علي حسن الشيخ حبيب
الفدرالية هي مجموعة من الولايات اوالاقاليم التي تجمع بين أفرادها روابط مشتركة لغوية و دينية و إقتصادية و بيئية و جغرافية. وبمعنى أخر هي جمعا من الولايات اتحدت مع بعضها البعض مع وجود قيادة فدرالية عليا تجمعهم. والعامل المشترك بين مكونات الفدرالية هو تقاسم السلطات الدستورية ما بين الحكومة المركزية والوحدات السياسية المكونة لها . وتقاسم السلطات الدستورية، قد يشمل حتى تقاسم السلطات السيادية وما يتفرع الى غيرها من السلطات الإدارية والقانونية والقضائية وغير ذلك.ويتراوح مقدار الفدرالية في سعتها أو ضيقها على أعطاء سلطات واسعة الى الحكومات المحلية ولا تبقي للحكومة الفدرالية سوى بعض السلطات السيادية المتمثلة في وزارة الخارجية والدفاع عن الحدود الفدرالية للبلد .يكون تمويل الحكومة الفدرالية معتمدا على المساهمات المالية للولايات المكونة لتلك الفدرالية معتمدا على الضرائب التي تجبى من الاقاليم وكذلك صادرات البلد المتنوعة.
ولنأخذ مثالا على ذلك الفدرالية الأسترالية، فاستراليا هي عبارة عن ست ولايات تسكنها غالبية من المهاجرين البيض من أصول بريطانية والايرلنديون ( العبيد البيض) والاوربيون من الايطاليون واليونانيون الذين اتوا بعد الحرب العالمية الثانية ، مع وجود أقليات من السكان الأصليين ومهاجرين متعددين الاعراق والجنسيات وتخضع لسلطة الحاكم العام الذي يمثل الملكة البريطانية .
هذا ونالت استراليا الاستقلال بعدالإستفتاء على النظام الفدرالي في عام 1901 بعد ان أصدر البرلمان البريطاني تشريعا يسمح بتكوين الفدرالية الاسترالية بسيادة سياسية وإقتصادية كاملة. نص الدستور الإتحادي الاسترالي على توزيع الصلاحيات والسلطات بحيث حصر بيد السلطات الاتحادية الفدرالية فرض الضرائب الدفاع السياسة الخارجية بكاملها .
أما الحكومات المحلية فقد أعطيت السلطات الادارية مثل الشرطة المحلية المستشفيات التعليم، النقل العام.
وهناك امثلة كثيرة على الفدرالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية و كندا والهند ولكن تم الابقاء على السلطات السيادية كاملة بيد الحكومة الاتحادية الفيدرالية مثل الخارجية وخصوصا في قضايا التعامل مع دول أجنبية أو التحالفات العسكرية أو أمور الدفاع عن سيادة الدولة .
نص الدستور العراق الذي تم اقراره بالإستفتاء الذي جرى في عام 2005، على حق تشكيل أقاليم تؤسس وفقا لأحكام المادة 113 من الفصل الأول من الباب الخامس. والمادة ( رقم 115)، بأنه يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناءا على طلب بالإستفتاء عليه.أما بشأن توزيع السلطات ما بين الحكومة الفدرالية والأقاليم أن المادتين، (116) و (117)، حيث تترك الأولى للإقليم مسؤولية وضع دستور خاص به، يحدد فيه سلطاته وصلاحياته وآليات ممارستها، وبما لا يتعارض مع الدستور الفدرالي. والمادة (117)، تعطي للإقليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
والمعروف إن أهل الجنوب والوسط قد عانوا من الظلم على مرور الحكومات العراقية المتعاقبة وعمليات القمع والتهميش وإلاذلال وإفقار الشيعة في الوسط والجنوب، ، وقد آن الأوان لإنصافهم وتمكينهم من حكم انفسهم بأنفسهم واستغلال مواردهم وثرواتهم المحلية،وخصوصا النفط في اعمار مدنهم المخربة عمدا من قبل حكومة صدام البعثية وتعويض سني الحرمان والفقر والعوز التي عانت مناطق الجنوب والوسط منها .
وكانت لدعو الإئتلاف العراقي الموحد بأقامة فدرالية الوسط وجنوب العراق على غرار الفدرالية في إقليم كردستان.
واما الطرف الاخر الي يرى في الدعوة للفدرالية دعوة خطيرة، الظروف الراهنة.
والكل يعلم ان العراق قد كان قريا جدا لحوث حرب أهلية واصبح البلد فيها ساحة للصراعات الطائفية العنيف ما بين جهات نفعية بعضها مأجورا وبعضها غير عراقي، وأصبح هناك تحالف يضم البعث والارهاب الوهابي الذي تقودة قوات الاحتلال ومخابرات الدول الاقليمية. إن الولايات المتحدة لا تتفرج، إنما هي تخطط وتدعم وتشجع وترشي وقد تضطر أن تغتال أو تقتل وتورط آخرين عند الضرورة، وربما بصورة غير مباشرة، من أجل إضعاف الجميع، وربما بأسلوب سياسي لا عسكري.
و لكل فئة أو جهة أجندة خاصة بها،إلا إنها تلتقي جميعا وبأساليب مباشرة أو غير مباشرة، بقتل العراقيين الابرياء رجالا ونساءا وأطفالا ، وبتدمير موارد البلاد بتفجير انابيب وحقول النفط والمصافي اوالبنى التحتية للبلد .
وبعض الاطراف السياسية الفاعلة في الساحة العراقية (الشيعية) يدعون الى التريث بالمطالبة في اقامة فدرالية الوسط والجنوب الى ان تتم تصفية الإرهاب ويستقر البلد ويعود الأمان، ليقرر بعد ذلك العراقيون نوعية النظام الفدرالي الذي يرغبون.
إن الفدرالية حق أباحه الدستور لنا في اختيار النظام الذي يحكمنا بعيدا عن الدكتاتورية ومخلفاتها المؤلمة لنا جميعا وأثارها في جلب الإرهاب الأسود الطاغي اليوم في العراق، و تدخل دول الجوار السافر في الشؤون الداخلية للعراق حتى وصل بملك السعودية الى التهديد في استخدام القوة لنصرة السنه في العراق؟؟؟
وأن الفرصة لا تزال سانحة لاقامة نظام فدراليات أو أقاليم لامركزية بصلاحيات وسلطات منسجمة مع روح الديمقراطية والعدل وحق الإختيار وكفاءة الأداء.
وهي تمثل صمام الامان لمستقبل ابناء الوسط والجنوب وتقطع الطريق على الذين لديهم هوس عودة الدكتاتورية، وسياسة الانقلابات العسكرية بربط صغائر الامور وكبيرها في المركز على حساب المحافظات .
علي حسن الشيخ حبيب
https://telegram.me/buratha
