ابو هاني الشمري
ليس بعيدا عن السياسة ولكن قريبا من قلوب اهلنا لندخل في موضوع يمس العنوان من قريب.العراقي ينفرد عن غيرة من ابناء جلدته العربية والاسلامية بروح النكتة التي لايسلم منها كل شئ حتى المصائب التي يحولها المكتوي بنارها الى نكت تتوزع في مجلس العزاء احيانا الى ابتسامات وضحكات ترتسم على الجميع حتى ذوي اهل العزاء انفسهم … فصارت هناك نكات خاصة عن الاكراد واخرى عن الدليم واخرى عن اهل الناصرية وعن اهل الموصل وعن الحشاشة وعن البعثية وكذا نال الحرب العراقية الايرانية نصيب ايضا اما صدام وحكومته وجيشه والبعثية فحدث ولا حرج وبضربة على محرك البحث في الانترنت لكل من المسميات اعلاه تجد مايغنيك عن الكثير وتنفجر له ضحكا وانبساطا مع ابناء هذا الشعب الخلاق.
ولما كان العراقي بكل اطيافه يصنع الفرحة ويختلقها اختلاقا رغم كل المحن والمآسي التي مرت وتمربه اصبح لديه سمة اخرى تميزه عن غيره من دول العرب وهي التسميات للاشياء .. فكل شئ يدخل عليه لابد ان يطلق له تسمية جديدة تختلف كل الاختلاف عن اسمها الحقيقي فالسيارات لها قصة شيقة تطول بطول سنين اختراعها وتطورها فمن سيارة ابو عليوي التي اطلقت على ماركة دودج الامريكية في خمسينات وستينات القرن الماضي الى نعمان والاخرس وليلى علوي والبطة وراس الخروف والجلاق وابو ردين والبهبهان والكثير مما لامجال لحصره وهو يحتاج موضوع خاص به قد يتعرض له احد الاخوة الكتاب المهتمين بهذا الشأن, الى تسمية الناس بالقاب خاصة بهم مثل عدي باروكة وسالم برغي وعادل كير ووسام ملكية وناصر صاروخ الخ من تلك التسميات التي يعرفها اهلنا, وقد اطلق على احد الاخوة قديما اسم عبد مجولك ولما استفسرت عن سبب هذه التسمية قال لي احدهم انه بينما كان عبد يستبدل اطار سيارته المثقوب شد الصواميل بقوة مما ادى الى سحق اسنان احدها فقال المسكين ( البرغي جولك)اي انسحقت اسنانه وقد سمعها بعض الاصدقاء بقربه فأطلقوا عليه عبد مجولك منذ ذلك الحين حتى بقيت في اولاده الى يومنا هذا.
والموبايلات لم تسلم من التسميات فمن الطابوكة الى الدبة والدمعه والدمعتين والقادم يخفي الكثير. الى تسميات غريبة على صفات الناس فالفقير يقال له حديقة والمشترك مع عصابات الخطف يقال له علاس والمرأة المتوسطة العمر يقال لها ايجه والمرتشي والسارق يقال له لغاف كما كان يقال للشرطي سابقا ابو الواشرات وان استمرينا بهذه المسميات سندخل في متاهة لانخرج منها.
ان قمة التمرد الذي اظهره العراقي على جور السلطة البعثية آنذاك كان من خلال تحويره لاعمال تلك الفئة الاجرامية بما يتناسب واعلامها المسلط على رقاب الناس على مدى اربعة وعشرين ساعة يوميا فصار التحويرفي مفردات الاغنية يردده اطفال المدارس كلما سنحت لهم الفرصة بعيدا عن رقابة عصابات البعث المنتشرة في كل مكان فاصبحنا نسمع(طبينا القصر الجمهوري ولكينا عزت الدوري يمسح بالكاع) ردا على انشودة عونج ياكاع و( هي ياسعد ياجدنا غاز ونفط ماعدنا) ردا على انشودة هي ياسعد ياجدنا يالرايتك من عدنا و( عمت اعيونك سيدي رايتك سوده سيدي) ردا على كرّة اعيونك سيدي رايتك بيضه سيدي و(هلهولة للبعث الساقط) ردا على انشودة هلهولة للبعث الصامد , وهي كثيرة بكثرة الاناشيد التي لم تفتأ تتكرر على اسماعنا طوال سنين عجاف مررنا بها, وسأتعرض لتلك الاناشيد في موضوع قادم.
ولأن العراقي تعب من كثرة المغامرات المدمرة التي ادخله بها ارعن الجبناء صدام الحفر فقد بدأ يتذمر من كل مايصدر من تلك الحكومة الشريرة بما يخالفها في الرأي من الاعلام المضاد الذي ذكرنا بعضه الى قلب ماتريد ان تبرزه تلك العصابة على انه انجاز تاريخي ليحيله الشعب الى حجمه الحقيقي الذي هو عليه اصلا .. فكانت معارك صدام الاجرامية ضد الجميع من القادسية الثانية الى توكلنا على الله والانفال وتاج المعارك وام المعارك واخرها الحواسم التي حسمت بتعليق قائدها بحبل المشنقة ورمي اتباعه وافكارهم في كنيف التاريخ.
اراد صدام ان يجعل اسماء رنانه لكل جرائمه بينما عمل العراقيون عكس ذلك فمن شاهد محاكمة الجرذ واعوانه يطّلع الى تلك الحقيقة فقد اصبح مصطلح المؤنفلين شائعا يطلق على كل مغدور وضحية وقع بتلك المعركة التي اطلق عليها الانفال لتبقى تلك التسمية عار يلاحق قادتها ابد الدهر بينما تجد اليوم كل شئ مسروق مالاً كان ام قطعة ارض ام سيارة تسمى حواسم نكاية بمعركة الصرصور التي خرج منها مخزيا من ذلك الجحر النتن.. ولهذا اصبحت كلمة حواسم عند العراقيين وحالما يقولها اي انسان تعني مال مسروق.. حتى انها اصبحت لها مشتقات من اللغة العربية فاذا قيل فلان حوسم تلك الارض فهذا يعني انه استولى عليها بدون موافقة صاحبها,ثم اصبحت محوسم وتحوسم وحوسمه كلها مرادفات شائعة وكلها تعني سرقة وانتهت والى الابد من فكر العراقيين كلمة حواسم على انها حرب التحرير التي ارادها صدام كما ادعى حينها.
فهنيئا لقادة الحواسم باللقب الذي اطلقه عليهم العراقيين فهم يستحقونه بكل جدارة وهنيئا لاهلنا في العراق تلك الطريقة الرائعة بتسمية الجرائم التي ارادها الطغاة لتخليدهم بما يستحقونه لتنقلب تلك التسميات وبالاً على قادتها. ولأننا اردنا ان نبين قدرة العراقي الخلاقة في الرد الساخر والاقتباس المفرح في كل الظروف فلتكن خاتمة مقالي اقتباس من تعليق ساخر كتبه احد الاخوة على مقالة في احد المواقع يرد بها على كاتب بعثي مشبع بذلك الفكر العفن كي يلقمه بما يستحق قائلا:
اراد احد البعثيين المتأثرين بعقيدة الحزب حتى النخاع ان يشتري ديكا من السوق فقال للبائع اريد ان تعطيني ديكا بشرط ان يكون بعثي!! فما كان من البائع الا ان اخرج ديكا من القفص بسرعة وقال له:تفضل .. هذا ديك بعثي ابن بعثي بلا منازع فتعجب البعثي وقال له : وكيف عرفت انه بعثي بهذه السرعه رد عليه البائع: عمي هاي مبينه ومتحتاج شطاره … شوف هاي الديوجه اللي بالقفص كلها تاكل حب بس هذا الديج ياكل خــــــــر......) وعذرا للاخوة القراء ان نقلت الكلمات كما ذكرها الاخ المعلق ولكن بتصرف.وفعلا كان رده على ذلك الكاتب البعثي بل على كل من يحمل افكار ذلك الحزب الاجرامي بطريقة لاتدع مجالا للشك بأنهم طوال سنيين حكمهم للعراق لم يبدر منهم الا ماهو تخريب للفكر والاخلاق والعلم والابداع وها أنتم تشاهدون بأم اعينكم ماخلفه البعث لنا من بلد مدمر في كل مفاصله حتى وصلوا الى تخريب النفوس من خلال كثرة المفسدين والمرتشين الذين نلاحظهم في دوائر الدولة.
https://telegram.me/buratha
