المقالات

السلطه الحاكمه..واستقلالية المثقف والجمهور اليعربي

853 19:01:00 2009-07-11

الدكتور يوسف السعيدي

منذ أمد ليس بقريب، وكلما اشتدت خيبات السياسي، يتم التوجه إلى المثقف بالسؤال عن هذه الخيبات، أو عن أحوال لواقع مترد لا علاقة له فيه، كذلك لا يد له، والمفارقة الطريفة في ذلك كله هو تضخيم الحديث عن دور المثقف واستقلاليته، في وقت يدرك فيه كثيرون أن «المثقف» لم يكن يوما إلا تابعا، أو ذيليا للسياسي برضاه أو قسرا، وفي احسن أحواله ناجيا بجلده، طالبا للسلامة في زمن يعانده.وبرأيي لا تعدو فكرة «استقلالية المثقف» اكثر من كونها فكرة تحيل إلى مفهوم ذهني وتجريدي، وتقع ضمن خيارات الذهني الممكن لكنها بحال لا يمكن أن تكون ممكنا واقعيا يصمد أمام الممارسة الحياتية، ذلك أن المثقف العربي ليس نبتا بريا ونسيجا آخر مكتفيا بذاته، وهو ليس خارج النسق والبنية التي أفرزته ابتداء وهو بالضرورة أيضا وعلى صعيد ذهني ومعرفي أسير راسب «تراثي» وتاريخي طويل، وهو مستلب طوعا أو قسرا لهذا الإرث ـ الاستلاب التراثي ـ وهذه مصادرة أولى لمعنى الاستقلالية رغم كل محاولات القطع مع هذا الإرث وما يحيل إليه من بنية قبلية.المسألة أيضا لا تقل خطورة إذا ما تم الحديث عن الراهن، بمعنى الممارسة الثقافية اليومية بدءا من مواجهة استحقاقات التصادم مع المنظومة القيمية الاجتماعية وانتهاء برعب السلطة والمصادرة الأمنية.ومن هنا يبدو لي أن المثقف يملك اكثر من غيره حساسية للقلق لا لشيء جيني بل لأنه بالأساس مهووس بقلق التغييري والثقافي، هنا لا أريد أيضا أن أعطي المثقف دورا رساليا اكثر مما يجب ولكنها بنيته النقدية والتجاوزية على أية حال.الى اي حد يستطيع المثقف مع وجود يحاصر لقمة عيشه ان يبقى مثقفا مستقلا، بمعنى ان ينتج معرفة ترتطم مع السائد من مؤسسة النظام الذي يعتاش منها، وهل نضجت أصلا «السلطة» لدينا لتقبل بالمثقف وشروطه بما يمنحه ان يكون مثقفا اي صاحب رؤية نقدية تتجاوز السائد وتتخطاه؟!وإذا سلمنا بأن المثقف قادر على إقامة التوازن بين شرطه المعيشي وشرطه الثقافي، فإنه علينا أن نقبل بعد ذلك أو نتوقع خطابا توفيقيا وجمعا للأضداد! ليس من حق أحد عزل أحد، ولا حتى إدانته، على الأقل في ذلك الجانب الإنساني الذي يضطر معه ليس المثقف، بل كل إنسان أن يعمل في مؤسسات النظام. مطلوب هنا أن نصفح لرجل الأمن وان نغفر قمعه، فهو مضطر ... الخ.من ناحية أخرى، ليس هناك مؤسسة مستقلة أصلا لتمنح الاستقلال والحرية للمثقف، في فترة ما كان الرهان على حركات التحرر والتي كان وقودها المثقفين، وحتى هذا، ما ان كان المثقف يرتطم مع خطوطها كان لا يفقد استقلاله وحسب، بل يفقد ذاته وحتى حياته أحيانا، ثم دعني أجازف وأسأل في ظل تراجع السياسي المريع، وفشل كل مشروعات النهضة العربية من هي المؤسسة المعنية الآن في الوطن العربي بالثقافة أصلا، فضلا عن أن تؤمن حماية مادية ومعنوية للمثقف.ولا يبقى إلا مؤسسات التمويل الأجنبي، التي لها أيضا اجندتها الخاصة والتي يفترض أن تكون مرفوضة من المثقف نفسه. الشرط الإنساني واحد وهو نفسه، لدينا أو كما لدى الآخر، لكن المسألة لدينا اكثر حضورا، ذلك ان المثقف العربي افترض فيه ابتداء أن يكون طليعة أمة مغلوبة وكان عليه أن يعيش قدره المأساوي على الدوام بين نارين «غرائز الجماهير وسيف السلطة»، أو أن يختار بين ذهب المعز وسيفه وان يعيش المأساة بين غرب أو آخر يتجاوزه وشرق ينتهي إليه وعليه أن يقاوم استبداده وتخلفه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك