عرفت اسمي !! فلقد اعطاني اياه بعد اللحاح من ابنه الذي تحدث معلم اقسم ان لا ينجحه الا بعد ان يستلم هدية ! تلقفنا الابن مسرعا الى ذاك المعلم المرتشي والذي سرعان ما سلمنا بدوره الى تاجر محتكر مقابل بعض الغذاء وذاك الاخير اودعنا في حسابه لناخذ قسط من الراحة التي طال امداها حتى خلت انني لن ارى النور ثانية.

 

وفي صباح ما كسرت كل القيود وفُتحت كل الابواب وهجمت وجوه غريبة ومخيفة علينا لتحتضننا وتركض ركظة تتبعها عثرة لتتلقفنا ايد اخرى , كانت الفوضى عارمة لم اكن لافهم ماذا حصل احسست بقطرات حمراء سقطت علي علمت انها دماء من سرقني فسارق قتل سارقي وخطفني الى المجهول شعرت بالخوف الكبير وتمنيت ان ترجع ايام الظلمة التي لم اعلم قدرها الا ان سارقي  لم يكن ليبقيني بقربه طويلا فلقد ابدلني بسيارة حديثة لشخص اصابه البلاء حيث قُتل ابنه في تلك الفوضى وحال استلامه لنا اعطانا بيد دفان ليواري فلذة كبده التراب وقد علمت ان تلك الفوضى دعيت بالسقوط .

 

وبعد فترة من الزمن سحبت روحي من ذاك الجسد ولتُوضع في اخر لا يحمل صاحب الصورة !!   وتسارعت الاحداث في حياتي فمن يد الى اخرى قضيت الايام , ايد خائنة واخرى امنة ,ايد نظيفة واخرى ملوثة حتى صرت الى يد امرأة ذهب بصرها من كثر البكاء على ابنها المخطوف وقد اخذتني الى ظليم العنجهية  ذاك هو الامام الكاظم الغيض عليه السلام حيث انها تحدثت معه عن مصابها وبكت كثيرا عنده وثم اخرجتني ورمتني في ذاك الشباك الامن وهنا  شعرت بالاستقرار ولازلت الى هذه اللحظة في ذاك المكان والذي لا اتمنى مغادرته ابدا ولا اريد ان تمسني الايد ثانية فلقد نلت ما يكفيني من المعاناة مع بني البشر وليتني اصبح سكة ذهبية في قبة صاحب المكان الذي انا فيه لارتاح راحة ابدية .

 

في نهاية قصتي هذه ليس لي الا ان اسال بني البشر لماذا امركم ليس في ايديكم فانا مجبرة على ان يرسم غيري حياتي لانني لست الا قطعة نقود بينما جعل الله لكم عقولا ومصيرا يرسمه ادراككم واعمالكم وذاك المصير مصحوب بتوفيق خالقكم فلما كل هذه الفوضى بينكم ألهذا الحد انتم في حيرة بين خط الحق والباطل مع انه واضح وضوح الشمس !! هداكم الله الى كل ما فيه خير وأُشهد الله بانني لم ارى معكم الا المعاناة سامحككم الله ووفقكم الى ما فيه خير وشكرا لله بانني لست الا قطعة نقود .

 

اختكم  المهندسة بغداد

 

        

 

 

  

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2009-07-28
اهلا بعودتك الموفقة اختي بغداد الى موقعنا العزيز براثنا
أم زيد
2009-07-28
اللهم صلي على محمد وآل محمد... السلام عليكي أختي بغداد. عودة ميمونه ومباركه إنشاء الله, كلما أدخل براثا أتلصص إسمك بين المقالات فلا تقطعي أشجانك وكتاباتك علينا, وكأنك تغويرين في أعماقنا وتخرجين الكلمه المخنوقه الى فضاء مفتوح. فما أثمن الكلمه الصادقه في هذا الزمن الصعب. اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وإذقنا حكومة آل البيت وإرحمنا برحمتك الواسعه...
احمد الربيعي
2009-07-28
والله يا اخت سؤالك الاخير محير وساله قبلك الملايين ولا اجابه لحد الان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك